أقسام المادة
فاعلية برنامج علاجي معرفي- سلوكي في خفض أعراض الاحتراق النفسي
صفحة 2
صفحة 3
صفحة 1 من 3 "من الموضوعات التي بدأت تستقطب اهتمام الكثير من الباحثين في مجال السلوك التنظيمي أو السلوك في مجال العمل هو موضوع الضغوط التي يختبرها الفرد في بيئة العمل. ونظراً لوجود الفروق الفردية فأن هناك تباين في مواجهتها فالبعض ينجح في التعامل مع الضغوط ويستمر في العطاء والبعض الآخر وإن كان نجاحه اقل نسبياً إلا انه يتجنب اليأس والعجز التام. أما البعض الآخر الذي نعتبره سيء الحظ فهو من النوع الذي تنهكهم الضغوط تدريجياً من الناحية النفسية والعضوية ويصبح على درجة ملحوظة من الاتجاهات السلبية نحو ما يقوم به من عمل ونحو الآخرين ونحو الحياة بصورة عامة وكما يتفق المهتمون بهذا الموضوع يصبح هذا البعض ضحايا ظاهرة الاحتراق النفسي بسبب تعرضه المستمر للضغوط الأمر الذي يسبب الإنهاك والاستنزاف البدني والانفعالي."(عسكر،1987، 75-77) ولا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة الاحتراق النفسي تلقى حالياً الكثير من الاهتمام من قبل المختصين في جميع الدول المتقدمة وتجرى الكثير من البحوث التي تدرس هذا الظاهرة وليس هذا فحسب بل انه يتم إنشاء العديد من المراكز الإرشادية المختصة في معالجة هذه الظاهرة. وعلى الرغم من وجود الكثير من المظاهر الدالة على وجود هذه الظاهرة في مجتمعنا والمتمثلة في التعب والإرهاق وفقدان الاهتمام بالعمل وفقدان الاهتمام بالآخرين والسلبية في مفهوم الذات عند الفرد. إلا أننا حتى الآن نعاني من مشكلة جهل من قبل أفراد المجتمع بطبيعة المشكلة وأثارها وأعراضها وكيفية الوقاية منها. ومن هنا ظهرت الحاجة إلى إعداد بحث يلقي الضوء على بعض النقاط الأساسية في ظاهرة الاحتراق ويهدف إلى زيادة الوعي بهذه الظاهرة وأثارها كما ويقدم دراسة لبرنامج إرشادي مقترح للمساعدة في التخفيف من حدة الأعراض الناتجة عن هذه الظاهرة.
مشكلة البحث: يتعرض العاملون في المهن الإنسانية والاجتماعية عموماً إلى مجموعة من الضغوط والمؤثرات التي تستنزف الطاقة النفسية للعامل وتؤدي به إلى حالة من عدم التوازن مما ينعكس سلباً على سير العمل ضمن المؤسسة وعلى الدافعية والانجاز وكما يتعداه إلى أكثر من ذلك من حيث التأثير السلبي على الزملاء والأشخاص الذين تقدم له الخدمات.(الخرابشة،2008، 300)
ومن خلال خبرتي الشخصية وملاحظتي لزملائي بالعمل لاحظت وجود بعض المظاهر الدالة على وجود ظاهرة الاحتراق النفسي لدى العاملين في المؤسسة والتي تجلت في مظاهر عدة منها نقص الدافعية للعمل – التغيب المتكرر – انخفاض الأداء والانجاز – الروتينية بأداء واجبات العمل – حالات قلق وتوتر- ومن هنا برزت الحاجة إلى إجراء هذا البحث بهدف التعرف على فاعلية برنامج إرشادي معرفي سلوكي مقترح يقدم الخبرات والمعارف الضرورية التي يمكن من خلالها التخفيف من حدة الاحتراق النفسي. وبناء على ما تقدم يمكن تحديد مشكلة البحث بالسؤال التالي: ما مدى الفاعلية التي يحققها البرنامج الإرشادي المعرفي السلوكي المقترح للتخفيف من حدة الاحتراق النفسي لدى العاملين. أهمية البحث: الأهمية النظرية: 1- طبيعة المشكلة التي يتصدى لها البحث وما يمكن أن ينجم عنها من مشكلات صحية ونفسية تنعكس سلباً على الفرد والمؤسسة التي يعمل بها ومن هنا تأتي أهمية الكشف عن هذه الظاهرة وتشخيصها ووضع خطة لمواجهة هذه المشكلة في مجال العمل. 