مع أن وزارة الصحة قد لا تكون المسؤولة الأولى عن انتشار حمى الوادي إلا أنني فوجئت بأن أحد المسؤولين فيها يقول: إن الوزارة فوجئت بهذا المرض فابداً ليس هناك مرض ينتشر فجأة وإنما يبدأ بحالات محدودة ثم يأخذ في الانتشار إذا لم يحاصر وأغلب الظن أن التعامل مع الحالات الأولى لهذا المرض لم يكن دقيقاً رغم قربنا من مصادره وتعاملنا معها. وحمى الوادي مجرد مثال لمظاهر أخرى خطيرة تحمل الانذار المبكر لكارثة قادمة ولكننا لا نهتم بها إلا إذا وقعت الفأس بالرأس كما يقولون ثم نقول: إن ما حدث كان مفاجئا. ولست بصدد تعداد هذه الظواهر القائمة الآن في أكثر من مجال لكن ما اهتم به في هذا المقال: كيف يمكن لنا أن نستيقظ ونهتم بهذه الظواهر ونحاصرها قبل ان تشكل كارثة إنسانية واقتصادية ولكي أثبت ما أقول فإنني فقط سأذكر نموذجاً واحداً يتحدث عنه الجميع. إنه وجود مباني مدارس في حالة خطرة تنذر بكارثة قادمة على أولادنا ولاسيما مدارس البنات، أجل هناك مدارس قد تسقط بسبب المطر وقد تحترق بسبب التماس كهربائي وقد تناولت الصحافة بعضها ولكن لا حياة لمن تنادي، فالرئاسة العامة لتعليم البنات تغط في سبات عميق تجاه هذا الخطر ولن تستيقظ منه إلا إذا وقعت مدرسة أو احترقت بمن فيها كما حدث قبل سنوات بعيدة في جلاجل حين أوقعت الامطار المدرسة على رؤوس الصغيرات فقضين جميعهن في ذلك الحادث الذي طواه النسيان وكأن شيئاً لم يحدث وكأن الضحايا ليسوا بشراً. وإذا كانت هذه المدراس الآيلة للسقوط أو المشحونة بالأسلاك العارية المتداخلة المتشابكة موجودة في الرياض العاصمة فإنها بكل تأكيد موجودة في المدن الصغيرة والقرى والهجر. إن الخطر يتهدد بناتنا في أكثر من مدرسة وما لم تتحرك الرئاسة لرصد هذه المدارس وعمل اللازم إما بالتغيير أو الترميم فإن حمى المدارس المتصدعة ستظهر في أكثر من مدينة وقرية وبشكل عام وكما قلت في البداية فإن الأمر يشمل أكثر من جهة غير الصحة والتعليم، حيث بوادر الخطر ونذره قائمة تطل برأسها لكل من يرى,فإلى متى نغمض عيوننا ونشيح بوجوهنا وكأننا لا نرى لا نسمع لا نتكلم. وإذا كان المسؤولون عن هذه المواقع لايخشون المحاسبة في الدنيا، حيث تنتهي الكارثة في كل مرة باسم القضاء والقدر فإنهم وبكل تأكيد يخشون الله سبحانه وتعالى وهم المؤتمنون على أرواح بشر يعيشون تحت الخطر. فهل نستيقظ قبل أن تقع الفأس في الرأس؟
الأحد 2 ,شعبان 1421 الأقتصادية ـ إنسان وقانون