التجدد في الخبرات والتنوع في المعلومات إثراء لمختلف البرامج التنموية في المجتمع. وإذا كنا اليوم نخطو في العمل مع الإعاقة و تطوير برامجها، فمن الأهمية بمكان أن نبني قدرات العاملين/ات على مختلف البرامج، ومنها برنامج الدمج التعليمي للطلاب المعوقين الذي بدأ منذ عام 2002 في إطار مشروع تجريبي ليصبح اليوم قرارا ملزما للجهات المعنية. هذا التطور نتج عنه العديد من الخبرات المتنوعة وعلى كافة المستويات. وضمن هذا الإطار استضافت منظمة آمال للمعوقين ورشة عمل حول الدمج التعليمي نظمت من خلال المجلس المركزي للإعاقة. أما الفئة المستهدفة في هذه الورشة فقد كانت من أعضاء وزارة التربية المدربين في التربية الخاصة ومنسقي الدمج في المحافظات، و ذلك في الفترة الواقعة بين 28/2- 11/3/2010. ورافقت هذا التدريب ورشة عمل خاصة بالإعلاميين ورؤيتهم للإعاقة. أما الخبرات فكانت من جامعة كينسو الأمريكية مع خبيرين في التربية الخاصة والإعلام. وضمن هذا التنوع كان هناك عددأ من المتخصصين في الإعاقة العاملين في منظمة آمال كمشاركين متدربين في ورشة الدمج التعليمي مما أتاح الفرصة للتواصل بين الخبرات الفنية و التربوية معا. أما عن المواضيع التي تم طرحها في تدريب الدمج فقد تنوعت في إطار أهمية الدمج ولماذا الدمج؟ ما هي توقعات معلمي المدارس حول الدمج لتنتقل إلى الفروق الفردية واستراتيجيات التعلم التي تراعي الفروق الفردية وتساعد على خلق الدافعية للتعلم.. إلى آلية إدارة الصف وأنواع الإعاقات واحتياجاتها التربوية لتنتهي الورشة التدريبية بوضع خطط متنوعة للتدريب ونقل الخبرات إلى الميدان.. في ضوء التدريب كان لمرصد نساء سورية لقاءات متعددة مع المدربين والمشاركين. السيدة جيل ويليامز خبيرة الدمج التعليمي أجابت عن سؤال حول مدى تلاءم توقعاتها المسبقة عن المشاركين وواقع المشاركين في التدريب: "من الضروري في التدريب معرفة الفئة المستهدفة التي سأعمل معها. وفي هذه الورشة لم اعتقد أنني سأدرب مجموعة من المعلمين الميدانيين! إلا انه في الواقع كانت الفئة المشاركة فريق من المدربين المركزيين والمحليين، وهذا جعلني أقوم ببعض التعديلات، إلا أن ذلك كان إيجابيا في تبادل وتطوير الخبرات". وعن رؤيتها للدمج في سورية تحدثت السيدة ويليامز: "طريق الدمج التعلمي طويل، ولكن ما لمسته من حماس وخبرات في هذه الورشة جعلني أعتقد ان سورية بدأت في الخطوات الصحيحة، وتحتاج إلى التنسيق والعمل بخطوات صغيرة ولكن مستمرة وحثيقة. كذلك تحتاج إلى تسليط الضوء على النجاحات واستثمارها في تجاوز الأخطاء. و مما لاشك به أن لديكم التنوع في الخبرات مما يغني نجاحاتكم القادمة". أما عن صعوبات الدمج سواء في اميريكا أو سورية فقالت: "الدمج في جميع أنحاء العالم يتشابه في صعوباته، بل هي واحدة أحيانا. ولا بد أن نستفيد من التجارب والأخطاء في كل مكان لكي نسرع خطواتنا. حين نتبادل الخبرات نتجنب أخطاء الآخرين التي ستواجهنا في عملنا. ولكني أؤكد أن صعوبات الدمج واحدة تتركز في