عالَمان..!

"لنترك النفاق جانباً، ولنخصص الأموال لمكافحة الفقر والجوع " هكذا طالب بغضب شديد آلان غارسيا رئيس "البيرو" الذي استضافت بلاده قمة الاتحاد الأوربي وأمريكا اللاتينية والكاريبي في العاصمة ليما، لكن ما الذي دفعه إلى إثارة استياء الوفود الأوربية المشاركة في المؤتمر..؟ المسألة ببساطة شديدة هي تحول المؤتمر عن الغاية التي عقد من أجلها..! إذ كان من المقرر أن تركز هذه القمة الخامسة على التغيير المناخي، والفقر، والتنمية المستدامة، والظلم والتهميش، لكن بيانها الختامي دار أساساً حول التجارة ورغبة أوروبا في عقد اتفاقيات للتجارة الحرة، مع بعض تعبيرات النوايا الحسنة فيما يخص القضايا الأخرى الأقل أهمية كمساعدة الدول الفقيرة على اتقاء المجاعات المحتملة والناتجة عن الارتفاع الجنوني لأسعار المحاصيل الزراعية. لم يكن صوت الرئيس غارسيا وحده من دوى في أروقة الاجتماعات والمؤتمرات العالمية، فقد حذر رؤساء دول الجنوب في قمة روما للغذاء من تهميش ملايين الفقراء والجائعين في العالم، مؤكدين أن هؤلاء سيتحولون في لحظة يأس إلى عامل هدم للاستقرار العالمي، كذلك سارعت منظّمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة إلى احتساب تصاعد فاتورة استيرادها من الحبوب بنسبة 56 %، وهكذا طالب برنامج الغذاء الدولي الذي يُطعِم سنوياً 73 مليون شخص في 78 بلداً بخمسمائة مليون دولار إضافية, لكن الدول المانحة اعتبرت طلباته مبالغ فيها، فلم يحصل سوى على نصف هذا المبلغ الذي يساوي تكلفة بضع ساعات من الحرب التي شنتها الولايات المتحدة على العراق، وما نسبته 13,5 % فقط من الأرباح التي حقّقها وحده السيّد جون بولسون رئيس أحد صناديق الاستثمار الأمريكية نتيجة لمضارباته في أسواق المال العالمية!