الرفيق نايف سليم (سويد) - المعلم , نعم يستحق التكريموالكرامة

بقلم : غالب سيف بمبادرة جمعية " الجذور لتقوية وتثبيت الجذور الحضارية للعرب الدروز في اسرائيل" والمسؤول عنها النائب السابق والكاتب سعيد نفاع, اقيم احتفالا تكريميا للشاعر الشيوعي والكاتب الوطني التقدمي والأممي , شاعر الفقراء الرفيق .. والمعلم .. نايف سليم (سويد) ابن بلد الشعراء البقيعة, وكما سماها طيب الذكر المرحوم توفيق زياد, في المركز الجماهيري في البقيعة في 25.1.2014. ولأنه لم يكن لي مكان بين الكوكبة الطيبة من المتكلمين النخبويين بامتياز في هذا الحفل وبحق, هذا من جهة, ولأني تلميذ هذا الرفيق المعلم الطيب ومنذ انتسابي الى صفوف حزبنا الشيوعي في اواسط ال- 1983 عن طريقته هو , من جهة أخرى , ولأن الاعتباران أو المصلحتان, الخاصة والعامة, تحتاجان الى الاسهام في هذا التكريم لما للأمر من مصلحة, ولكوني أكثر الناس قربا لصاحب الاحتفاء , والفائدة تقضي أن أدون بعض المجريات والحقائق التي بوسعها أن تلقي الضوء عن الكثير الكثير من عطاء وميزات وفضل هذا الكريم المُكرم وصاحب الكرامة المميزة , علها تغني عملية التكريم وتغني تجربتنا الجماعية وتثريها وتعطي رفيقنا المحتفى به ما يستحقه وبجدارة من توثيق لسيرته العطرة ولعطائه الهائل. • أول تعارف لي مع الرفيق نايف كان في "مجلس عمال مركز الجليل", عندما كان هو رئيس كتلة الجبهة فيه وأنا سكرتير التنظيم المهني, في حينه رفاقنا نايف وصياح كنعان والذي كان رئيس لجنة العمال في مصانع القضماني للحديد والصلب قالا لي نفس الجملة : " أنت يا غالب مصيرك أن تنضم لصفوف الحزب الشيوعي .. شوبتعمل في مجلس العمال هذا" . وفعلا تحققت هذه النبوءة وانتسبت للحزب عام 1983 وشرف الانضمام كان عن طريقه وبتوصيته الرفيق نايف. • أفضال الرفيق نايف , على الصعيد الخاص والفئوي والعام, لا تحصى, وأستميحكم عذرا بذكر فضل واحد هو هاجسي المحلي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. طيب الذكر الرفيق نمر مرقس نجح في تعليمي ما يعنيه موضوع " منطقة نفوذ المجالس المحلية" , ومن فهمي هذا وملاحقتي لموضوع مجلسنا الاقليمي "مركز الجليل" تحققت من وجود مؤامرة سلطوية لسلبنا أرضنا والمنطقة الصناعية التوفانية لصالح المستوطنة الجديدة الجارة "كفارهفراديم" , وهكذا جاءت الى الوجود قضية التوفانية والتي أصبحت وبحكم جدلية تفاصيل الصراع عليها قضية ذات تدخلات وتداخلات وأبعاد دولية, ناهيك عن الأبعاد المحلية والقطرية , قبل وبعد شراء مجمع يسكار من ثاني أغنى رجل في العالم وورنبافيت, وبحكم زيارة المأفون غورباتشوف لها وبدعوة الغاصب لها الصناعي ستيف فارتهايمر. في هذه القضية كان الرفيق نايف المعلم والموجه والراعي لكل خطوة أو عمل أو حرف كُتِب عنها, وأكثر, كان محجتي أوقات الضيق المتواصلة والشديدة الوطأة, لي ولأسرتي الذين ذاقوا معي وما زالوا الأمرين