عن DPA _ مأمون محمد بتصرف
في عصر يسود فيه عنصر التسويق وأصبح البيع هو المرادف لكلمة العمل ، يبدو أمرا جيدا أن تستطيع كرة القدم الإيطالية والدوري الإيطالي الصمود والعمل رغم كل المشاكل التي تعترض كرة القدم في إيطاليا.
وتنطلق فعاليات الموسم الجديد 2010/2011 بدوري كرة القدم الإيطالي بعد أسوأ عروض للمنتخب الإيطالي في تاريخ مشاركاته ببطولات كأس العالم حيث خرج الفريق صفر اليدين من الدور الأول لمونديال 2010 بعد عروض هزيلة للغاية رغم أنه خاض البطولة للدفاع عن لقبه العالمي الذي أحرزه عام 2006 .
ورغم المشاكل التي عانت منها الكرة الإيطالية في السنوات الماضية لم تتأثر مسابقة الدوري بشكل جذري حيث نجح إنتر ميلان الإيطالي في الحفاظ على لقبه المحلي في الموسم الماضي إلى جانب لقب كأس إيطاليا و أضاف إليهما لقب دوري أبطال أوروبا ليحرز ثلاثية تاريخية.
كما لم تتأثر رواتب اللاعبين في الدوري الإيطالي فما زالت في مستويات مرتفعة للغاية ولا تواجه أي قناة تلفزيونية ، مخصصة لكرة القدم ، خطر الانهيار.
و كان سقوط المنتخب الإيطالي (الأتزوري) في الدور الأول لمونديال 2010 وفشله في التأهل للأدوار الفاصلة مؤشرا على حالة التدهور في مستوى كرة القدم الإيطالية خاصة و أن الفريق توج باللقب العالمي عام 2006 بألمانيا.
و لكن سرعان ما توارى إخفاق الأتزوري في المونديال خلف موجة المباريات الودية التي خاضتها فرق الدوري الإيطالي "كالتشيو" استعدادا للموسم الجديد و خلف أنباء و صفقات موسم الانتقالات.
ومن أبرز الصفقات التي شهدتها فترة الانتقالات هذا الصيف ، كان انتقال المهاجم الدولي الشاب ماريو بالوتيلي من إنتر ميلان إلى مانشستر سيتي الإنجليزي تاركا إنتر في رحلة الدفاع عن ثلاثيته التاريخية بمجموعة من اللاعبين تخلو من اللاعبين الإيطاليين ، و صفقة إبراهيموفيتش التي ظفر بها نادي ميلان مؤخرا من نادي برشلونة على شكل الإعارة.
و ما زال الدوري الإيطالي قادرا على جذب الاهتمام إليه على الرغم من عدم قدرته على التخلص من العنف، و المثير للدهشة أن نسبة المشاهدة التلفزيونية ترتفع إذا تضمنت التغطية التلفزيونية للمباريات بعض مشاهد الشغب والعنف.
و بعد الصدامات العنيفة التي صاحبت بعض مباريات الدوري الإيطالي في الموسم الماضي والتي كانت شبيهة بحرب العصابات ، لم تخمد نار العنف خلال عطلة الصيف حيث واصل المشجعون اشتباكاتهم و مصادماتهم سويا بعد المباريات الودية التي خاضتها الفرق استعدادا للموسم الجديد.
و من المفترض أن تؤدي بطاقات المشجعين التي فرضها وزير الداخلية الإيطالي لدخول مباريات الموسم المقبل إلى الحد من أعمال الشغب والعنف ، و لكن كثيرون يساورهم الشك في قدرة هذه البطاقات على ذلك.
و كانت الملاعب نفسها مصدرا للمشاكل في ظل عدم قدرة معظم الأندية على توفير الملعب الجيد لإقامة مباريات الفرق عليها.
و يتساءل المشجعون ، الذين يشاهدون مباريات بطولات الدوري الأجنبية على شاشات التلفزيون ، عن السر الغامض وراء الاعتلال الذي أصاب العشب الإيطالي.
و لم يصدق لاعبو فيردر بريمن الألماني أعينهم يوم الثلاثاء عندما نزلوا إلى أرض ملعب فريق سامبدوريا الإيطالي خلال لقاء الفريقين في الدور التمهيدي لدوري أبطال أوروبا حيث انزعج لاعبو بريمن من الحالة السيئة للملعب ولكن الحظ حالفهم لعدم مواجهة سامبدوريا في الشهور التي تهطل فيها الأمطار.
و لا تختلف الاستادات المحيطة بأرضية هذه الملاعب كثيرا ، لأن معظم هذه الاستادات قديم و العديد من هذه الملاعب يكون محاطا بمضمار لألعاب القوى مما يعني ابتعاد المشجعين عن اللاعبين داخل المستطيل الأخضر ومن ثم لا يشعر اللاعبون بحماس وحجم الجماهير.
و اكتفى المدافع المخضرم فابيو كانافارو ، قائد المنتخب الإيطالي الفائز بلقب كأس العالم 2006 ، بموسم وحيد في صفوف يوفنتوس بعد عودته من رحلة الاحتراف في ريال مدريد الأسباني و تعاقد اللاعب في حزيران/يونيو الماضي مع فريق أهلي دبي الإماراتي.
كانافارو شعر بخيبة أمل في نهاية الموسم الماضي بعدما رفض نادي نابولي أن يمنحه الفرصة لينهي مسيرته في مدينة نابولي مسقط رأسه ، و لكنه قال أيضا أن عددا من الأمور الأخرى التي واجهها في الموسم الماضي دفعته إلى الرحيل من إيطاليا.
