الشيخوخة.. مشروع حياة-- الجزء الثاني والأخير

خامسا: التفعيل actualisation actiration -التمكن من تقبل وتجاوز هذه المرحلة المحتمة. -تفهم معنى الموت. أضِيف هنا بأنه يتوجب علينا مرافقة الشخص المسن أثناء معالجة مصاعبه الشخصية، مكاناً وزماناً ليتوجه نحو نهاية حياته وموته، واقفاً، شامخاً، وفي صحة روحية جيدة. وهكذا عندما نعي حاجات الأشخاص المسنين يجب العمل بشكل يضمن التكفل الشامل بهؤلاء عبر طاقم متعدد الاختصاصات يكون محور اهتمامه هو الشخص المسن منطلقا من حاجاته الفيزيولوجية إلى حين الوصول إلى تلبية حاجات أكثر رقياً وأَهميةً وانتهاءً بما يسمى تحقيق الذات حسب هرم مسلو. تعدد الاختصاصات لايعرف تحديداً بوجود مختصين متعددين فقط وإنما بتفاعل وتبادل آراء هؤلاء فيما بينهم عبر علاقات هدفها النهائي هو علاج هؤلاء المسنين وخدمتهم. يتألف الطاقم من: الشخص المسؤول – رئيسة التمريض – مساعدة ممرضة aide daignante الطبيب المسؤول عن النشاطات animateur معالج فيزيائي – المعالج النفسي الحركي psychonotucien أخصائي تغذية وحمية. إضافة إلى هذا الطاقم الأساسي يضاف حسب الحاجة الأخصائيين التاليين: أخصائي معالجة بالتشغيل – أخصائي بالتأهيل الصوتي واللفظي – الاخصائي بالتدخل الاجتماعي المعالج النفسي – أخصائي القدم – المرشد الرعوي – بعض الأطباء الاختصاصيين الاستشاريين الذين قد تدعو الحاجة لهم أحياناً. هذه التعددية في الأدوار ضرورية، سواءً من ناحية التقييم الشامل للشخص المسن أو من ناحية تطبيق خطة العمل. هذا الطاقم سيؤمن عشرة أهداف وتوصيات تشكل شريعة الشيخوخة أو معاهدتها: - حياة صحية جيدة. - تغذية متوازنة. - ضمان ودعم السلوكيات المتأقلمة. - التوازن ما بين الراحة المطلوبة والنشاط الضروري. - تحريض النشاطات الذهنية الثقافية، الاجتماعية الخلاقة والابداعية بالتناوب مع نشاطات رياضية وفيزيائية. - تقليل وانقاص شدة العوامل التي تسرّع عملية الهرم والشيخوخة. - دعم وتقوية الصراع ضد الأمراض. - المحافظة على تأمين اللقاحات وبالتوقيت المطلوب. - الوقاية من وعلاج الأمراض التي تصيب الحواس. - الوقاية من وعلاج الأمراض التي تصيب الجهاز الحركي. نتوقف قليلاً عند البند الخامس من المعاهدة، والذي أضعه في إطار الإحياء والتنشيط بمعنى إعطاء روح ومعنى وفائدة إلى الحياة الجماعية وخلق مناخ وحيوية وحركة ضمن المجموعة بهدف تحسين الحالة المعاشة عند هؤلاء المسنين وتحسين العلاقات فيما بينهم. تالياًَ لهذا التحول النوعي كيف نعرّف الآن التنشيط والإحياء: حسب الاشتقاق فعل أحيا animer آتٍ من اللاتينية إلى الفرنسية من كلمةanimar أي أعطى حياةً، أوجد، شجع، أو جعل أكثر حيوية. هذه العبارات مترادفة ورديفة للحياة، للنشاط للفعالية الحركية، للحرارة النفسية، ويمكن اختصار الإحياء والتنشيط بالعمل الذي يأخذ على عاتقه إعطاء مشروع حياة للمسنين. وعندما نعلم بأن الحياة موجودة في كل لحظة من اللحظات فإن كلمة صباح الخير، الابتسامة الاحتكاك اللمسي، والاستماع والتفهم، كل