بلدية دوما ترفض قتل الكلاب الشاردة...!!!! خبر ُنشر في موقع إلكتروني، لم أستطع أن أحدد لحظتها شعوري تجاهه، فهل هو السعادة بأننا إرتقينا إلى درجة أصبحنا نشعر بشعور هذه المخلوقات المسكينة ونرفض قتلها تيمناً بالغرب،لأن هناك من يقوم بالمعجزات لإنقاذ قطة محاصرة في مكان ما أو كلب مريض! و لكن عندما نكمل قراءة الخبر نجد أن الرفض لم يأتي بذريعة الرفق بالحيوان وإنما بحجة أن قتلها (حرام!!!)، رغم كل ما تسببه هذه الكلاب من أذى لسكان المنطقة كما حصل فعلاً مع طفلة في السادسة من عمرها أصيبت بمرض اليرقان جراء هجوم إحدى الكلبات عليها بينما كانت تنتظر باص المدرسة. لا أعرف لماذا أخذني هذا الخبر بعيداً ولكن ليس كثيراً، لأفكر بقلوب أصحاب القرار المرهفة هناك والتي لا تقوى على قتل حيوان شارد، وفي الوقت نفسه نلاحظ قلوب الكثيرين من أبناء بلدنا الأعزاء التي لاتهتز عند قتل فتاة بجريمة شرف! الشرف أصبح يتلون ويتغير بتغير مزاجهم وأهوائهم ومصالحهم، ومستوى الإحساس به أصبح يهبط ويرتفع كالبورصة يوميا ً. الشرف... هذا الذي ُدنّس مراراً وتكراراً بالكذب والغش والنفاق والبغيضة والحقد وسرقة الأموال الخاصة والعامة وما إلى ذلك. الشرف... تلك الصفة التي أصبحت ترافق أشخاص لا يمتون إلى الشرف بِصلة، بل فجأة يصبحون (ضيوف شرف) في بعض المؤتمرات والمهرجانات، وعلينا أن نصفق لهم ونرحب بهم ونتشرف برؤيتهم ونتبارك بتشريفهم! الشرف الذي لا يتعدى كلمة (بشرفي...) حين يريد أحدهم التأكيد على صحة قصة ملفقة أبتكرها عقله ليقنع محدثه بها غير آبه بشرفه الذي دنسه بكذبه، وإنما يصحو لشرفه فجأة حين يخبروه بأن أخته تحب وتريد الزواج بمن تحب، لا بمن يحب هو والعائلة الكريمة فيقدم على قتلها كي لا تمس شرف هذه العائلة بسوء! في اليمن تراشق نخبة الشعب في البرلمان بالاحذية وتنابزوا بالالفاظ النابية حين طالب سلطان البركاني، رئيس كتلة المؤتمر الشعبي العام الحاكم، بتحديد سن للزواج من الـ16 عاما كحد أدنى، فأستشاط المجلس غضباً واعتبر مثل ذلك الطرح مناقضاً للشريعة الإسلامية، فكيف لنا أن ندعو أخواننا في اليمن ليتضامنوا معنا في التاسع والعشرين من شهر تشرين الأول آملين منهم أن يقفوا ضد قتل بناتهن بحجة الشرف. ولكن للآسف لا أظن أن أحداً سيجرأ على ذلك خوفا من حذاء طائر أو شتيمة تخدش شرفه!و ما يحدث في اليمن يحدث في غيره من البلدان العربية. 29 تشرين الأول يوم التضامن مع ضحايا جرائم الشرف حري بنا أولاً أن نطالب بتغيير أسم هذه الجريمة إذ كيف للشرف والجريمة أن يجتمعا معا. وثانياً عليهم أن يحددوا عن أي شرف يتحدثون وبأي سلاح يقتلون! فبعد أن أصبح قتل فتاة بتهمة المساس بشرف العائلة أو الإشتباه بذلك أسهل لدى الكثيرين من سحق نملة تدب على الارض طالبة رزقها لأن "قتلها حرام...إنها مخلوقات ضعيفة " وهي الجملة الوحيدة التي نسمعها في تلك اللحظة. لكن ماذا عن هذه الفتاة الصغيرة؟ أليست مخلوقة ضعيفة تتفنون في تعذيبها وقتلها دون أن يهتز لكم جفن أو تنزل دمعة؟! جريمة + شرف.... كلمتان وسبعة أحرف كافية لينطق بها " المجرم البريء " حتى يخفف عنه حكم المحكمة ويسميه المجتمع بطلاً. جريمة شرف أم شرف الجريمة! كلاهما قد يكونا موضوعين دسمين لرمضان القادم، فأين أنتم يا كتاب السيناريو وصانعو الدراما،أي بصماتكم في زمن لا يخفى فيه تأثير الاعلام ولاسيما التلفزيون، أم أنكم تخشون من هجوم من نوعا ما.
حنان عارف، (شرف الجريمة) خاص: مرصد نساء سورية