ظهر مفهوم المنافسة غير المشروعة منذ زمن، وكان متداولاً منذ العام 1900، في إطار حماية الملكية الصناعية، واعتبرت من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع العادات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية أو غيرها من المنافسات، وقد أنشئت منظمات عدة للحد من المنافسات غير المشروعة والدعوة للمنافسة الشريفة، ونصت جميع القوانين الرياضية على ضرورة التحلي بالمنافسة المشروعة بين الرياضيين، وسنت قوانين تعاقب كل من يخالف هذا المفهوم.
وفي موسمنا الرياضي، الذي أسدل الستار على فعالياته، مساء أمس، بإقامة آخر مباريات دورينا، انتشرت مجموعة من الممارسات الغريبة والجديدة على واقعنا العام وقيمنا وتقاليدنا، التي عشنا عليها حتى صارت كالقوانين، ورأينا خروجاً عن النص في كثير من المنافسات بين الفرق المختلفة واشتكى جميع الأطراف بلا استثناء من هذه الممارسات التي تقوض المفهوم العام للرياضة عموماً، الذي يقوم على التعامل بروح رياضية يسودها الحب والاحترام للمنافس.
وتعاملت أغلب أندية دورينا هذا الموسم بمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» من أجل الفوز، وتخطت كثيراً من القيم والأخلاق الرياضية، واستحدثت أموراً ما أنزل الله بها من سلطان لمضايقة المنافس للتأثير في معنوياته وإحباطه للانقضاض عليه واقتناص نقاط تزيد من أرباحها، لكنها تخصم من رصيد الحب والاحترام بينها وبين الآخرين. ولو رصدنا الشواهد والأفعال لوجدناها كثيرة جداً بداية من تضييق الخناق على الجماهير ومعاملتهم كأنهم مشتبه فيهم يجب تجريدهم من كل شيء، حتى كبار الشخصيات لم تسلم من هذه المضايقات ورأينا رئيس مجلس إدارة يجلس بمدرجات الدرجة الثانية، وآخر ترك المنصة الرئيسة اعتراضاً على طرد لاعب يجلس بجواره، ولم يقتصر الأمر على الجماهير والمدرجات بل امتد إلى غرف الملابس التي تفنن البعض في تحويلها إلى مصدر قلق للاعبين قبل نزولهم أرض الملعب، وحتى رجال الإعلام نالهم من هذه المضايقات جانب، كل هذا تحت ذريعة «من كان له حيلة فليحتَلْ» كي يصل إلى الفوز.
إن ماحدث من تجاوزات لأغلب الأندية في تعاملها مع المنافس هذا الموسم شيء يدعو للأسف على حال الرياضة حتى وصلت بنا الحال إلى «أنا ومن بعدي الطوفان»، ولو استمر الأمر على هذا المنوال لضاعت الرياضة وسط تنافس غير شريف انتهجه البعض للوصول إلى أهدافه بغض النظر عن المجتمع. إننا ندق ناقوس الخطر في وجه الجميع ولا بد أن نقف بشدة ضد هذه الممارسات غير المشروعة سواء بالعرف أو بالقانون الملزم للجميع، وكلي أمل أن تكون هذه الممارسات تحت نظر اتحاد الكرة ورابطة دوري المحترفين لتقنين التعامل مع الآخرين بشكل يحفظ كرامة الجميع.
الورقة الأخيرة
شاهدنا أكثر من نهائي أوروبي خلال الأيام الماضية، واستمتعنا باللعب وبوجود جماهيري رائع، وهم يلوحون بأعلام صغيرة وكبيرة على كل شكل ولون، ولم نر لافتة عملاقة تشغل ربع المدرجات تدعو للروح الرياضية، ولم نر نصف المدرجات خالية تشكو الفراغ بدعوى أنها المنطقة الأمنية!.
- المقال منشور بجريدة الإمارات اليوم - عدد 26/5/2008 (هنا)