المطلقة.. سيارة مستهلكة

عذرا على هذا العنوان، وقح، قبيح، صفيق.. أدري لكن عندما تقرؤون الحكاية، المأساة، قد يكون لكم رأيا آخر ربما أعنف أو أشد وجعا. فتاة بعمر زهرة ياسمين، فقيرة الحال، أنهت دراستها الثانوية وبسبب فقرها لا دروس خصوصية فكما تعلمون أصبح الأستاذ الخاص، في الأعم الغالب، هو الذي يعطي العلامة في فحص الثانوية وليس المدرسة الحكومية، المهم كان مجموعها ضعيفا، لم تستطع فيه دخول فرع، أي فرع، في جامعة حكومية وليس لأهلها قدرة التعليم الموازي أو المفتوح، طبعا ولا التعليم الخاص.. قعدت في بيتها مع القاعدين والقاعدات، مارست عملا يدّر عليها بعض المال، لكن الأهل يريدون تزويجها، فليس بمقدورهم تحمّل تكاليف معيشتها سيما وإخوتها في الانتظار، لم يشفع لها دخلها الجيد من عملها لأنه، كما تعلمون، " البنت آخرتا لبيتها وزوجها؟! ". ستة أشهر بعد الثانوية العامة ويظهر " الفطحل " الخطيب، يدق بابها الهلامي البنيان، وبكل يسر التقاليد الزائفة والأعراف النخرة تتم الخطبة، إذ أن "ظل راجل ولا ظل حيطة" هو المعتاد البغيض. استمرت الخطبة شهرا أو شهرين لا غير وصارت "حرم الفطحل" القادم من قهر الغربة وشظف الأحوال في البلد. لا تعرفه، ولا يعرفها جيدا.. طرق بابها كأي طارق، ألم تسمعوا المثل الفظيع: "البنت متل حلقة الباب، مين ما كان بيدقّا"، فكيف بالله عليكم سيكون سكنها وستكون سكنه؟! بعد أربعة أشهر زواج لا سكن فيه ولا سكينة عادت المسكينة من غربتها لتعيش غربة أقسى وأمرّ... فالطلاق من ورائها والقهر وظلمة الآتي من أمامها... تركها أو تركته أو تركا بعضهما، لا يهم، جاءت لأيامها السود ولمجتمع لا يرحم ولا يدع رحمة الخالق تحلّ على عبده. ما هو مصيرها: فتاة بعمر الفل لا علم ولا عمل ولا ميسرة، مطلقة بعد أشهر زواج مأزوم؟ بالله عليكم أليست كسيّارة مستهلكة في مجتمع لا يزال يركب "الطنبر" و"الحنطور " فكرا وسلوكا؟ أعذروني مرة أخرى، إنني أكتب وقلمي يقطر دمعا لا حبرا، يرسم جرحا لا حرفا....! ما المصير الذي ينتظر هذه البنية ومثيلاتها وهن كثير؟؟. سأترك لكم حرية توصيف الحكاية، فهذا ما نقدر عليه فقط، لكنني أطالبكم رغما عنكم وبكل ما أو تيتم من عقل منفتح متنور أن تقدّموا لها حلولا تقيها، ومثيلاتها، غدر الزمان وناسه..