لا يختلف اثنان في دور الجامعات ومؤسسات البحث العلمي، فهي تلعب دورا مهما في التطور الثقافي والفكري العام، فضلا عن دورها في نجاح الخطط الاقتصادية والاجتماعية. كما أن البحوث العملية تؤثر في فهم الإنسان ونظرته للعالم وفي كشف مناطق جديدة من المعلومات والاحتمالات التطبيقية التي تتحول إلى وسائل وأدوات تنفع الناس وتمكث في الأرض.
وقد أظهرت بعض الدراسات أن ما ينشر سنوياً من البحوث في البلاد العربية لا يتعدى خمسة عشر ألف بحث، وهو عدد ضئيل لا يتناسب مع الإمكانيات البشرية والمالية للعالم العربي، ولا يلبي الحد الأدنى من طموحاته، كما أن أعضاء هيئة التدريس في البلاد العربية لا يزيد عددهم عن "خمسة وخمسين ألفاً، والإنفاق على البحث العلمي في العالم العربي لا يتجاوز 0.05 من الموازنات العامة، وهذه أرقام هزيلة مقارنة ليس فقط مع البلدان الصناعية بل حتى مع بعض دول الجوار مثل تركيا وإيران. كما أشارت إحصائيات خاصة بتصنيف وترتيب الجامعات الأسابيع الماضية للوضعية المأزومة لمختلف الجامعات العربية (باستثناء جامعات سعودية)، حيث جاءت الجامعات العربية في مراتب متدنية جدا مقارنة مع جامعات غربية وإسرائيلية وأفريقية.
ولنا أن تساءل أولا ما أسباب هذه العطالة العلمية والبحثية في العالم العربي؟ وما هي أسباب ضمور أدوار الجامعات والمراكز البحثية العربية؟ ما هي المعوقات والتحديات التي تواجه البحث العلمي في العالم العربي؟ وكيف يمكن التغلب على الفجوة الكبيرة بين الأقطار العربية والدول الصناعية في مجال البحث العلمي؟ وما السبب في عجز مراكز البحث العربية عن لتحويل ناتج بحثها إلى منتج استثماري؟ كيف يمكن تطوير البحث العلمي في الأقطار العربية؟ وكيف يمكن القيام بجهد عربي مشترك ينهض بالبحث العلمي ويتدارك الإخلالات الحاصلة على هذا الصعيد؟
وقد طرحنا هذا التساؤلات على باحثنين عربيين، لهما اهتمامهما في مجال البحث العلمي، وقد عاش كل منهما تجربة غنية مع الجامعات. وقد توصلنا منهما بالتالي:
واقع البحث العلمي في الجامعات العربية
يرى الدكتور عبد العزيز المقالح أن كل دولة عربية لوحدها تعجز عن القيام بالمهمة الملقاة على جامعاتها، مهما كانت إمكاناتها، فالوطن العربي بحاجة إلى مشروع نهضوي ذي إستراتيجية تعليمية وبحثية مشتركة، وإلى مؤسسة عربية تتابع على التطبيق والتنفيذ والإشراف.
الجامعات والبحث العلمي في البلدان العربية
يرى الدكتور تيسير عبدا لجبار الآلوسي أن البحث العلمي في الجامعات العربية سيظل دون جدوائية ما لم يتم الربط بين البرامج التعليمية وحاجات المجتمع في جميع التخصصات المعرفية ومن جهة التخصصات الوظيفية يلزم افتتاح الأقسام التي تستجيب للحاجات المباشرة لسوق العمل.
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات