ولد البروفيسور ماهر ذباح لعائلة مكونة من ثلاثة اشقاء وثلاث شقيقات ، وهو الابن الاصغر للعائلة .... بدأ مسيرته التعليمية في جامعة " ويلز " في القانون ،واستكمل اللقب الثاني والثالث في " كينجز كوليج " في لندن ، وتمحورت رسالته للدكتوراة حول " قوانين المنافسة والاحتكار في زمن العولمة " ... في عام 2005 عمل كمتدرب في المحكمة العليا عند القاضي اهرون باراك ، وهو يعتبر أحد ابرز المنظرين في مجال مكافحة الاحتكار ... ألّف 7 كتب كما كتب مئات المقالات العلمية في موضوع " المنافسة والاحتكار " وحصل على لقب بروفيسور في الـ 28 من عمره ... بانوراما التقت بذباح وسألته عن سر نجاحه ... حاوره : عمر دلاشة مراسل صحيفة بانوراما
في سن صغير نسبيا حصلت على درجة بروفيسور ، كيف تمكنت من ذلك ؟ "أعتقد أن كل انسان يمكنه أن يحقق النجاح ، وليست هذه مزايا خارقة ، انما يتعين على المرء أن يرسم هدفه ويجتهد للحصول عليه ، ولا انسى ذوي الفضل الأكبر فيما وصلت اليه الا وهما أبي وأمي ، فعلى الرغم أن ابي لم يتسن له التعليم الا لثلاث سنوات ، وعمل عملا شاقا طوال حياته ، وكانت يوم اجازته هو يوم السبت من كل أسبوع ، أذكره جيدا وهو يتنقل بين الصفوف ليسأل عني وعن اشقائي في المدرسة وعن مستوى تحصيلنا العلمي وأي الجوانب تقتضي تحسينا. لقد اهتم والدي في تعليمنا كثيرا وكذلك والدتي التي نظمت لنا أوقات الدراسة بشكل صارم ، والهدف واحد هو النجاح ، فهذه البيئة كان لها دور مركزي وعامل مهم في نجاحي ومثابرتي في التعليم ".
وكيف خطر على بالك أن تتعلم القانون وتحديدا " مكافحة الاحتكار " ؟ "لم أفكر في تعلم القانون منذ البداية ، وفكرت في البداية أن اكون كهربائي سيارات ، لكن كما قلت فانه كان هنالك تأثير للوالد والعائلة التي اقنعتني بتعلم القانون ، ولاخي الأكبر المحامي حسن ذباح كان الفضل في اقناعي للتعليم في بريطانيا . خلال تعلمي للحصول على اللقب الاول وتعليم قانون الاتحاد الاوروبي تطرق المحاضر الى موضوع " المنافسة التجارية " ، وهناك ايقنت انه الموضوع الذي يجذبني بقوة ولن اتوقف ، فهناك وجدت نفسي وعرفت انني ساحترف هذا المجال ... لقد احببته وانتهى ".
تعتبر موسوعة " المنافسة والاحتكار " من تأليفك بمشاركة المؤلف الامريكي باري هوك مرجعا قانونيا في مجال مكافحة الاحتكار ... هلا حدثتنا عن هذه الموسوعة ؟ "انها اول مجموعة تتناول قانون المنافسة ومجال الاحتكار الذي بموجبه يتم تحديد وتقييد سيطرة الشركات في الأسواق ، حيث تؤدي سيطرتها هذه الى منع ممارسة النشاط الاقتصادي ، ما يؤدي الى منع التنافس في الاسواق أو الى تقييدها او الحاق الضرر فيها . لقد استغرق اعداد هذه الموسوعة ثلاث سنوات ، وهي من تأليفي وشراكة المؤلف الامريكي هاري بوك ، كما ساهم معنا في اعداد هذه الموسوعة طاقم كبير جدا يشمل كبرى شركات المحاماة الدولية ، حيث عمل خلال هذا العمل الكبير آلاف المحامين اضافة الى اخصائيين قانونيين مشهورين في هذا المجال . ما يميز هذه الموسوعة هو عمق التحليل فيها ، وهي الوحيدة عالميا التي تغطي القانون بكافة ارجاء العالم ، وتشكل الموسوعة مرجعا قانونيا هاما للمحامين ما يساعد في تسهيل أعمالهم في الاستشارة القانونية للشركات التي تعمل في الاسواق العالمية ، كما تعتبر مرجعا هاما للباحثين في المجال بتشكيلها تصورا عالميا حول الموضوع وهي موسوعة يمكن ان تخدم الحكومات في صياغة سياسات وقوانين".
