على مدار ثلاثةِ أيام كنّا في الأسبوع الفائت مع فعاليات المؤتمر العربي الثالث للمعلومات الصناعية والشبكات، الذي نظّمته وزارةُ الصناعة، والمنظمةُ العربية للتنمية الصناعية والتعدين، والبنكُ الاسلاميُ للتنمية، تحت شعار "المعلومات الصناعية من اجل التنافسية والتبادل والاستثمار".
لقد باتت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تلعب دوراً مفصلياً في التوجّه نحو ما يسمى بـ "الاقتصاد الجديد"، أو الاقتصاد المبني على المعرفة والذي يصفه البعض بـ "اقتصاد الشبكات".
وليقينها بأن تقدم وانتشار هذه التكنولوجيا يؤثر على معظم نواحي الاقتصاد، وخاصة تنافسية المنتجات الصناعية. فقد استثمرت الدول المتقدمة والشركات العابرة للقارات بشكل مكثفٍ وهائل، في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، خاصةً مع انخفاض أسعار التجهيزات والبرمجيات، ومع زيادة قدرات أجهزة الكومبيوتر سواء في المعالجة أو في السِعات التخزينية.
مدن رقمية ومعارض أفكار!! وثمةَ مقترحاتٌ باتت تسمع مؤخراً بكثرة، كالمدن الصناعية الرقمية (إنشاء مدينة لكل صناعة تتخطى الحدودَ الجغرافيةَ للمكان الذي يقع به المصنع، فتكون هناك مدنٌ رقميةٌ للبلاستيك، للحديد والصلب، للإلكترونيات، للغزل والنسيج ..وهكذا). كما تطرح أفكارٌ حول إقامة معارضَ للأفكار كآليةٍ تساهمُ في نقل الأفكار الجديدة وتطويرها بصيغة تناسبُ محليةَ التطبيق في الحاضر، وعالميةَ السوق في المستقبل!
ومع انتشار مظاهر "الثورة الرقمية" و "العولمة"، فإن تطويرَ واستعمالَ هذه التكنولوجيات لن يبقى حكراً على الدول المتقدمة والشركات الكبرى وحسب، بل سيغدو في متناول الجميع - وإن بمستويات شديدة التباين- فالاستثمار الأجنبي المباشر لن يكفلَ تلقائياً نقل المعرفة بشكل متكامل، وعليه لابد للدول العربية من إنتاج المعرفة وتنميتها، من خلال تعاونها وعملها المشترك (إنشاء شراكات بينية أو في نطاق التجمعات لإنتاج المعرفة والحصول عليها واستخدامها في المستقبل وفقاً لاستراتيجية متكاملة). وصحيح أن العمل العربي المشترك في حال تمّ تفعيله، قد يطولُ موعدُ قطفِ ثماره، فإن هذا ليس معيباً، فالتجربةُ الأوروبيةُ في بناءِ وتنمية تقنية المعلومات مرّت بمراحل مختلفة، قبل أن تغدو نشاطاً جماعياً مشتركاً وتثمر برامجاً هامة. فضلاً عن حقيقة أن العمل القطري أطولُ مدة، وأقلُّ فاعلية.
إن الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار والتجديد أمر لامفرّ منه لتحقيق تنافسية الصناعات العربية. وقد يشكّل الارتفاعُ الأخير في أسعار النفط فرصةً طيبة - ونادرة- للدول العربية للاستثمار في التكنولوجيات، لاسيّما مع الانتشار الواسع لتقنيات الانترنت ووسائل الاتصالات الحديثة، وهو ما يؤكد على أهمية تسريع هذا التوجه والذي من المفترض أن يواكبه تطوّر موازٍ لأنماط الخدمات، والأعمال، والقوانين