في هذا الأسبوع صدر أيضًا المجلد الثامن من (موسوعة أبحاث ودراسات في الأدب الفلسطيني الحديث – الجزء الثاني)، وفيه دراسات أخرى عن نقاد ومفكرين آخرين، ومن بينها الدراسة المطولة التي درسها الباحث محمد عدنان بركات الذي يعد أطروحة الدكتوراة، وهي بعنوان: فاروق مواسي- الناقد الأدبي. ( إعداد وتحرير ياسين كتاني. صدر عن مجمع القاسمي- 2014، ص 293- 329) .
إليكم مقتطفًا مما كتبه الباحث، وقد كلفني أن أرسل الملف لمن يرغب بالدراسة الكاملة على البريد.
................................................
فاروق مواسي الناقد الأدبيّ:
فاروق إبراهيم مواسي شاعر وناقد وقاصّ ومترجم، وهو باحث في اللغة والأدب، ساهم في صقل موهبته وفي رفد أدبه وتعدّد أنواع هذا الأدب- كونه قارئًا مثابرًا يقتني مكتبة بيتيّة ضخمة (نحو ستين ألف عنوان)، وكان ومازال يعلّم ويحاضر، حرّر عددًا من المجلات الأدبيّة، وشارك في عشرات المؤتمرات النقديّة.
واكب فاروق مواسي النقد الأدبيّ، ونشر منذ يفاعته مقالات نقديّة.
أمّا مقاله النقديّ الأول فقد كان موازنة بين كتابين (صحيفة"اليوم”18/9/1960) وهو مقال تربويّ، ثم نَشر مقالة بعنوان "مناقشة لفيلم الوسادة الخالية” (اليوم17/2/1961) وهي مقالة فنيّة؛ غير أن مقالات النقد الأدبيّ بدأها في صحيفة "المرصاد” بدراسة عن ديوان" موعد مع المطر” لفوزي عبد الله ( العدد 9 /1961) ثمّ كتب"لقاء مع تسعة شعراء” وناقش تسع قصائد لشعراء محليّين. فكان هناك من يرضى، وهناك من يغضب – وهذا هو الدرس الأول؛ على حدّ قول مواسي. ثم نشر في مجلة"الجديد” في حزيران 1967 مقالاً بعنوان"شوائب ومغالطات في محاضرات الدكتور شموش“ (وكان المقال قد صدر قبل ذلك في كتاب مشاعل في طريق الأدب - عكا- 1967). كان هذا مقال مواسي الأوّل في مجلة هامّة وجادة كان قد عكف على قراءتها وهو يافع.
ثم كان لدراسته الجامعيّة الأثر الكبير في نظره بعمق إلى النصوص، فكتب عن بدر شاكر السيّاب وصلاح عبد الصبور، وعن أشعار الديوانيّين (عباس محمود العقّاد، عبد الرحمن شكري، إبراهيم المازني) وصلتهم بأشعار الرومانتيّة الإنجليزية.
............................
لمواسي نحو خمسة عشر كتابًا في النقد والبحث، وقد صدر كتابه النقديّ الأوّل "عرض ونقد في الشعر المحليّ" عام 1976م، وهو أوّل كتاب نقديّ يصدر في بلادنا (أعني في الجليل والمثلّث)، وقد جمع فيه المقالات التي كان قد كتبها عن شعرائنا المحليّين، ثمّ صدر له "الرؤيا والإشعاع" عام 1984 وفيه مقالات أخرى عن الأدب الفلسطينيّ وكان قد صدر بعضها في مجلة "الجديد"؛ منها زاوية نقديّة مستحدثة هي "مونولوج نقديّ".
ومواسي متعدّد في نظراته النقديّة، إذ يحاول أن يجدّد في النقد، أو يجاري ما استجد منه، كل ذلك دون تكلّف مناهج غربيّة، أو التقيّد بما قاله سواه، فكلّ مقولة عنده قابلة للنظر من جديد.
يدرس النصّ من جميع جوانبه- النص الذي يرى أنه يستطيع أن يضيف إذا ألقى الضوء عليه، وأن يقيّم ويقوّم إذا اتسع الإمكان.
لا يبدأ في معالجة نصّ حتى يقرأ النصّ مرارًا وتكرارًا، ويقرأ عنه إذا وجد، وحوله إذا أراد أن يقدّم رسالة اجتماعيّة، ولغته إذا استشفّ منه جماليّة معيّنة.
يتبيّن لنا من خلال معالجاته أنه يعتمد الموضوعيّة، وليس المدح أو القدح سبيلاً ينهجه، فلا تكاد تجد (أفعل) التفضيل في أيّ نقد له، أو أيّ حكم صارم حاسم لأيّ نصّ يدرسه ويجتهد في تقديمه، وكان وكأنّه يقول بعد دراسة النصّ: ها قد حللت وشرحت وشرّحت؛ فاحكموا أنتم!
وقد عرّفه أعلام بارزون منهم نزار قباني، صلاح عبد الصبور، عبد الوهاب البياتي بكتبهم المهداة له: "إلى الشاعر الناقد"، أمّا الأستاذ هاشم ياغي فقد ذكره في كتابه "حركة النقد الأدبيّ الحديث في فلسطين" الصادر عام 1973، ص 322، بإشارة "الناقد الحصيف".
والسؤال الذي قد يُطرح:ما هو مفهوم النقد عند مواسي، وأيّ منهج في النقد الأدبيّ يتّبع؟