نتيجة هذا الصراع. • عندما كان وفد لجنة المبادرة العربية الدرزية في ضيافة منظمة التحرير والرئيس الراحل ابوعمار ياسر عرفات في تونس , نظموا لهم لقاء مع ابوعمار في مدرسة أبناء الشهداء الثانوية, وبعد ما تكلم ابوعمار هو طلب من الرفيق نايف أن يلقي قصيدة له , فقال له : "أنا لا أحفظ قصائدي" , فقال ابوعمار : " حتى قصيدتك أنا ابن الثائرين على الطغاة ونار الحق تلهب أغنياتي , مش حافظها؟. فاجابه بأنه حافظ أبيات منها , فقال له :" إلقيهن". فألقاهم وبعد أن سكت ألقى أبو عمار بيتين آخرين من نفس القصيدة , فصفق الطلاب لأبو عمار لأنه حافظ قصيدة نايف أكثر من نايف. • ذُكر لنا على لسان الشيخ أبويوسف جبر فارس من البقيعة , أنه كان في زيارة لمصر هو وامرأته , دخلوا قهوة فوجدوا فيها الكاتب نجيب محفوظ , سلموا عليه وهو عزمهم على فنجان قهوة وقال لهم : " من لهجتكم انتوفلسطينيه وانا احب كل أهل فلسطين وأدباءها وسلموا لي على سميح القاسم " , فقالوا له : " في بلدنا وقرابتنا شاعر اسمه نايف سليم , فهل سمعت به؟", فقال لهم : " ده شاعر الفقراء ومعلوم سمعت بيه وبعرفه وأشعاره تعجبني جدا وبتسلموا عليه" . • الرفيق نايف كان مُتحيز بالكامل لطبقتنا العاملة وللفلاحين والمظلومين وكل الوقت كان يذكر على مسامعي مقولة تشي جيفارا الشهيرة : "يقولون لي إذا رأيت عبدا نائما فلا توقظه , لئلا يحلم بالحرية , وأقول لهم , إذا رأيت عبدا نائما أيقظه وحدثه عن الحرية" . حتى طرائقه مطابقة لطبقيته, ففي كتابه "طرائف 8" ص 8 جاء : " اعترف!: طلبوا من ضابط عربي أن يصطاد قردا في الغابة, وبعد انتهاء المدة وجدوه يضرب حمارا مربوطا في شجرة .. ويقول له : اعترف أنك قرد." وفي ص 4 جاء : " أنا حرامي!: طارد رجال الأمن العراقي لصا", فخاف أن يقتلوه اعتقادا" منهم أنه شيوعي.. فأخذ يصيح : أنا حرامي .. والله العظيم حرامي...". وفي كتابه " قالوا.." ص 92 اقتبس أبيات الشعر التالية للجواهري : عِتابٌ على نفرٍ أوسطٍ تجمّد كاللبن الخاثرِ فلا هو للشعب في كله ولا هو للجانب الآخرِ فكّفٌ تهدهد غيظ الجموع وكفٌ على منصبٍ شاغرِ ومن ابراهيم اليازجي اقتبس لنا هذه الأبيات ص 93: تنبهوا واستفيقوا أيها العربُ فقد طمى الخطب حتى غاصت الركبُ فيمَ التعلل بالآمال تخدعكم وانتم بين راحات القنا سلبٌ؟ كم تُظلمون ولستم تشتكون وكم تستغضبون فلا يبدو لكم غضبٌ • الرفيق نايف كوم من العطاء والوطنية والتقدمية والمعرفة والطرائف والتسامح والعاطفة , صاحب الرؤيا البعيدة والشاملة والملمة والذي أحب طبقته حتى النخاع. شاعرنا الكبير أدامه لنا ابومحمد سميح القاسم وقبل طقوس التكريم اتصل معي وطلب مني نقل تحياته للرفيق نايف : " لأنه يعزه كثيرا كثيرا". تمنياتنا للرفيق نايف بطول العمر والصحة ودوام النشاط والعطاء والابداع والشكر الجزيل لأصحاب فكرة التكريم هذه والقيمين على تحقيقها لأن نايف يستحق التكريم والكرامة.