في حفل مهيب شارك به أهالي عرابة والمنطقة، تم تكريم فضيلة الشيخ كايد نجار على إنجازاته وعطائه مدة 70 عاماً. حفل مميز يكرم به من يستحق التكريم، وخلال حياته وعطائه وليس بعد رحيله.
في مشروع مشترك بين المجلس المحلي وجمعية التاج في عرابه تكلل بنجاح وذرف الدموع خلال حفل تكريم الشيخ كايد نجار الذي تم مساء اليوم السبت. شارك في الحفل رجال ونساء، مسلمين ومسيحيين من عرابة ومنطقة البطوف، بالإضافة لطلاب من صفه وأصدقاء قدامي لم يلقاهم سنين طويلة. بداية تم عرض شريط فيديو من إعداد قاسم بدارنه، شمل صور للشيخ كايد من مراحل حياته المختلفة وبعض من مشاريعه، والصوت في الخلفية الصوت الجميل والمميز للشيخ كايد وهو يرفع الآذان، يسحر ويمنع ويتلو السيرة النبوية. كما وشمل صور لرفيق العمر للشيخ كايد وهو الشيخ عيسى اليمني الذي سكن في بيت الشيخ مدة 40 عاماً. بعد ذلك قدم السيد قاسم بدارنه محاضرة بعنوان "التطوع والإيثار في سيرة الشيخ كايد نجار" شملت العديد من الشرائح والصور. بداية قام المحاضر بشكر كل من ساهم في إعداد الكتاب "شيخ الإعمار – كايد نجار". ثم قام بتعريف التطوع بأنه: تحمُّلُ الإنسان فعلَ خيرٍ (كبذل الجهد، المال، الوقت أو الخبرة) غير واجبٍ عليه، راغبًا فيه (بدافع ذاتي)، مُتبرِّعا به (دون مقابل مادي أو أجر معلوم).ومن دوافع القيام بالعمل التطوعي: دوافع ذاتية: لمكاسب شخصية، تعلم مهارات جديدة، الشعور بالأهمية، تمضية وقت فراغ. دوافع خارجية: عمل إنساني لمساعدة الغير. دوافع اجتماعية: للعثور على أصدقاء جدد، رد الجميل للمجتمع، الاحساس بالمسؤولية. دوافع عامة: المردود الديني، السياسي، الانساني، الاجتماعي أو الاخلاقي المتوقع منه. وعن أهمية العمل الصالح في الإسلام نجد في القرآن الكريم: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” الحج:77 ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ” البينة:7. وكذلك الأحاديث النبوية تطرقت لأهمية التطوع مثل: ” خيرُ الناسِ أنفعُهُم للناسِ “، ” لقد رأيتُ رجلاً يتقلبُ في الجنةِ في شجرةٍ قطعَها من ظهرِ الطريقِ كانت تؤذي المسلمين ”. أما الإيثار فيعرف بأنه: حب الغير (عكس الأناني او حب النفس - الأثرة). تقديم الغير على النفس. والإيثار: هو أن يجود المرء بما عنده مع الحاجة إليه، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه. وقد سجل التاريخ بأحرف من ذهب مواقف الأنصار الخالدة وما وصلوا إليه من أسمى درجات الإيثار، وذلك لما بذلوه لإخوانهم المهاجرين منذ أن وطئت أقدامهم ثرى المدينة المنورة. عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: ”ما شبِعَ رسولُ اللهِ ثلاثةَ أيامٍ تباعاً، ولو شئنا لَشبِعنَا، ولكن كان يُؤثِرُ على نفسِهِ” . بعد ذلك قام السيد بدارنه بعرض سيرة حياة الشيخ كايد منذ طفولته ونشأته وبحث في سر نجاحه في عمله والثقة الكاملة التي حضي بها من أهالي عرابه والمنطقة. ولد الشيخ كايد عام 1921 للوالدين محمد محمود نجار وعذبه عاصله- نجار. تخرج من الصف الرابع في عرابه ليكمل دراسته في المدرسة الأحمدية في عكا وليتخرج عام 1940. منذ تخرجه وهو يعمل كإمام ومدرس ومأذون ومصلح إجتماعي. من إنجازاته إدخال المياه الى عرابه كرئيس جمعية الندى، توسيع المسجد القديم وبناء ستة مساجد آخرى بالإضافة لبناء مئات الأمتار المربعة من بنايات الوقف. ساهم في بناء المدارس وكان أول من افتتح مدرسة أهلية للبنات عام 1940. هذا وساهم في بناء مساجد في القرى المجاورة، وعبد العديد من الشوارع قبل قيام