تفاقم ظاهرة تغير المناخ بوتيرة أسرع من المتوقع يواكبه تنامي الأخطار على الصحة
ذكر عالمان أميركيان أن ظاهرة التغير المناخي تجري بصورة أسرع مما كان متوقعا وقد بدأت بالتأثير سلبا على الصحة.
من ياسمين العتيبي، المحررة في موقع أميركا دوت غوف
واشنطن،- ذكر عالمان أميركيان أن ظاهرة التغير المناخي تجري بصورة أسرع مما كان متوقعا وقد بدأت بالتأثير سلبا على الصحة.
هذا ما قالته أماندا ستاوت وهي عالمة مناخ في الإتحاد القومي للحياة البريّة، والدكتور بول إبستاين المدير المشارك في مركز الصحة والبيئة العالمية بكلية الطب بجامعة هارفارد، والذي يزاول مهنة الطب في مجال الصحة العامة الإستوائية، في حلقة نقاش حول الوضع البيئي نظمها مركز وودرو ولسون الدولي للعلماء بعنوان "الحلول الصحية للتغيير المناخي".
قالت ستاوت إن ثمة أدلة علمية متزايدة على أن "تغير المناخ يحدث بوتيرة أسرع مما كان متوقعا حتى قبل سنوات قليلة،" مشيرة إلى أن هذه التغيرات غير المتوقعة بدأت تؤثر على حياة الناس في العالم أجمع.
وأضافت: "ثمة وعي متزايد بأن هذه التغيرات ستكون لا رجعة فيها... وقد بدأنا نتأثر بها أصلا. على وجه الخصوص فإن الطقس والأحوال المناخية القصوى والجفاف والفياضانات وهطول الأمطار الغزيرة والأعاصير وحرائق الغابات، كل هذه ظواهر تشير إلى أننا نختبر ظاهرة الإحتباس الحراري في حياتنا اليومية."
تأثير التغير المناخي على صحة البشر
وقال إبستاين في الندوة أنه سيواكب حصول هذه التغيرات في المناخ تفاقم الأخطار الصحية. فعلى سبيل المثال، فإن المناخ المتغير بسرعة سيؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية.
وأضاف قائلا: "إن أول دلالة لدينا على الأمراض المعدية موجودة في جبال إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. وما نشاهده هو تقلص مساحات الأنهارالجليدية كما أن شتى أصناف النباتات بدأت تختفي في مناطق الجنوب لتظهر في الشمال، والبعوض ينتشر في مناطق مرتفعة."
ومع انتقال البعوض إلى مناطق مرتفعة ستنتقل كذلك معه الأمراض التي تتناقلها تلك الحشرات. وأشار إلى أن ذلك يؤدي إلى معدلات أعلى من الملاريا والحمى الصفراء مع اتساع رقعة الأراضي التي يتكاثر فيها البعوض.
وكانت الحكومة الأميركية قد أصدرت يوم 16 حزيران/يونيو تقريرا شاملا بعنوان التأثيرات العالمية لتغير المناخ في الولايات المتحدة، الذي يصف بالتفصيل كيف يؤثر التغير المناخي على الأميركيين. وطبقا للتقرير فإن نفس الظروف المناخية التي يمكن أن تتسبب في موجات حرارة ترفع مستوى طبقة الأوزون على مستوى اليابسة. يذكر أن الأوزون يخفض من الوظيفة القصيرة الأجل للرئتين ويمكن أن يتسبب في تلف الخلايا في بطانة الرئتين.
ويتوقع التقرير المذكور أن تزداد حالات موجات الحرارة القصوى مما سيفضي إلى وفيات وأمراض لها علاقة بارتفاع بالحرارة. ونظرا لأن حالات اشتداد الطقس تتزايد سيمثل هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات خطرا على صحة البشر. وغالبا ما تتسبب الأمطار الغزيرة بفيضانات مما يزيد من حالات الأمراض التي تنتقل عدواها بواسطة المياه. (راجع مقالا عن آثار التغيير المناخ في مناطق أميركية على موقع أميركا دوت غوف.)
الحلول الصحية والاستقرار الصحي
وقال إبستاين إن على العالم أن يركز على الحلول الصحية مضيفا أنه يجب دمج طائفة من الحلول لإيجاد "مجموعة من الخيارات" شريطة أن يعمل كل من هذه الخيارات على التقليل من الآثار المدمرة لتغير المناخ. وتتراوح هذه الخيارات من اعتماد الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح وطاقة الحرارة الأرضية، إلى تحسين إدارة موارد الغابات.
وكثير من هذه الحلول تمثل طرقا "غير مأسوف عليها" لجعل تسخين حرارة الأرض أكثر استقرارا وهو سبيل يصفه إبستاين بأنه جيد حقا ومبشر." وقال أن هذه الخيارات التي لا يؤسف عليها يمكن أن تستخدم بصورة مأمونة في الحال فيما أن خيارات غيرها مثل استخدام الوقود الحيوي وطاقة الوقود الأحفوري تقتضي دراسات أوفى قبل تنفيذها من أجل تقييم التبعات والعواقب الصحية والبيئية والإقتصادية المحتملة تقييما كاملا.
إعادة النظر في مواجهة التغير المناخي
قالت ستاوت إن التغيرات التي يمكن عكسها أو التراجع عنها أجبرت دعاة الحفاظ على البيئة على إعادة النظر في استراتيجيتهم الخاصة بمكافحة تغير المناخ.
وقالت إن "جماعات دعاة الحفاظ على البيئة تعالج بإقدام حاليا موضوع كيف سيؤثر الاحتباس الحراري على مهمته. إذ إنه منذ سنوات عديدة، ربما طوال تاريخ حركة الحفاظ على البيئة كان التشديد على إعادة أراضينا إلى حالتها البكر النقية. وهذا لم يعد الواقع. فنحن الآن نتعامل مع ظروف مناخية جديدة كليا. ولذا، فقد بات لزاما علينا أن نفكر نحن في مجموعة الحفاظ على البيئة في كيفية كل ما نقوم به بحيث يكون منطقيا في مناخ متغير."
وتعتقد ستاوت أنه رغم أن الوضع يمكن وصفه بالحرج فإن أمام العالم فرصة للمضي قدما. وقالت: "أعتقد أن الفرصة الحالية فرصة تاريخية سانحة فعلا. وكل شيء بات يتوافق وينسجم وصار لدينا وعي متعاظم بالحالة الملحة. لذا، فإننا يتعين علينا وضع حد للتلوث الناتج عن الاحتباس الحراري. ولكن في الوقت ذاته تتوفر لدينا هذه الفرصة لإعادة شحن طاقة أميركا والترويج لاقتصاد قائم على الطاقة النظيفة وحماية الحياة البرية لمستقبل أبنائنا. وهذا السبب الذي يحملني على المشاركة في هذا النشاط لأني أؤمن أنه من الأهمية بمكان أن نتخذ إجراء الآن لتوفير عالم أفضل لأبنائنا."