يفتخر الفنان العراقي ماهود احمد بأنه من ابناء الاهوار بمحافظة ميسان في جنوب العراق حيث موطن الاساطير .. فهناك انبثقت حضارة أكد وسومر .. ويبدو أهالي الاهوار وكأنهم كائنات اسطورية لا يشبهون بقية البشر. ولهذا فأن لوحات ماهود أحمد مترعة بروح الاسطورة والبطولة وبالرمزية.
وقد درس ماهو أحمد في معهد سوريكوف للفنون بموسكو في العهد السوفيتي حين كانت الواقعية الاشتراكية هي المنار الايديولوجي للفنانين ، لكنه تعلم هناك اصول المهنية والحرفية وترك الايديولجية جانبا. وكانت لوحاته منذ ان كان طالبا تجسد الاساطير الشعبية العراقية . وايامذاك اوجد اسلوبه الخاص الذي تبدو فيه آثار فن الايقونات الروسية واعمال فروبيل وفاسنتسوف الى جانب جداريات الفنانين المكسيكيين والمنمنمات في مقامات الحريري وابداع الواسطي ومدرسته. وبقي ماهود احمد حتى بعد عودته الى الوطن وفيا لهويته الشعبية العراقية ولبلدته في هور الكسارة احد فروع هور الحويزة حيث تكثر الطيور المائية والاسماك والطبيعة البدائية. لكن لا يمكن القول ان ابداع ماهود احمد يقوم على التراث فقط ، بل لا يجوز حتى القول انه امتداد للتراث بالرغم من وجود تقليد لهذا الاثر الفني التراثي او ذاك، فهو فنان معاصر يرتبط بما يجري في مجتمعه من احداث وشهد وعايش فترات الحروب والكوارث التي اجتاحت العراق خلال اكثر من ثلاثين عاما. ولهذا رسم اللوحات عن آلام العراقيين ونضال الشعب الفلسطيني.
وخلال وجوده في موسكو كان ماهود يستغل كافة المناسبات لأظهار ابداعه وعرض لوحاته ، وليس من قبيل الصدف ان طلب منه الكاتب غائب طعمة فرمان القيام بتصميم غلاف روايته الاولى " النخلة والجيران". كما عرف بميله الى الانخراط في الحياة الثقافية الروسية وكانت له صلات مع كثير من الفنانين الروس او العرب المقيمين في روسيا . كما كان كثيرا ما يرتاد المتاحف الفنية للمدينة والاماكن التي لها صلة بالفنون والثقافة في ضواحيها. ولهذا لا يمكن القول ان شخصية ماهود الفنية قد تبلورت بمعزل عن الثقافة الروسية.
حصل ماهود احمد على ألفباء الفن في معهد الفنون الجميلة في بغداد الذي تخرج منه في عام 1959 ، ثم حصل على شهادة الماجستير من معهد سوريكوف للفنون في عام 1967 ومن ثم منح دكتوراه فلسفة في الفن بموسكو في عام 1979. وعمل في جامعة بغداد ومن ثم في جامعة صلاح الدين(في كردستان العراق). ومنح لقب بروفيسور واشرف على العديد من سائل الماجستير والدكتوراه في هاتين الجامعتين. ويتمتع ماهود بعضوية نقابة الفنانين العراقيين وجمعية التشكيليين العراقيين . كما قام بنشر العديد من البحوث الفنية وشارك في معارض فنية دولية في موسكو وبراغ وتونس والمغرب ، ونفذ لوحة جدارية في مطار بغداد الدولي.
وفي الفترة الاخيرة انتقل ماهود للعمل في جامعة الاردن واقام مؤخرا معرضا بعنوان "عبور البوابات السبع" الذي تضمن 24 لوحة اكثرها مستوحاة من ملحمة جلجامش والابراج الفلكية وجميعها تعتمد على استلهام الاساطير والحكايات الشعبية وارتباطها بالواقع الذي يعيشه عراق اليوم.
- من سلسلة مقالات " مبدعون عرب في روسيا" -