2- من المتوقع أن يسهم البحث في اقتراح بعض الحلول الملائمة للتخفيف من انتشار هذه المشكلة لدى العاملين وإلقاء الضوء على بعض النقط الأساسية لتفادي هذه المشكلة. الأهمية التطبيقية: 1- يتوقع أن يؤدي البرنامج إلى مساعدة العاملين في تعلم مهارات تساعدهم في التخفيف من حدة الاحتراق النفسي لديهم. 2- سعى البحث إلى تقويم برنامج إرشادي يتضمن عدداً من المهارات المعرفية والسلوكية التي يمكن توظيفها للتخفيف من الاحتراق. أهداف البحث: سعى البحث إلى إعداد برنامج إرشادي لتنمية مهارات معرفية وسلوكية تساهم في التخفيف من الاحتراق النفسي. والتأكد من فاعليته لدى العينة المستهدفة بالبحث ويتحقق هذا الهدف من خلال الأهداف الفرعية التالية: 1- تحديد درجة الاحتراق النفسي لدى العاملين وذلك من حيث الشدة 2- تدريب العاملين على البرنامج المعد لتنمية مهارات مواجهة الاحتراق النفسي 3- التحقق من فاعلية البرنامج المقترح في التخفيف من حدة الاحتراق النفسي لدى العينة التجريبية بعد تطبيق البرنامج التدريبي مباشرة(القياس البعدي) 4- التوصل إلى بعض المقترحات التي يمكن أن تساهم في التخفيف من حدة الاحتراق النفسي لدى العاملين في قسم الائتمان وكذلك العاملين في مهن مشابهة وذلك في ضوء النتائج التي آل إليها البحث. أسئلة البحث: 1- ما هي درجة الاحتراق النفسي لدى العاملين وفق مقياس سيدمان للاحتراق النفسي؟ 2- ما مدى فاعلية البرنامج الإرشادي المقترح للتخفيف من حدة الاحتراق النفسي لدى العينة التجريبية؟ فرضيات البحث: لا يوجد فرق ذو دلالة إحصائية في درجات المجموعة التجريبية على مقياس سيدمان للاحتراق النفسي قبل تطبيق البرنامج الإرشادي ودرجاتهم بعد تطبيق البرنامج الإرشادي. حدود البحث: أ- الحدود البشرية: تكونت عينة البحث من جميع العاملين والعاملات في قسم الائتمان وعددهم عشرين وتم اختيار خمسة أفراد منهم كمجموعة تجريبية لحصولهم على أعلى درجات بمقياس سيدمان للاحتراق النفسي. ب- الحدود الزمنية: الفترة بين 13/11/2008 ولغاية 21/11/2008 فيما يتعلق بتطبيق البرنامج الإرشادي.كما جرى تطبيق القياس البعدي للمجموعة التجريبية بتاريخ 21/11/2008 أما الحدود الزمنية فهي بين 10/11/2008 ولغاية 21/11/2008. متغيرات البحث: 1- المتغير المستقل: وهو البرنامج الذي يتكون من مجموعة من المهارات المعرفية والسلوكية التي جرى إعدادها لتلاءم حاجات أفراد العينة المستهدفة بالدراسة والمعدة من قبل الباحثة. 