يومياتي معه (5): جلسات التدريب..استقبالات أيام زمان

أهلا وسهلاً.. أنت من عائلة راقية ومعروفة أباك فلان المحامي الكبير، الذي له باع في عالم القانون، أهلا بك وكيف سنسألك ونمتحنك وأنت مدرّب عند المحامي الكبير فلان؟ أهلا بك إن من أشرف على رسالتك دكتور في عالم الاقتصاد أو القانون انه شخصية معتبرة من عائلة كانت لها أيادي بيضاء، كيف تريدنا أن نسألك أو نمتحنك؟! أهلا سيدتي وأنت امرأة فاضلة آثرت تربية الأولاد على أن تبدأي بالعمل بالمحاماة انه الشرف الأكبر للمرأة أن تربي أولادها وأن تكون لأسرتها أولا وعندما تنتهي من ذلك فلا بأس إن انتقلت إلى عالم المحاماة.. انك من المتدربات المشهود لهن بأخلاقهن وهذا الذي يتوج رأسك ولباسك المحترم وأخلاقك وسلوكياتك وأدبك وأدب المرأة أولاً وكيف نسألك وأنت ممن عهدناهن محافظات، نشيطات؟؟ إنها ليست استقبالات أيام زمان، وبيت فستق الذين يطرون على بعضهم، إنها جلسات التدريب في نقابة المحامين لمحامو ومحاميات المستقبل.. هنا يتقوقع ابن الموظف العادي والمتدرب عند محامي أو محامية عادية لا صولجان لهم ولا علاقات عامّة ولا يد وهم يحزنون..، وهو يعلم أنه لن يحظى بربع ما حظي به زميله من إطراء أو دعم. هنا يسأل المتدرب ذو الحظ السيء والذي لم يولد لعائلة معروفة ولم يتدرب عند محامي له وزنه وتطرح عليه الأسئلة من كل صوب وجنب، وإياه أن يجادل أو يناقش إنما يطرق رأسه عند كل نظرة دليل على احترامه وولائه للأباطرة الكبار من المحامين المتزعمين المنصة في القاعة منذ سنوات كثيرة. بينما ذاك الذي حالفه الحظ ابن الجاه والدلال لن يكون الطريق مفسوحاً أمامه في المستقبل فحسب بل من نقطة الانطلاق من جلسة الامتحان سيعرف أن الجميع بخدمته. هنا في جلسات التدريب اكتشاف مذهل للعقليات المتخلفة التي يظن البعض أننا تخلّصنا منها منذ زمن ليكتشف أنها لازالت هنا والأبواب موصودة عليها يحرسها رجال تحت الطربوش.. لازالوا يجسدون عقلية الطبقات وأولاد العز وأولاد الذوات.. لازالوا هنا من ظننا أنهم قد رحلوا لنكتشف كل لحظة أنهم لا زالوا يقفوا مكانهم ويشدوا البساط صوبهم بأيد فولاذية لم تستطع حتى الآن الأيادي البيضاء الصغيرة أن تعادلهم.. لقطة.. يدير أحد المحامين الكبار ظهره وهو على طاولة الامتحان في وسط قاعة التدريب أعلى القاعة ليصلي أمام جمهرة من المتدربين والمحامين والمشرفين.. في درس للجميع أن الدين فوق كل شيء.. حتى أنّه فوق العدالة..