هذا يشكل جزءاً من عملية الإحياء والتنشيط على مدى 24ساعة وبالتالي فإن كل الوقائع التي تحدث في الحياة اليومية يجب أن يتضمنها الإحياء والتنشيط بما في ذلك عمليات الترتيب والتوضيب وتوزيع وجبات الطعام.. تعريف آخر للتنشيط والإحياء: هو مجموعة الوسائل والطرق المتبعة لدفع البعض من الأشخاص للمساهمة بفعالية بحياة مجموعة من الناس . يجب التنويه إلى أن هذه الطرق لاتتواجد دون وجود فعاليات تُجَسّدْ الإحياء بالنسبة لهؤلاء الأشخاص المسنين. هذه الفعاليات تنقسم إلى ثلاث فئات: - فعاليات فيزيائية. - فعاليات عقلية. - فعاليات اجتماعية. العلاج الفيزيائي يشكل جزءاً من الإحياء والتنشيط، دوره هو المحافظة على الطاقات الحركية وعلى إعادة التأهيل، وكأنه بذلك يتم إعادة فتح الطريق نحو المزيد من الاعتماد على النفس. مضمون ومحتوى الجلسات يجب أن يتلائم مع كل شخص بحسب قدراته الحقيقية نعطي على سبيل المثال: الجلسات الفيزيائية الافرادية والجماعية: المشي، تمارين نوعية باستعمال عدة أجزاء من الجسم،تمارين التنقل والانتقال تمارين الشد وتقوية العضلات وتليين المفاصل، التمارين المعتمدة على الايقاع،تمارين التهوية الرؤية، تمارين الاسترخاء جلسة العلاج الفيزيائي عند الاشخاص المسنين هي توقيت خاص في حياتهم فهي واسطة هامة للالتقاء والتلاقي حيث يذهبون للاهتمام بأنفسهم ويتركون مشاكلهم اليومية مما يخلق بنفس الوقت: - تغيير وتحول بيولوجي - تفعيل الأعضاء الجسمية الاساسية - - تحول نفسي - سلوك جماعي الفعاليات الاستذكارية: تشمل الفعاليات العقلية ضمن ما تشمل وظائف التفكير والوظائف النفسية. هذه الوظائف تتماشى مع جملة من العمليات تتطلب عمل مختلف الوظائف الإدراكية: الاستقبال الحسي، الانتباه، الملاحظة التركيز،الكلام،الذكاء،الذاكرة.كل هذه العمليات تسمح للدماغ بتسجيل ومعالجة والاحتفاظ بالمعلومات والمعارف المكتسبة أثناء الحياة واستعمالها فيما بعد. هذا النشاط الاستذكاري يهدف إلى: ايقاف وفرملة الضياع في قدرة التذكر عند المسن الذي يرى امكانيته تنحدر ويتحقق ذلك عبر: - تمارين مخصصة لذلك،دقيقة،وسهلة التطبيق. - تنويع طرق التعلّم ومنهاجه. من هذه الفعاليات والنشاطات التي تساعد على الإحياء والتنشيط العقلي نذكر: - تمارين البناء: كتشكيل وبناء جملة محددة، ال puzzle لعبة كلمة السر. - تمارين المنطق: كلعبة الدومينو، لعبة الورق، لعبة النص المثقوب. - تمارين المشاركة: تشابه الصور، وتشارك الأفكار. - تمارين الأسئلة والأجوبة. - تمارين حسية: ذاكرة بصرية وبصرية سمعية – ذكرة سمعية موسيقية – ذاكرة شمية وذاكرة الروائح – ذاكرة ذوقية سكرية _ ذاكرة حس اللمس. - تمارين لتحديد المكان والزمان: هذه التمارين الخاصة بالاستذكار تهدف للممارسة المثلى للذاكرة بهدف تأقلم أمثل لدى الشخص المسن مع الحياة اليومية ومتطلباتها. الفعاليات الاجتماعية: إن التوقف عن العمل الناجم عن الإحالة إلى التقاعد - وفي شرقناالعزيزأحياناً نتيجةالشيخوخة- تقلل من مكانة الشخص المسن في المجتمع وتقلل