2- المتغير التابع: وهي التغيرات الحاصلة في درجات أفراد العينة التجريبية وذلك على المقاييس المستخدمة(مقياس سيدمان للاحتراق النفسي) في هذا البحث من خلال إجراء مقارنات بين درجاتهم قبل تطبيق البرنامج وبعده مباشرة. منهج البحث: تم استخدام المنهج التجريبي الذي يعد من أكثر المناهج ملائمة للهدف من البحث الحالي. عينة البحث: العينة التجريبية:تكونت من خمسة أفراد جرى سحبهم بالطريقة المقصودة وذلك لارتفاع درجاتهم على مقياس سيدمان للاحتراق النفسي. أدوات البحث: 1- مقياس سيدمان للاحتراق النفسي 2- البرنامج الإرشادي المعد من قبل الباحثة. التعريف بمصطلحات البحث النظرية والتطبيقية: الاحتراق النفسي: وهو الدرجة التي يحصل عليها العامل على مقياس سيدمان للاحتراق النفسي والتي تقاس من خلال الأبعاد التالية: عدم الرضا الوظيفي –الضغوط المهنية-انخفاض مستوى المساندة الإدارية – الاتجاه السلبي نحو الزبائن. موظف قسم الاتتمان: وهو الموظف المسؤول عن مراقبة قيم مكالمات المشتركين وذلك للحفاظ عليها ضمن الحدود المطلوبة مما يخفف من نسبة الخطر الواقع على الشركة من جراء الارتفاع في المكالمات. البرنامج الإرشادي:وهو منظومة مهارات معرفية سلوكية يتضمن (الاسترخاء-مراقبة الأفكار السلبية-استبدال العبارات السلبية في الحديث مع الذات بأخرى ايجابية)بهدف زيادة الوعي لدى العاملين بأهمية الحوار الذاتي وتأثيره على السلوك ومحاولة تدريبهم على فنيات للتخفيف من درجة الاحتراق النفسي لديهم. القوانين الإحصائية التي تم استخدامها: تم استخدام قانون ت ستيودنت لقياس الفروق في الدرجات على مقياس سيدمان للمجموعة التجريبية قبل تطبيق البرنامج الإرشادي وبعد تطبيقه. الفصل الثاني: الدراسات السابقة 1-الاحتراق النفسي لدى العاملين مع الطلبة ذوي صعوبات التعلم في غرف المصادر. 2-العلاقة بين الاحتراق النفسي لدى معلم المدرسة المتوسطة، والضغط النفسي والرضا الوظيفي، وأساليب التكيف. 3-العلاقة بين الضغط النفسي والاحتراق النفسي واستراتيجيات معالجتها لدى مديري المدارس الثانوية في ولاية واشنطن دراسة د.عمر محمد الخرابشة: هدفت الدراسة إلى التعرف على مستوى الاحتراق النفسي لدى العاملين مع الطلبة ذوي صعوبات التعلم في غرف المصادر، وقد تم تطبيق الدراسة على عينة تضم (166) معلماً ومعلمة في مديريات تربية العاصمة، والبلقاء، والكرك، في المملكة الأردنية الهاشمية، يشكلون نسبة (51.9) من مجتمع الدراسة البالغ عددهم (220) معلما ومعلمة في المملكة. توصلت نتائج البحث إلى أن درجة الاحتراق النفسي لدى العاملين مع الطلبة ذوي صعوبات التعلم كانت بدرجة متوسطة على بعدي الإجهاد الانفعالي، وتبلد المشاعر، وبدرجة عالية على بعد الشعور بالانجاز،فضلاً عن وجود فروق ذات دلالة إحصائية وفقاً لمتغير الجنس لصالح الإناث بالنسبة لبعد الشعور بالانجاز.