عندما ولدت كان اسمي تامر. أبي وأمي أحبَّا الاسم وقررا خلال فترة الحمل بي أن يسمياني تامر.
وذات مرة عندما كانت أمي حاملا التقى أبي برجل غريب يلتقي به لأول مرة. سأله الرجل: ما اسم ابنك البكر؟ فأجاب بأنه ينوي أن يسميه تامر، فأبدى الرجل انزعاجه من الاسم وطلب من أبي أن لا يسميني تامر وذلك لأن اسمي واسم أبي لا يتفقان، كما قال. واقترح الرجل على أبي بعض الأسماء الأخرى. وقبل انتهاء المقابلة بينهما عاد وحذره وقال له: هذا الاسم سيسبّب العديد من المشاكل لابنك، لأن اسمه لا يتفق مع اسمك.
ولأن أبي لا يحب أن يتدخل الناس بحياته الخاصة وبحياة أولاده، فلم يسمع كلام الرجل وصمَّمَ على أن يسميني تامر.
وهكذا ولدت باسم تامر. ولم يستجب أبي لنصائح هذا الرجل رغم التحذير.
أمي قالت لي لاحقا إن الولادة كانت صعبة للغاية. ثم تذكرت أن الولادة عند غالبية النساء هي ولادة غير سهلة. وبعد ولادتي صرت أمرض كثيرًا. وصار أبي وأمي يتغيبان عن العمل ليأخذاني إلى الطبيب، وعندما تكون الحالة صعبة يطلب منهما الطبيب أن يأخذاني إلى المستشفى. وأخبراني مرة أن حياتهما كانت صعبة في هذه المرحلة لكن حياتي أنا، كما قالا، كانت لا تطاق.
وصادف أن التقى هذا الرجل الغريب بأبي عندما كان في الطريق إلى العيادة. وعندما لاحظ أني مريض، قال لأبي: لماذا لم تسمع كلامي؟ لماذا لم تغير اسم الولد؟ ألم أقل لك إن اسمه لا يتفق مع اسمك وسوف يمرض كثيرًا؟
لكن أبي، ورغم كلّ هذه التحذيرات بقي عند نفس الرأي.
وعندما صار عمري ثلاثة أعوام ذهبت إلى الروضة. وكنت أغيب كثيرًا بسبب كثرة الأمراض التي تصيبني. وكنت أسمع الناس يقولون لأمي: الله يشفيه.. وننتقل أنا وأمي وأبي من طبيب إلى آخر. من أخصائي الجلد إلى أخصائي الحساسية، إلى أخصائي الأنف والأذن والحنجرة. لكن، بدون أية فائدة.
وفي يوم من الأيام اتخذت أنا الصغير قرارًا كبيرًا...
عندما عدت من الروضة ناداني أبي: تامر! كيف كانت الروضة اليوم؟
لم أجبه عن سؤاله. وقلت له وكأنني لم اسمع السؤال: أنا صرت اليوم فادي. اسمي صار فادي. لم يعُد تامر!!
ضحك أبي كثيرًا. ولم يهتم بكلامي. ولم يعرف أنني جادّ فيما أقول.
في صباح اليوم التالي عندما أراد إيقاظي لأذهب إلى الروضة أتى إلى السرير وناداني: تامر! تامر! هيا أفق وافرك أسنانك وتناول الفطور. نريد أن نذهب إلى الروضة...
فتحت عينا واحدة كما يفعل توم عندما يراقب جيري في أفلام الرسوم المتحركة التي أشاهدها أحيانًا مع أبي، وقلت له محذرًا: إذا لم تنادني فادي، فلن أخرج من سريري!!!
فتراجع وصار منذ ذلك اليوم يناديني باسم فادي. وأمي كذلك. وصار كلّ أولاد الروضة ينادونني باسمي الجديد. وهكذا صرت فادي. لكن بعض أصحاب أبي ظلوا ينادونه أبو تامر. وعندما ينادونني أنا كانوا يرددون اسم تامر فلا أجيب. وكنت أغضب في البداية إلا أنني صرت أرى بأنني ولد مميز لأن لي اسمين. وأنا الولد الوحيد في الصف الذي له اسمان. كلّ أولاد الصف لهم اسم واحد فقط.
وذات يوم قالت لي أمي وهي تفك حقيبة الروضة عن ظهري عندما عدت إلى البيت في ساعات الظهيرة: هل تعرف يا تامر.. ثم صلحت نفسها وقالت: هل تعرف يا فادي أن الرجل الذي التقى بالبابا قبل أن تولد قال لأبيك إن اسم تامر غير ملائم لاسمه وإنك ستمرض. وأضافت أنه طلب من أبي أن يسميني فادي لئلا أمرض.
انفعلت كثيرا عندما عرفت أن الاسم الذي اقترحه الرجل على أبي هو نفس الاسم الذي اخترته أنا لنفسي (فادي). ورغم أن أمي كانت أم تامر عندما ولدت فقد صارت هي الأخرى أم فادي. أما أبي فبقي أبو تامر.
والغريب في الأمر، وربما لا يصدق بعضكم، أنني منذ غيرت اسمي من تامر إلى فادي لم أعد امرض بالمرة.