بالنتيجة من العلاقة بينه وبين الآخرين ويدخل في نفسه الانزعاج والانفراد والعزلة ولإخراجه من هذه العزلة يتوجب ما يلي: - العمل بكل الوسائل لتطوير علاقاته الاجتماعية لكي يندمج المسن في مجتمعه وينصهر فيه. - اخراج الشخص المسن من إطاره الاعتيادي - الروتين-. - دفع المسن نحو نشاطات التسلية مما يؤدي به إلى السرور و البهجة. - دعم اللقاءات والتبادلات الاجتماعية وخلق علاقات صداقة. - دعم إقامة علاقات ما بين المؤسسات المختصة بالمسنين وكذلك دعم إقامة علاقات بين أجيالٍ مختلفة. يمكن تحديد الفعاليات الاجتماعية ب: -- النشاطات الابداعية والتسلية: - الفعاليات الخاصة بالألعاب: الورق – الألعاب الجماعية كالضامة والشطرنج والدومينو – كافة ألعاب الأسئلة والأجوبة. - النشاطات اليدوية: تريكو - رسم – الاهتمام بالحدائق – عمليات الترميم والاصلاح. -- النشاطات الموسيقية --النشاطات الثقافية: القراءة – النشاطات السمعية والبصرية كالسينما والفيديو. -- نشاطات تتعلق باللقاءات: المبادلات الإنسانية – التواصل – المبادلات بأنواعها مساعدة الأشخاص – احتفالات بأعياد الميلاد المئة عام مثلاً المناسبات والأعياد. -- النشاطات الإبداعية: تفعيل الطاقات الإبداعية عند المسن من خلال: - صالات المعارض والفنون. - صالات الحياكة. - صالات التعبير الجسدي. -- النشاطات الخارجية: الطلعات الخارجية – الإجازات – المعارض. ولإنهاء هذا الجزء من المهم أن نعلم أن النشاطات الإحيائية هي بلا شك من أقدم الوسائل التي تؤدي إلى التواصل بين البشر، فهي تمثل قبل كل شيء الرغبة بأن نكون مع الآخرين والاحتكاك بالآخرين. ولايمكن اهمال أي جزء من الأجزاء الثلاثة لهذه النشاطات لأنها تتكامل معاً للوصول إلى هدف الإحياء والتنشيط. مؤكد أن التقدم في العمر هو ضياعٌ وخسارةٌ للعديد من القدرات الوظيفية، هو مواجهة للكثير من الأحزان، لكن من المؤكد أيضاً أن التقدم في السن هو حصول على معارف وخبرات جديدة أيضاً، ويجب رفض مقولة أن-الوقت بات متأخراً - إذاً أن التقدم في العمر لايتنافى مع القدرة على التعلّم. إن مهمة المؤسسات الخاصة بالمسنين هي دعم هؤلاء الأشخاص وجعلهم يشعرون بالقيمة الانسانية المطلقة، وبأنهم أشخاص مهمين لأنفسهم ولغيرهم. بعض المسنين يصرخون عندما يتركون بيوتهم للعيش خلف جدران جافة وخشنة في مؤسسة ما حيث ليس لديهم فيها أي شيء أو أي قدرة على التعبير عن أنفسهم أو لنقل أي فكرة ما. وهل يمكننا القول بأن الشخص يصبح عديم الفائدة لسبب وحيد هو أنه فقد قدرته على الانتاج. وأخيراً وليس آخراً، أُنهي محاضرتي بالقول بأن الجسد والقلب والدماغ، والتفكير والأفكار تشيخ، أما الإيمان فيبقى سليماً معافى، نيراً ومشتعلاً وحاداً مهما امتدت السنون. نبقى كلنا شباب بالرب، أعماله لاتشيخ مطلقاً / وهكذا وأنا أنظر إليكم الآن لاأَلحَظ أية تجاعيد في إيمانكم. الأخت رشيدة معلولي: من راهبات القلبين الأقدسين/ مديرة المركز الإنجيلي لرعاية المسنين 2005 المركز الإنجيلي لرعاية المسنين والمعالجة الفيزيائية