هل تعتبر نفسك شخصا محظوظا ، فأنت أول محاضر في كلية " كينجز " كان عمره 23 عاما ، وكان يمكن ان تعمل محاميا بعد التخرج عام 1996 ، لكنك قررت الاستمرار في التعليم والحصول على اللقب الثاني في عام واحد ؟ "نعم ، لكن قل اني مجتهد صبور . لم تتأت الأمور بهذه البساطة التي تصفها ، كانت هناك لحظات صعبة من حيث عدم توفر المال الكافي لشراء حتى بعض حاجيات أساسية احيانا مثل مدفأة بقيمة بسيطة ، كما اضطررت للعمل في شتى الاعمال مثل مصنع الحديد مع والدي وفي بقالة ، ولا يمكن تعويل الامور الى الحظ ، رغم انني محظوظ جدا بعائلتي وباخوتي وبابي وامي ، انها عائلة رائعة وانا مدين لها ، لكن مع ذلك قررت ان اواصل تعليمي ونعم اجتهدت وكنت جادا جدا الى ان وصلت الى تعليم اللقب الثالث وانا في سن الـ 23 عاما ، وكنت حينها محاضرا في القانون في اعرق كلية للقانون في بريطانيا ".
هل تتذكر موقفا أبكاك ؟ "نعم ... انها رسائلي الى عائلتي ، فلقد اعتدت اثناء تعلمي للقب الاول ان اراسل عائلتي ، ونحن نتحدث عن حقبة زمنية مختلفة جذريا عن ايامنا ، وفي تلك الايام لم يكن هناك بريد الكتروني ولا برامج اتصال مثل " الفايبر " ، ولا حتى انترنت ، وحتى المكالمات الهاتفية كانت نادرة وقليلة جدا لغلاء ثمنها ، وعليه كانت الرسائل هي وسيلة الاتصال . مؤخرا كنت أرتب بعض الاوراق في البيت ووجدت كافة رسائلي الى عائلتي ، فقرأتها وتذكرت تلك الأيام حتى بكيت ... كانت لحظة اعادت شريط حياتي أمامي ".
رغم نجاحك ، الا ان طريق العمل لم يكن سهلا وورديا في البلاد ، لماذا ؟ "قد اكون قاسيا اذا اجبت بنعم تجاه شخص واحد اعتبره صديقا حميما هو القاضي يورام دينتسيغر الذي قبلني بحرارة للعمل عنده في مكتب المحاماة بعد انهاء التعليم ، لكنني فعلا بعد عودتي ومكاتبتي لمكاتب محاماة وشركات كبيرة ، كانت الصدمة ان أغلبيتهم لم يتكلفوا عناء الرد وبعضهم رد باقتضاب " لسنا معنيين " ، والغريب انني اليوم اتلقى دعوات من شركات ومحامين رفضوني في السابق" .
لماذا لم تنتخب لتكون المسؤول عن منع الاحتكار التجاري في الدولة رغم كل انجازاتك ومؤهلاتك علما أنك كنت مرشحا لهذا المنصب ؟ "لا أريد التباكي ، لكن الحقيقة امام الجميع ، وكما هو معروف أن هذه لجان سياسية في المقام الاول ، لكن ترشيحي وعدم انتخابي يشكل ردا وجوابا لهؤلاء الذين لطالما يقولون ليس هناك عرب مؤهلون لهذه المناصب" .
هل يصح ان يطلق عليك اسم "المحاضر الطائر " فانت تسافر جوا كثيرا وتقطع نحو 750 الف ميل سنويا ؟ طنعم انه نمط حياة اعتدته وفي السنوات الاخيرة انا دائم السفر ، وقد يحدث ان اسافر جوا 8 مرات في الاسبوع في شتى انحاء العالم ، وقد امكث في دولة لساعات ثم اعود ادراجي ، لكن اجمل الزيارات والسفرات هي السفر الى الوطن واحضان العائلة" .
مع كل هذا الكم من العلم والدراسات ، هل هناك مكان للهوايات ؟ "طبعا فانا اعشق الجنائن والاعتناء فيها وكذلك الترميم واهتم ايضا بكتابة الشعر ، وكذلك احب المسرح والاوبرا والموسيقى" .
ان تحدثنا معك بلسان الأم " متى ستتزوج وتنجب اطفالا " ؟ " للامانة أنا أحن الى ان اكون ابا وزوجا صالحا يترك كافة اعماله ومشاغله ليرافق ابنه او ابنته الى المدرسة ، وببساطة الاستمتاع بالحياة العائلية والشخصية ، لكن كما ترى فان القدر يعطيك ويأخذ منك ايضا ، فانا ممن يمكنهم القيام فورا واختيار أي مكان في العالم واسافر اليه على متن طائرة خاصة لو اردت ، لكنني لا املك بيتا مستقرا ، وان كان بيت والدي وطني الصغير ، لكن الانسان يجب ان يرضى بما قسم له ويقول الحمد لله ".
بطاقة هوية : الاسم : ماهر ذباح البلد : دير الاسد العمر : 38 عاما الحالة الاجتماعية : أعزب الوظيفة : محاضر في عدة جامعات وباحث في جامعة لندن ومستشار لعدة شركات تجارية ، حكومات ومؤسسات دولية وهو رئيس اللجنة الاستشارية لفرض ضرائب في وزارة الصناعة والتجارة في اسرائيل هذا التقرير نشر في صحيفة بانوراما يوم الجمعة 18-01-13