التقيته بعد غياب طويل: وبعد أسئلة شتى عرفت أنه لم يتزوج فما زال يبحث عن حب عاصف يقوده نحو البيت الزوجي! نعم يبحث عن علاقة حب وينتظر تلك الحبيبة التي ستقوده نحو السعادة المنتظرة!!! وفكرت ننتظر الحب ليقودنا نحو السعادة في الزواج وكم من علاقة حب انتهت بزواج فاشل وبنهاية وخيمة للحب؟! وكم من زواج بدون حب انتهى بتعايش سعيد ومريح؟! فأين المشكلة؟! موضوع أخذني طويلا للتفكير في أمثلة شتى واقعية وواضحة فما زلنا نخلط بين الحب وبين مؤسسة الزواج إذ ننظر لها بنفس الرومانسية التي تحكم الحب في حين تتعرض مؤسسة الزواج إلى تحديات كثيرة من ضغوطات الحياة وهمومها الإقتصادية والإجتماعية والنفسية والتي تتطلب كثيرا من الدقة والحكمة حتى تسير بأمان نحو شط الحياة المستقرة وبحد من السعادة والرضى! وهذا ما قد يبعد الرومانسية وربما رأينا أنه كثيرا ما يقتل الحب في الزواج فكيف السبيل لنمتلك تلك الآلية التي تجعلنا نمسك الميزان من المنتصف لنحافظ على بعض الإستقرار لصالح الحب والزواج معا وهل بإمكاننا ذلك؟!؟ ربما تكمن المشكلة هنا في أننا وعلى كافة سوياتنا نفتقد مهارة الحياة!!! مهارة الحياة: حين نفهم ما نريد نحن كأشخاص من هذه الحياة القصيرة والسائرة بسرعة بحيث لن تنتظرنا لنحقق كل شيء على الصعيد العام والخاص. فندرك أنه علينا اقتناص فرص السعادة والفرح ولحظات اشتعال ٍ جميل في مشاعرنا فقد نتمكن من العيش ضمن كل الضغوطات المحيطة بالحدود التي لا نرضى بأقل منها من انسانيتنا ورهافتنا وحسنا الجميل،نحافظ على أعلى درجات الشعورباللحظة: التي تهزنا إذ تلتقي العيون فتذيب بلحظة صقيعاً بدأ يتراكم....!!!! كيف نكتسبها سؤال ليس له إجابة محددة إنه حصيلة نضج ٍ وتراكم ذاتي ينقصه بعض الصقل منا بالعمل على إغناء هذه الذات والرقي بها وبعيدا عن الإسترخاء العاطفي الذي نستسلم له بعد الزواج وكأننا نحيا بهدف الزواج ثم الإنجاب ثم بذل قصارى جهدنا في الأمور المادية وأسباب العيش،ورغم أهمية هذا إلا أن الإستهلاك الذي طال أولوياتنا وحكم حياتنا بهذا الترتيب قد أبعد حياتنا الروحية عن الساحة فتحولنا إلى هياكل بشرية وظيفتها التناسل! هي مشكلة عامة بالطبع،علينا التصدي لها على الصعيدين العام والخاص ولكني سأركز على الخاص الذي يبقى في الظل غالباً في حين برأيي له الأولوية. ويتساءل الجميع كيف نحافظ على لياقتنا في الحب ليبق في أوجه دون أن يتعرض للقتل اليومي في روتين المسؤوليات الزوجية وهموم الحياة في هذا العالم الفقير حتى روحياً،إنها لياقة لا بد من البحث عنها وامتلاكها لدى الطرفين بجهد صادق،ولا يجدي أن تكون من طرف واحد أبداًلياقة تشحذ مهارة الحياة في داخلنا لنكمل علاقة اخترناها نحن أصلاً راضين بمتاعبها وبالشريك ذاته،والذي كنا نراه بكامل رونق الحب حتى إذا جمعنا سقف واحد نكتشف أننا قد أجلنا البحث في السلبيات أو قد غضضنا الطرف عنها فننتهي بهدم هذا السقف علينا سوياً، ثم ننبري لرؤيتها ونقاشها بعد الزواج،فهل لنا قبل كل شيءأن نرَ دائما ايجابيات الآخر بنفس الطريقة التي تتكشف لنا سلبياته وذلك ليس لنغفر الأخطاء دائما بل حتى لا يعمينا التعصب لمعاناتنا والتقييم بشكل أحادي قد يصل بنا لتشويه الآخر وربما للإصابة بالغرور فلا نرى سلبياتنا نحن. مهارة الحياة،ولياقة الحب المتجددة،هما مهارة التعامل مع الآخر...الصعبة علينا في ظل تربية وبيئة قائمة على ثقافة بطريركية ذكورية مهيمنة على آلية تفكيرنا وطريقة تعاطينا مع بعدنا الآخر فكم نحتاج من صقل لذاتنا ودواخلنا لندرك تلك المهارة؟! فربما استطعنا الارتقاء بالحب عبر مؤسسة الزواج لا إيقاعه في شراكها القاتلة وهذا يتوقف على الشريكين وقدرتهما على السير معا في التجربة فمهارة لا تتكلل بالشراكة هي تعذيب لطرف في البحث عن أسباب السعادة في كومة قش ينثرها الآخر ودون قصد على إبرة الحب الصغيرة....
وداد سلوم، زاوية مفتوحة، (مهارة الحياة) خاص: نساء سورية