"روحك مشهد مختار، يجول فيه مقنعون وراقصون فاتنون، يعزفون على العود ويرقصون، وعليهم مسحة من الحزن تثوي تحت أقنعتهم".. مقطع من أغنية فرنسية منسية، بعثتها إلى الحياة أربع نساء سوريات، يوم أمس الأحد في مسرح الدراما في دار الأسد للثقافة والفنون، عبر أمسية موسيقية شعرية تحتفل بالحرف الأبجدي والحرف الصوتي. أربع عشرة قصيدة شعرية، غنتها بلغتها الأصلية السوبرانو رشا رزق، بعزف مرافق للدكتورة شادن اليافي على البيانو، فيما ألقت الشعر الإعلامية أنسام السيد بالترجمة العربية التي قامت بها فاطمة عصام صبري. جمع الحفل بنكهة مختلفة فني الشعر والموسيقى، وهما ألصق الفنون بالنفس الإنسانية، وقسمت الأمسية إلى قسمين، الأول احتوى غنائيات: أيار، للشاعر فيكتور هيغو، على ضفة الماء للشاعر سولي برودوم، ورود أصفهان وليديا للشاعر لو كونت دو ليل، السر للشاعر أرماند سيلفستر، ضوء القمر والسجن للشاعر بول فيرلين. أما القسم الثاني فكان مخصصاً لإحياء ذكرى الشاعر الفرنسي كلود دبوسي، فاحتفل بأغنياته المنسية وهي: أغنية المطر، الأحصنة الخشبية، خضرة، السأم، النشوة المضنية، وظل الأشجار. أغاني الحب والحزن الفرنسية، مزجت في هذه الأمسية بين الشعر المحكي والشعر المغنى، وزاوجت الموسيقى الفرنسية بإلقاء الشعر باللغة العربية، بهدف إحياء الصورة المشهدية للكلمة لدى الجمهور، واستحضار النص إلى خشبة المسرح، عبر الحنجرة الذهبية لرشا رزق، والأنامل المبدعة لشادن اليافي إضافة إلى الإلقاء المتميز للإعلامية أنسام السيد، الذي كشف عن جانب موهوب وغير معروف للمذيعة التلفزيونية.
وتأرجحت الألحان بين ارتفاعات السعادة وانكسارات الحزن لتحمل معاني الأشعار التي تعود بمعظمها إلى الفترة الرومانسية، فكانت أن تحولت الأمسية لطقس يحتفل بالحب والحزن كقيمتين مطلقتين للوجود البشري، مع إعطاء مساحة كبيرة للخيال والتأمل، أكدها الوجود النسائي الذي يسعى للاستغراق في عالم الرومانسية والرحيل إلى الماضي بعيداً عن العالم الذكوري الأكثر واقعية وحدّة. وتنوعت الموسيقى على إيقاع الكلمة بين القوي البطولي والمتفائل وبين المتأمل والسابح في عوالم الفن. والجدير بالذكر أن هذه الأمسية الموسيقية الشعرية تأتي في إطار احتفالات دار الأوبرا السورية بمرور خمس سنوات على تأسيسها، استضافت خلالها 800 عرض فني وأكثر من 700 ألف شخص في صالاتها.
السوبرانو رشا رزق، احترفت الغناء منذ الصغر بعد أن اتضحت موهبتها, خريجة المعهد العالي للموسيقى 2002، تعمل الآن أستاذة في المعهد في قسم الأوبرا، وهي أستاذة متخصصة في تعليم الأطفال وتنمية قدراتهم في مجال الموسيقى بشكل خاص، إضافة لكونها مغنية ومؤلفة في فرقة إطار شمع السورية لموسيقى الجاز التي أصدرت ألبوم بعنوان بيتنا 2007، شاركت في العديد من الحفلات مع الفرقة السيمفونية السورية وأوركسترا شباب البحر المتوسط، والعديد من الحفلات الإفرادية، وأدت دور البطولة بشخصية جمانة في أوبرا ابن سينا 2003، وأدت دور ميكائيلا في تراجيديا كارمن لماريوس كونستان اقتباس جورج بيزيه.
الدكتورة شادن اليافي نالت شهادة الدكتوراه في الموسيقى من جامعة بوسطن، حيث منحتها الهيئة التدريسية جائزة العميد للتفوق الأكاديمي، كما منحتها العضوية في مجلس الشرف الموسيقي الأمريكي عام 2006. وهي تحمل أيضاً شهادة الماجستير في العزف على البيانو ودبلوماً في الدراسات العليا في البيانو من كلية لونجي للموسيقى في بوسطن. عملت أستاذة للموسيقى في جامعة تافتس وجامعة بوسطن ومعهد بروكلين للموسيقى في الولايات المتحدة، كما درّست في المعهد العالي للموسيقى في دمشق. وعزفت بشكل منفرد عدة مرات مع الفرقة السيمفونية الوطنية السورية وفرقة موسيقى الحجرة، كما أقامت العديد من الحفلات الإفرادية في سورية والولايات المتحدة الأمريكية. طبعت أطروحة الدكتوراه مطلع عام 2009 في دار نشر فيرلاغ مولر، وتتناول الأطروحة تعاليم علم الجمال الموسيقي في جامعات الدراسات العليا.
الإعلامية أنسام السيد، درست الأدب الفرنسي بجامعة دمشق، وعملت في العديد من البرامج بدءاً من نشرات الأخبار الفرنسية, وصولاً إلى البرامج الحوارية المنوعة, وشاركت في افتتاح منظومة التدريب عن بعد وإدارة الحوارات والدورات التدريبية بين 34 دولة عربية عبر الأقمار الصناعية ، كما شاركت في دورة فن إدارة الحوار التي انعقدت بتونس خلال 2009، وحاصلة على شهادة CFI من قناة فرنسا الدولية.
آرام غروب، (أربع أصوات نسائية تحتفل بالحرف في دار الأوبرا) تنشر بالتعاون مع "آرام غروب"، (5/