باحث امريكي :السلطة الفلسطينية عملت الكثير من اجل بناء الدولة وركزت على التنمية الداخلية
تناول طارق نهابت الباحث في شئون الشرق الاوسط الذي استضافه برنامج " حديث اليوم " تداعيات قبول فلسطين للعضوية الكاملة في منظمة اليونسكو واحتمالات انضمامها الى منظمات دولية أخرى. وقد اجاب عن اسئلة مندوبتنا:
س - هل يقرب هذا التصويت الفلسطينيين من العضوية الكاملة في الامم المتحدة؟
ج - يعتمد ذلك على وجهة النظر التي تنطلقين منها، فمن وجهة نظر الفلسطينيين، هم يريدون الاعتقاد بأن التصويت يقربهم فعلا من ذلك، فالمدخل الى عضوية احدى منظمات الامم المتحدة ولو كان بسيطا يمثل فوزا وقاعدة يمكن استخدامها للحصول على عضوية منظمات اممية اخرى، طالما انهم غير قادرين حتى اللحظة على الحصول على عضوية مجلس الامن او الامم المتحدة، ولكن من وجهة نظر اخرى، قد يعيق هذا جهودهم لما لذلك من تداعيات مختلفة من وجهة نظر الامريكيين والاسرائيليين، فهم يقولون ـ وهذا رأيهم ـ إن التصويت سيعيق العملية السلمية والفلسطينيون يتخذون خطوات احادية الجانب ولا يعملون ضمن اطار المفاوضات المباشرة وهي الهدف المباشر لجميع الاطراف..
س- ولكن الفلسطينيين جربوا المفاوضات مع اسرائيل ويقولون لم تسفر هذه المفاوضات حتى اللحظة عن اي نتيجة لذا الا تعتقد انه على الاقل يجب عليهم ان يجربوا طرقا اخرى؟
ج - سياسيا..اعتقد انه يمكن ان يأخذوا في عين الاعتبار العديد من الخيارات المناسبة لهم من دون اتفاقيات أو اذن من اسرائيل او الولايات المتحدة او اي احد اخر، هذا حقهم، ولكن عليهم ان يفكروا ايضا في تداعيات مثل هذه الخطط على الاهداف العامة، لان هناك العديد من الاطراف... وكيف سينظر هؤلاء الى هذه الخطوات وتأثيرها... هذا وضع شائك..
س - المتحدثة باسم الخارجية الامريكية قالت إنه سيتم وقف التمويل الامريكي لليونسكو، ولكن وزيرة الخارجية الامريكية قالت لمشرعين امريكيين في بداية هذا الشهر (اكتوبر) إنه يجب ان تكون هناك مرونة لدى الحكومة الامريكية في تمويل او عدم تمويل المنظمات في حال قبلت عضوية فلسطين، هل تعتقد ان الامريكيين سيعيدون النظر في موضوع تمويل اليونسكو؟
ج - هذه نقطة مثيرة للجدل، ونأمل ان يستطيع نشطاء السلام في اقناع المسؤولين بوجوب تمويل اليونسكو رغم التصويت، ولكن القانون الامريكي يقول ان الولايات المتحدة ملزمة بوقف التمويل لاي وكالة اممية في حال قبلت فلسطين عضوا كاملا قبل الاعتراف بفلسطين كدولةً.. هذا قانون واضح ولكن هل سيستطيع مناصرو السلام والفلسطينيون هنا وحتى بعض الاسرائيليين ذلك ..
س - ولكننا رأينا هذا يحصل... مؤسسة جي ستريت قالت إنها تريد من الولايات المتحدة اعادة النظر في قرارها وقف تمويل اليونسكو؟
ج - نعم، لكن جي ستريت هي صوت واحد من اصوات عدة، وستكون هناك منافسة كبيرة لهم في هذا المجال، وكل عضو في الكونغرس سيكون له رأي خاص وسيتصرف بناء على مصالح الولايات المتحدة كما يراها هو، واذا كان هناك العديد من الاصوات المطالبة بتعديل القانون من اجل مواصلة تمويل اليونسكو رغم ما حصل فإن الوقت وحده سيكشف لنا الأمر. ولكن هل من الممكن للولايات المتحدة ان تجد طريقا تمول من خلاله اليونسكو؟ كلا... ولكن هذا مجرد رأي.