المجلس المحلي مثل الشارع الرئيس وشارع سهل البطوف. هذا وقد عرض نبذة تاريخية عن حياة الشيخ عيسى ومسار تنقلاته العديدة حتى وصوله الى عرابه ووفاته عام 1980 ليدفن بجانب والد الشيخ كايد. التسامح الديني والتعايش بين المسلمين والمسيحيين في عرابه أصبح مثال يحتذى به في المنطقة، وقد قام المسيحيين بدعم بناء وتوسيع المسجد القديم، وقام الشيخ والمسلمين بدعم بناء الكنيسة في القرية. وفي نهاية المحاضرة تمنى للشيخ بإسم أهالي عرابه العمر الطويل وعقبال ال 120 مثل أول 88 عام. بعد ذلك تحدث رئيس المجلس المحلي عن شخصية الشيخ كايد، الشيخ الجليل وشيخ الجليل، وما قدمه من مشاريع يعجز عن تنفيذها المجلس المحلي. وصرح بأن المجلس سيعلن عن يوم المتطوع السنوي ليتم تكريم شخصيات عرابية قدمت لبلدها في المجالات المختلفة. وقدم شكره للشيخ وتمنى أن يمده بالصحة والعافية ليخدم أهل عرابه والمنطقة. كما وكرمه بعمل نحاسي فني يحمل صورة الشيخ. كلمة الشيخ كايد نجار كانت موجزة وهادفة ومن القلب. قال الشيخ بأن التكريم يجب أن يكون لأهالي عرابه على ثقتهم في إمامهم ودعمهم المتواصل له. ومثل ذلك بالسيارة التي لا تسيير بدون البنزين، ودعم وثقة الأهل هو الطاقة ليستمر في العطاء والعمل. سر نجاحه منذ 1940 هو في كرم وجود أهلنا وسخائهم في دعم مشاريعه المتنوعة. كما وذكر كيف انه خلال شهر رمضان الفضيل تقدم له الشباب والشابات بدعم سخي من الأموال والذهب ليكمل بناء المسجدين في طور البناء. كانت كلماته من القلب وأصغى لها الجميع بحب وتقدير. بعد كلمته الشاعرية تم دعوة نيافة المطران عطالله حنا، رئيس أساقفة فلسطين، وأثنى على دور الشيخ في الحفاظ على الدين والأرض. كما ونقل تحيات التقدير من فضيلة الشيخ صبري عكرمة، مفتي القدس، الذي تعذر عن المشاركة. تحدث عن الوحدة الإسلامية – المسيحية للحفاظ على الأقصى وكنيسة القيامة. أكد على وحدة الصف العربية (مسيحيين ومسلمين ودروز) في الحفاظ على تراثنا وديننا ومقدساتنا. ثم ألقى كلمته الأستاذ مسعود غنايم (عضو الكنيست، القائمة العربية الموحدة) وذكر بأنه كمدرس تاريخ كان يحسد عرابه على إنطلاقة ظاهر العمر من عرابه، وها هو اليوم يحسدنا على وجود الشيخ كايد بيننا. كلمة الأستاذ غنايم كانت هادفة وتطرق للأبعاد الوطنية والإجتماعية لإنجازات الشيخ كايد في عرابه والمنطقة. كلمة الدكتور حنا سويد (عضو الكنيست، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة) تمحورت حول العمل السياسي والوطني للشيخ كايد ومشاريعه وعلى حماية النسيج الإجتماعي في المنطقة. الكلمة الأخيرة كانت للشيخ كمال خطيب (نائب رئيس الحركة الإسلامية) وكانت عاطفية وغنية بالدموع. تذكر خلالها كونه فتى في العاشرة من عمره يزور أقرباء الشيخ في عرابه وتكسر يده اليسرى بعد سقوطه عن ظهر شجرة لوز. وتذكر كيف أن لعمامة الشيخ كايد كان الأثر الأكبر لتقربه للدين ولما وصله اليوم. ذكريات عاطفية ودموع شاعريه أنهت حفل تكريم تخلل الإبتسامة والعواطف والذكريات للعديد من المشاركين. مع نهاية الحفل تم توزيع الكتيب للمشاركين، وسيتم لاحقا توزيعه في عرابه ليدخل مكتبة كل بيت لنربي أبنائنا وأحفادنا على شخصية الشيخ الجليل الذي كان من وراء تطورها مدة 70 عاماً والحيل على الجرار. في النهاية أثني الجميع على حيوية هذه الخطوة المميزة وقدموا شكرهم لإدارة المجلس المحلي وإدارة جمعية التاج على التخطيط والتنفيذ لمشروع سيبقى في ذاكرة المشاركين لسنوات عدة.
مع فائق الشكر، قاسم بدارنه – مدير جمعية التاج للصحة والتراث – عرابة