في حين لم تظهر الدراسة وجود فروق ذات دلالة إحصائية وفقاً لمتغير الجنس بالنسبة لبعدي الإجهاد الانفعالي وتبلد المشاعر، ووجود فروق ذات دلالة إحصائية على الأبعاد الثلاثة بالنسبة لمتغير الخبرة ولصالح ذوي الخبرة ممن لديهم خمس سنوات فأكثر. دراسة كونيرت (Konert -1998) هدفت الدراسة إلى فحص العلاقة بين الاحتراق النفسي لدى معلم المدرسة المتوسطة، والضغط والرضا الوظيفي وأساليب التكيف، وبلغت عينة الدراسة (220) معلماً ومعلمة من معلمي المدارس المتوسطة في منطقة حضرية كبيرة، وتوصلت الدراسة إلى أن الضغط الوظيفي، والتكيف الذي يركز على المشكلة، كانا مؤشرين هامين للاحتراق النفسي، بأبعاده الثلاثة، وان المعلمين الذين تعرضوا لضغط اكبر أشاروا إلى مستويات أعلى من الإرهاق العاطفي، ومستويات اقل من الانجاز الشخصي، وعدم وجود فروق دالة إحصائياً في الاحتراق النفسي، والضغط الوظيفي، والرضا الوظيفي، تغزى لمتغير الجنس.(الخرابشة،2005،309) دراسة شوميت (shumate-1999) حول العلاقة بين الاحتراق النفسي والضغط النفسي، واستراتيجيات معالجتها لدى مديري المدارس الثانوية في ولاية واشنطن. اجري على (221)مديراً ومديرة في المدارس الثانوية بالولاية من أصل (273) يشكلون مجتمع الدراسة. وكشفت نتائج البحث عن أن المديرين من عينة الدراسة يعانون من الاحتراق النفسي بدرجة متوسطة، على بعدي الإجهاد الانفعالي، وتبلد المشاعر، وبدرجة منخفضة على بعد نقص الشعور بالانجاز، وان أفضل طريقة لديهم التعامل مع الضغط النفسي لتجنب الإصابة بالاحتراق النفسي هي الانشغال بالعمل وتناسي أي أمر أخر.(الخرابشة،2005،310)
الفصل الثالث: الاحتراق النفسي: تمهيد تعود البدايات المبكرة لمصطلح الاحتراق النفسي burnout إلى العالم هربرت فرويدنبرجر Freudenberger 1974 م وذلك من خلال دراساته عن الاستجابة للضغوط التي يتعرض لها المشتغلون بقطاع الخدمات حيث عرفه" بأنه حالة من الاستنزاف الانفعالي البدني بسبب ما يتعرض له الفرد من ضغوط إضافة إلى عدم القدرة على الوفاء بمتطلبات المهنة". "ويعد المؤتمر الدولي الأول للاحتراق النفسي – الذي عقد بمدينة فيلادلفيا Philadelphia في تشرين الثاني 1981 _ البداية الحقيقية لتطور مصطلح الاحتراق النفسي حيث شارك فيه الرواد الأوائل للاحتراق النفسي أمثال freudenberger وmaslash وpines وpaines وcherniss "(دردير،2007، 16-17) تعريف الاحتراق النفسي عرف فرودنبيرغر الاحتراق النفسي بأنه: " حالة من الإنهاك تحصل نتيجة للأعباء والمتطلبات الزائدة والمستمرة الملقاة على الأفراد على حساب طاقتهم وقوتهم" (الخرابشة،2008، 300)
وتعرف كل من ماسلاش وجاكسون 1981 الاحتراق النفسي "بأنه إحساس الفرد بالإجهاد الانفعالي وتبد المشاعر وانخفاض الإنجاز الشخصي" ويعرف الإجهاد الانفعالي بأنه " فقد طاقة الفرد على العمل والأداء والإحساس بزيادة متطلبات العمل " بينما يعرف تبلد المشاعر بأنه " شعور الفرد بأنه سلبي وصارم وكذلك إحساسه باختلال حالته المزاجية " أما انخفاض الإنجاز الشخصي فيعرف بأنه "إحساس الفرد بتدني نجاحه واعتقاده بأن مجهوده يذهب سدى " وفي عام 1997 م عرفته ماسلاش وليتر بأنه "تغيرات في اتجاهات وسلوك انفرد نجو العمل وكذلك تغيرات في حالته البدنية وتتمثل في الإجهاد الانفعالي بل ويصل الأمر به إلى انخفاض إنجازه الشخصي " (دردير، 2007، 19-20) الجزء الأول