توقعاتنا واتجاهات الفكر والثقافات ومدى التزامنا بالحقوق". في رأي السيدة جيل برامز حول دور مجموعات القوة الضاغطة في قضايا الإعاقة: "في اميريكا استطاعت القوة الضاغطة المؤلفة من أصحاب العلاقة (المعوقين/ات) والأسر أن يكون لهم القوة الاكثرتأثيرا على أصحاب القرار مطالبين بحقوقهم، خاصة بحق التعليم والاستقلالية التي يطمحون لها. وانتم اليوم لابد أن تكون لكم هذه الحركة من أصحاب العلاقة للمطالبة بالحقوق. وهي اليوم أسهل بسبب الاتفاقيات الدولية والإجراءات المتخذة من قوانين وخطط تسعى للنهوض بالمعوقين". وأضافت السيدة ويليامز أن الجمعيات الخاصة بالأسر والمعوقين لابد أن تكون مشاركة بفعالية. قبل أن ننهي اللقاء استوضحنا عن رأيها في احتياجات المشاركين التدريبية القادمة التي من شأنها أن تساعد على تطوير مهاراتهم التدريبية.. فأوضحت قائلة: "لابد لي أن يكون هناك متابعة ميدانية للفريق لأحدد الاحتياجات على الرغم من وجود الكفاءات المتميزة عند البعض من المشاركين". من جهة أخرى استطلع مرصد نساء سورية آراء المشاركين/ات حول الإضافات المعرفية والخبرات التي تم اكتسابها من خلال هذه الورشة، فلاحظنا أن هناك شبه إجماع في آراء المشاركين/ات تلخصت على النحو التالي: المحتوى التدريبي يشبه ما نعمل به اليوم مع معلمينا، إلا أننا أضفنا خبرات متنوعة في طرق التدريب والاستراتيجيات الخاصة بالمعلمين والتي سنعمل على تضمينها في المحتوى التدريبي القائم كمادة علمية تدريبية. والاهم، برأي المشاركين/ات، كان التواصل مع الاختصاصيين من آمال لإيجاد صيغة من التواصل والتنسيق في العمل وتحديد ادوار كل جهة، وهو ما يتطلبه الدمج اليوم بوضعه الراهن. بالتوازي مع تدريب الدمج ضم مسرح آمال مجموعة من الإعلاميين قام بتدريبهم السيد ريتشارد خبير إعلامي يعمل بعدة مجالات إعلامية وله دور في قضايا الإعاقة والية تناول مواضيع الإعاقة في الإعلام من اميريكا وفي نقاش حول الإعلاميين ورأيه عن رؤيتهم للإعاقة في سورية. السيد ريتشارد قال للمرصد: "من الملاحظ أن الإعلاميين لم يكن لديهم تواصل حقيقي مع المعوقين/ات إلا من خلال تجارب قائمة أساسا على تلبية حاجة العمل (عبر المقالة، التحقيق، البرنامج الإعلامي..)، أي ليس لديهم أسسا أو قواعد لتناول قضايا الأفراد المعوقين أو قضايا الإعاقة. لذا كان لابد من التركيز على تعريفهم بالإعاقة أولا وكيفية تناول قضاياها إعلاميا، ولماذا.. إلى أن توصلنا معا إلى ضرورة أن تكون هناك مجموعة غير رسمية من المشاركين/ات تقوم على التواصل مع المعوقين/ات وقضاياهم مباشرة، بهدف نشر الوعي والتعريف بواقع هذه القضايا. وواقع أنها مجموعة غير رسمية سيتيح لها الحرية الكافية لكي تقيم تواصلا أعمق مع الأفراد أصحاب العلاقة". وعن دور أصحاب العلاقة والأسر في الإعلام قال: "سيكون من الأفضل أن تعمل مجموعات غير رسمية، ومبادرات خاصة من المعوقين، لكي تنشأ وتفعل التواصل مع الإعلاميين/ات. فتوسيع دائرة المعارف والأصدقاء سوف يساعد على تعميم معرفة واقعية