س - مرة تلو الاخرى تقول الولايات المتحدة إنها تؤيد اقامة دولة فلسطينية وتناصر حل الدولتين والآن عندما تكون هناك خطوات ملموسة حقيقية فإنهم يقولون إن ذلك يعرقل عملية السلام؟
ج - يجب ان ننظر الى طبيعة هذه الخطوة، هل هي خطوة تسهم في اقامة الدولة الفلسطينية او هل هناك تداعيات كبيرة لهذا الموضوع؟ من وجهة النظر الامريكية في هذه اللحطة فان هذه الخطوة لا تسهم بقدر ما تعرقل سير العملية الكلية. اللغة التي تستخدمها الولايات المتحدة مثيرة للاهتمام بحد ذاتها: فقط المفاوضات المباشرة... لذا هم يضعون أنفسهم من جهة في صندوق بسبب اللغة التي يستخدمونها... السياسيون حذرون في استخدام المفردات لذا فان اللغة التي يتم استخدامها ليست اعتباطية بل محددة وتمثل نمط التفكير والمصالح الامريكية.. واذا لم تغير الولايات المتحدة واسرائيل من اسلوبهما تجاه العملية السلمية مع الفلسطينيين فإن لغتهم المستخدمة هي التي تحكمنا...
س - وهل ترى ذلك يحدث، لقد سمعنا ما قاله ليبرمان بعد التصويت؟
ج - ليس في المستقبل القريب بل سيأخذ ذلك كثيرا من الوقت من اجل تغيير وجهات النظر..
س - والى جانب الوقت ماذا نحتاج لتغيير ذلك؟
ج - التأييد، التعليم والالتزام وان يعمل الجميع من اجل اظهار ان هناك طريقا اخر، على المستوى الشعبي والاجتماعي والرسمي.
س - وهل يحدث ذلك على المستوى الرسمي بخاصة في الكونغرس وهذه سنة انتخابية وكل شيء يتأثر بالانتخابات؟
ج - اذا لم يتحرك بعض الناخبين في دوائر بعض النواب من خلال الذهاب الى ممثليهم وتهديدهم بعدم التصويت لهم... اذا لم يصوتوا بطريقة معينة فلا شيء سيتغير وبعد حدوث الانتخابات وظهور النتائج هذا يعطي كل عضو مساحة للعمل اكثر مما كان متاحا قبل الانتخابات..
س - التصويت اظهر انقساما في الاتحاد الاوروبي فقد رأينا دولا صوتت لصالح عضوية فلسطين الكاملة في اليونسكو بينما امتنعت أخرى، وغيرها صوت ضد مشروع القرار؟
ج - هناك وجهات نظر مختلفة، وكل دولة اوروبية تصوت استنادا إلى مصالحها الخاصة، ونظرتها الى العملية السلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين، تحكُمها مشاعرها الوطنية وحسها الاخلاقي والقانوني بالصح والخطا وما هو مناسب وغير مناسب.. اوروبا دول متعددة ..
س - نعم ولكن لديها صوت واحد في معظم الاوقات..
ج - ربما، من الواضح ان هذا التصويت يسبب الكثير من الانشقاق..
س - هل يقسم هذا التصويت اوروبا.. سياسيا.. وليس الاتحاد..
ج - كلا لن يقسم الاتحاد الاوروبي، اعتقد ان الدول الاوروبية داخل الاتحاد تتعاون بشكل وثيق وتعمل مع بعضها من اجل اقتصاد مزدهر وتنمية دائمة، والموضوع الاسرائيلي الفلسطيني هو موضوع صغير ضمن مواضيع كثيرة على الاوروبيين معالجتها واخذها بعين الاعتبار.