و تحدث كانافارو عن المقذوفات النارية في مباراة يوفنتوس مع بارما و الإهانات التي وجهت له في المباراة أمام كاتانيا .
و قال كانافارو "أقول منذ فترة : يجب أن تتغير آلياتنا ، يكفي أن ننظر إلى الاستادات التي نلعب فيها و إلى الثقافة الرياضية التي نتنسمها خلال المباريات...سأفتقد الدوري الأسباني (في دبي) ولكنني لن أفتقد الدوري الإيطالي ".
ويتفق المدربان الإيطاليان روبرتو مانشيني وكارلو أنشيلوتي ، اللذان تركا تدريب إنتر ميلان وميلان على الترتيب في العام الماضي و انتقلا لتدريب مانشستر سيتي و تشيلسي الإنجليزيين على الترتيب في حماسهما الشديد للدوري الإنجليزي.
و قال مانتشيني : " تشاهد هنا أكبر حضور جماهيري.. ملاعب مزدحمة و أداء سريع وتوتر حقيقي ".
ولا يبدو الدوري الإيطالي على نفس الدرجة من السطوع و لكن عجلته لم تتوقف عن الدوران و ما زال لدى مشجعي الأندية الإيطالية ما يسعدون به و ما يغضبون منه و يحزنون من أجله في مباريات البطولة و ما زالت هناك اللقاءات الإعلامية والنقل التلفزيوني بكل إمكانياته و تقنياته.
ومن المرجح أن يتحسن الموقف في الاستادات لأنه من الصعب أن يتصور أحد أن تسير الأوضاع لما هو أسوأ من ذلك.
وبالنسبة للمشجعين الذين سيشاهدون المباريات عبر قنوات التلفزيون مدفوعة الأجر ، سيتمكن هؤلاء من مشاهدة غرف تغيير الملابس قبل بداية المباريات بالإضافة للقاءات التي تجريها هذه القنوات بين شوطي المباراة.
سؤال يتبادر إلى ذهن متابعي الكرة الايطالية ببطولاتها و منتخبها ألا و هو : إلى متى ستصمد الكرة الإيطالية في مكانتها الحالية بتركيزها على الاقتصاد فقط ؟
لا بد أن نلفت الانتباه لقضية التكوين في ايطاليا و هي قضية جديرة بالمناقشة حيث يكاد يعاد ينعدم التكوين في مدارس ايطاليا و كل المؤشرات توحي إلى ذلك على عكس الجارة اسبانيا.
الجميع يعلم أن الكرة الايطالية تعرضت للعديد من النكسات التي أفقدتها مكانتها نوعا ما و أثرت على الفرق المحلية في الكالتشيو و أبرزها نادي اليوفينتوس و ميلان و غيرهم...
على عكس نادي الإنتر الذي استغل هذه الأزمة و خرج منها سالما فمنذ 5 مواسم و هو يحصد الألقاب لكن بفضل تشكيلة تشهد غيابا كليا للاعبين الايطاليين خصوصا بعد رحيل بالوتيلي إلى المان سيتي.
انطلق الدوري الإيطالي للموسم الجديد فكيف سيكون ؟ سيطرة انتراوية كالعادة ؟
يبدو هذه المرة أن الأمور ستكون مختلفة خصوصا بعد التعاقدات إلي قامت بها أكبر الأندية الايطالية...
ميلان تعاقد مع ابراهيموفيتش و بات يمتلك هجوما قويا مشكلا من باتو ، رونالدينيو ، بورييلو و ابراهيموفيتش.
أما اليوفينتوس فقد قام بالعديد من الصفقات هذا الميركاتو و جدد دماء الفريق تحضيرا لإعادة السيدة العجوز إلى مكانتها العريقة بين عمالقة أوروبا ، صفقات كـ أكويلاني ، بونوتشي ، كوالياريلا ، ميلوس كراسيتش و سيموني بيبي من شأنها أن تلهب النار على المنافسة على الكالتشيو.
مع هذا ، فإن المنافسة قاريا على دوري الأبطال تتطلب إمكانيات أكبر بالنسبة للأندية الايطالية و من المتوقع تألق ميلان و جاره الإنتر هذا الموسم في بطولة التشامبينز ليغ.
تألق نادي اليوفي في الكالتشيو هذا الموسم من شانه أن يبث الثقة في لاعبي المنتخب الايطالي فمعظم أشبال برانديلي هم من نادي يوفنتوس ، ما يعزز هذه الفرضية هو تجربة كلا من المنتخب الاسباني و الألماني الذين تألقا بفضلٍ يعود بنسبة كبيرة لناديا برشلونة و بايرن ميونيخ.
كل هذه الأمور تعد ترقيعية و مؤقتة إن صح التعبير فمن المؤكد أن مدة صلاحيتها ستنتهي يوما ما ، لذا فلابد لمسؤولي الكرة الايطالية أن يبحثوا عن حلول طويلة الأمد و قائمة هذه الحلول بالتأكيد لن تخلو من قضية تكوين اللاعبين ، زرع الشفافية في كل الأمور المتعلقة بالنوادي الايطالية ، محاربة الرشوة و الفساد ، وضع قوانين جديدة فيما يخص عدد اللاعبين الأجنبيين و غيرها من الحلول التي نأمل أن تعيد أمجاد الكرة الايطالية لتنجب لنا نجوما عظماء من جديد فعشاق المستديرة يتوقون شوقا لرؤية باجيو الجديد ، باولو روسي و مالديني ، باريزي و دينو زوف و غيرهم من النجوم...
لمزيد من أخبار الدوري الإيطالي
لمزيد من مواضيع الكرة الإيطالية في المنتديات