تسهم في إثراء معرفة وخبرات الإعلاميين/ات عن قرب. والعناية بتوجيه دعوات خاصة وعامة للإعلاميين/ات في كل مناسبة ممكنة هو أمر هام" أما ما يخص رؤية السيد ريتشارد لآلية العمل ودورها في تطوير حضور قضايا الإعاقة في الإعلام فقال السيد ريتشارد: "ربما الأهم أن يكون المعوقين أنفسهم مشاركين في الإعلام عند تناوله أي من قضاياهم. وكذلك أن يكونوا مشاركين في البرامج والمواضيع العامة. فوجود المعوق/ة في الإعلام مباشرة يساهم مباشرة في وضع هذه القضايا في سياقها الاجتماعي ويؤكد مفهوم الدمج عمليا. ويغير تلقي الناس لما يتضمنه هذا الإعلام بطريقة صحيحة. خاصة لجهة إظهار أننا لا نتكلم عن شخص او اثنين، ولا عن قضية عاطفية، بل عن قضايا أساسية في حياة فئة كبيرة من مجتمعنا". في نهاية لقاءنا مع السيد ريتشارد وضح أهمية دور بعض مبادرات الناشطين المعوقين كأفراد للتواصل بايجابية مع الإعلاميين/ات، فهم برأيه القاعدة الأساسية لتغيير الإعلام نحو الايجابية في قضايا الاعاقة.. بعد هذا الاستعراض لعمل الأيام السابقة أرغب أن أضع رأي بصفتي إحدى المشاركات في تدريب الدمج التعليمي. مما لاشك فيه أن التدريب كان له أثر في اغتناء الطرق التدريبية وإضافة الاستراتيجيات الخاصة بالمعلم إلى دليل الدمج الذي نعمل به في التدريب. والاهم هو ما قامت به المدربة من السعي لدراسة وضع آلية للتنسيق بين الجهات المسؤولة عن برامج الإعاقة، وهذا ما يجب أن يكون من الأولويات في عملنا، لان هناك العديد من الجهود المبذولة في هذا الميدان إلا إن كل جهة تعمل دون تنسيق مع الجهات الأخرى، مما يؤثر سلبيا على عمل الجميع. لذا أتوجه برسالة إلى كافة المعنيين لإيجاد حلقة وصل تربط المجلس المركزي للإعاقة مع العمل الميداني بصورته الواقعية. وربما الأفضل أن تكون هناك ممثل/ة من كل جهة وقطاع تشارك في هذه الحلقة الواصلة بحيث يمكن رصد الاحتياجات الواقعية وتنسيق الجهود. مما يساهم في تجاوز الأخطاء وتطوير النجاحات وتعميمها، وهو الأمر الذي طمحت له الخطة الوطنية للإعاقة. خاصة أن تأمين الخدمات المتطورة للمعوقين/ات هو أمر لا يمكن لجهة واحدة، من كانت، أن تقوم به. فهو أوسع وأكبر وأكثر تحركا وتغيرا مما يبدو على الورق. العمل على إيجاد آلية فعالة تحقق التنسيق والربط بين الجميع، وتفسح المجال لمشاركة الجميع في خبراتهم ومعارفهم، وكذلك توضح واقع احتياجاتهم، هو أم هام وأساسي في تحقيق أن نجاح نأمل به. في الختام.. نتمنى أن تكون رؤيتنا في قبول الآخر التي ننادي بها للمعوقين/ات محققة أساسا فيما بيننا. فما لم تحترم الجهات جميعها عمل وخبرات ومعارف الجهات الأخرى، وما لم يتوقف الجميع عن اعتبار قضايا الإعاقة والمعرفة والعمل المتعلق بها هو نوع من "الاحتكار" لها، فإن التقدم على هذا الصعيد سوف يبقى محدودا وحافلا بالنواقص والثغرات. تكامل معارف وخبرات وعمل الجميع هو شرط اساسي برأينا لتحقيق النجاح.
مي ابوغزالة، (بين التجدد في الدمج التعليمي.. ورؤية الإعلام للإعاقة) خاص: نساء سورية