د. هاشم عبده هاشم
** أزعجني كثيراً.. حديث القائم بالأعمال الإيراني لدى جمهورية مصر العربية.. مساء الأحد الماضي.. على إحدى القنوات الأهلية المصرية.. حول ما أسماه «انزعاج المملكة العربية السعودية من عودة العلاقات الإيرانية - المصرية إلى أوضاعها الطبيعية.. وبالذات بعد أن برزت مؤشرات قوية على تبادل السفراء قريباً بين البلدين» وزعمه.. أن هذا الانزعاج بدا واضحاً من حديث السفير السعودي لدى مصر العربية لنفس القناة قبل ذلك بليلة واحدة.
والحقيقة أن «الرجل» لم يكن أميناً.. عندما نقل على لسان السفير ما لم يقله.. وفسَّره بطريقته الخاصة.. بالرغم من أن السفير «أحمد قطان» كان موضوعياً.. ودقيقاً في عباراته.. عندما أكد على أن هذا شأن مصري.. ولا علاقة لنا فيه «ألبتة».. كما تابعته شخصياً..
كما أزعجتني أيضاً مغالطات الرجل ومقارناته بين قوات درع الجزيرة التي استعانت بها دولة البحرين وبين القوى الغازية للدول الأخرى رغم إرادتها..
لكن ما أسعدني كثيراً هو حالة الارتباك.. والتلعثم.. التي وقع فيها «الرجل» عندما واجهه مذيعا القناة بأسئلة دقيقة عن تدخلات إيران في البحرين وعن شبكة التجسس الإيرانية في الكويت.. ثم عن تناقض موقف بلاده بين ما حدث في تونس ومصر والبحرين وبين موقفها مما يحدث في سوريا الآن.. إلى درجة أنه حاول جاهداً إغلاق الموضوع وعدم التركيز عليه.. وتغيير مسار الحديث.. وقفله في النهاية..
وكعادة المسؤولين الإيرانيين فإنهم يسعون باستمرار إلى «تعكير» الأجواء بين الدول العربية.. بل بين الدول والشعوب.. وقد اختار هذا المسؤول الإيراني هذه المرة قضية التشويش على العلاقات السعودية - المصرية ومحاولة إعطاء الانطباع بأن مصر تتجه إلى التحالف مع بلاده.. حتى يثير حساسية بقية الدول العربية التي رفضت تحالف إيران مع السوريين.. ومدت يدها للتعامل مع بعض الأحزاب والحركات والمنظمات العربية من وراء ظهور دولهم.. وعملت من خلال تلك التحالفات المشبوهة على إثارة الفتن والقلاقل ومازالت..
لكن ما لم يدركه القائم بالأعمال الإيراني في جمهورية مصر العربية هو.. أن هذه المحاولات الايرانية المبكرة للصيد في المياه العربية لن تجدي هذه المرة.. لأن الاخوة في مصر.. يعرفون إيران جيداً.. ويعرفون أن مسؤوليتهم العربية والقومية فوق كل المقارنات.. وأن العرب كل العرب يقفون وراء شقيقتهم الكبرى ومعها.. وأنهم لن يلتفتوا لمثل هذه المحاولات الإيرانية المؤسفة «للدس» بين الأشقاء..
ولكم تمنيت أن تعالج إيران مثل هذه الأخطاء.. وأن تعمل بدلاً من بذر بذور الفتنة بين الإخوة والأشقاء على اتباع سياسة حسن الجوار.. وأن تتوقف عن تدخلاتها في شؤون المنطقة وأهلها.. وأن تفتح صفحة جديدة مع الجميع.. بدل أن تدمر وتنسف كل الجهود الخيِّرة لبناء علاقات تقوم على الثقة.. والاحترام المتبادل.. والمحبة.. وليس على الكراهية.. ونشر القلق والخوف.. والتهديد.
لكن تمنياتي تلك.. وتمنيات الآلاف سواء لا يبدو أنها تجد آذاناً صاغية حتى الآن.. فلا حول ولا قوة إلا بالله.. والله المستعان.
ضمير مستتر:
الأقوياء.. هم الذين يفرضون هيبتهم ومحبتهم واحترامهم على الآخرين.. بحسن المعاملة وليس بالعنف أو الابتزاز.. أو الكذب.