س - ننتقل الى الجانب الاخر، هناك تقارير تتحدث عن ان السلطة الفلسطينية تدرس امكانية حل السلطة، اذا لم يحدث اي شيء في المفاوضات او في عضوية فلسطين؟
ج - السلطة الفلسطينية منذ انشائها وبخاصة خلال العامين الماضيين قامت بالكثير لبناء الدولة الفلسطينية وركزت على التنمية الداخلية بخاصة في القطاع الامني والاقتصادي والاجتماعي.. وموضوع الحكم ما زال متراجعا لكنها تعمل لتحسينه الان، اذا كان هناك قرار بانه بات من الضروري حل السلطة الفلسطينية لانها فقدت قدرتها على المساهمة في العملية فهذا قرارهم ولكن في رأيي الشخصي هذه ليست افضل الخطوات في هذه اللحظات ولكن قد تكون هذه خطوة عليهم مراجعتها ودراستها واعتقد ان عليهم ان يجدوا خيارات اخرى اذا ما قرروا حل السلطة..
س - مثل ماذا؟ لقد جربوا الكثير من الخيارات مثل المفاوضات؟
ج - ينقلنا هذا الى اختلاف اشكال الحكم في العالم العربي وكيف تلعب السياسة والدين أدوارا مختلفة وهل تريد ديمقراطية او دولة دينية وما هو شكل الدولة التي تريدها وهذا امر يعود للفلسطينيين.
س - ولكن ما هي الخيارات المتاحة امام الفلسطينيين في ضوء كل التحديات التي يواجهونها.. فالموضوع ليس مجرد امور داخلية تتعلق بالحكم او بسيادة القانون ولكن هناك احتلال وهناك الحواجز وغيرها؟
ج - عليهم النظر الى التحديات المختلفة في ظل الاهداف التي يريدونها. يريدون انهاء الاحتلال ويريدون دولة ويريدون اعترافا، ويريدون حكما مستداما غير فاسد واستقرارا اقتصاديا، هناك اهداف وطنية ومن خلالها يمكن مواجهة التحديات مثل الحواجز وهذه نقطة اساسية لانهاء الاحتلال لذا يجب التعامل مع اسرائيل، ولكن عندما تفتح هذا الباب فإنك امام امور اخرى عليهم بحثها مع اسرائيل.. نصيحتي هي التركيز على الاهداف العامة التي تساعد على التنمية للفلسطينيين على ان لا يكون ذلك على حساب اي شخص اخر وهذا مفهوم لا نسمعه، التركيز على الهدف مع الاخذ بعين الاعتبار ان لا يكون ذلك على حساب اي احد..
س - وماذا عن المصالحة والعلاقات مع حماس، هل ستكون مختلفة بعد هذا التصويت او التصويت المقرر في الامم المتحدة في الحادي عشر من نوفمبر؟
ج - مع الاخذ بعين الاعتبار الاختلاف الايديولوجي بين حماس وفتح فالآن لدى كل من حماس وفتح اهداف يسعيان اليها منذ وقت طويل، ولكن ذلك يعتمد على قرارات قادة كل مجموعة وارادتهم في بحث المصالح العليا لشعبهم، وعلى مقدرتهم على العمل مع بعضهم من اجل الهدف الاسمى لفلسطين.. ولكن هذا ياخذ كثيرا من الوقت... ولم تكن حماس وفتح تتفاوضان بشكل مباشر وتبحثان مع بعضهما البعض المصالح العليا للفلسطينيين لانهما كانتا مشغولتين بالتنافس... ولكن الان بما انهما اقرتا بان المصالحة هي في رأس سلم الأولويات فان هذا يفتح الباب امام مباحثات مستمرة للوصول الى اجماع يسهم في تحقيق الاهداف الفلسطينية العليا بإنشاء دولة وانهاء الاحتلال وربما تطبيع العلاقات والتنمية الاقتصادية.
س - اذا في رايك المنافسة انتهت؟
ج - لا اعتقد انها انتهت ولكن هذا ما يجب ان يعملوا من اجله.. والتعاون افضل ويفيد الحزبين اكثر من التنافس بينهما..