عزيزي عبدالله ... أنت أمميّ حتى العظم ومن عائلة صغيرة (بيت واحد) بروليتاريّة حتى النخاع، وأنت تعرف أني أعرف الحارة التي ترعرعت فيها لا بل البيت الذي ولدت فيه والغرفة التي أهلتك لأن تصير طبيبا على الأقل يحبّه أهل بلده حبّا جمّا،أعرف جيّدا أنك كذلك عروبيّ تعتز بانتمائك ولا فرق عندك بين عربيّ وعربيّ إلا بالوطنيّة المتنورة. وها أنت اليوم على أبواب تسنّم مركز أو على الأصح موقع مسؤوليّة يستقتل البعض للوصول إليه ويلهثون، والذي مثلك سيكتشف سريعا كم هو مُحبِط لأمثالك مثل هذا الموقع، ولكنك اخترت وها أنت تجوب المواقع تطلب دعم الناس وهذا طبيعيّ لا بل مطلوب. أنا أعرف وأنت تعرف والذي "سيبتلي" من القراء بقراءة هذه الرسالة يعرف حقّ المعرفة، أن موقعك في القائمة المشتركة لم يكن فقط لأمميتك ووطنيّك وعروبتك وإنما كذلك لانتمائك المذهبيّ، ومن لا يعرف يستطيع أن يراجع أراشيف مقابلات عرّابي القائمة المشتركة من خارجها ومن داخلها ليعرف، فلم يخفوا ذلك وقالوها على رؤوس الأشهاد، ولا أقول هذا الأمر وقد "سبق السيف العذل"، انتقاصا وإنما فاتحة لما سأقول لاحقا. ربّ سائل: ولما الرسالة المفتوحة والخطوط بيني وبينك عامرة ومتى شئنا، وها أنا أجيب: أني اخترت هذا التواصل العلني ليصل وبالأساس لمن حولك وليصل إلى الناس الذين يستمعون لك وأولا في القرى العربيّة الدرزيّة، وأنا أعرف أني أدخل حقلا وعرا خصوصا وأننا في أيام وعرة كل كلمة فيها ربّما تكون من قوارض الوعور، لكن خيرا ألف مرّة أن تطلق الكلمة التي تعتقد وفي الزمان الذي تعتقد من أن تتركها فريسة للمجاملة أو في بعض الحالات للنفاق. إنك وعلى حسب كل الاستطلاعات قاب قوسين أو أدنى من النجاح، وعدوك وعدو القائمة المشتركة هو نسبة التصويت والأحزاب الصهيونيّة كما تعرف، وكم بالحري في الحقل الذي وُكّلت لتحرث فيه كي تحصد (العرب الدروز) وهو شديد الوعورة ومليء من كل أنواع القوارض تقرض كل بقعة خير فيه وتقرض لاحقا الحصاد، وأنت تعرف وأنا أعرف أن الكثير من الفؤوس والمناجل في المواجهة "مثلومة" أكل الدهر عليها وشرب ! ومع هذا حقيقة تاريخيّة هي لا يستطيع أن ينكرها ولا قارض ولا مقروض ولا حتى أعمى ولا حتى أطرش، أنه حين حسُن الحرث حسُن الحصاد، ولك في مواسم ال-2003 وال-2006 وال-2009 البيّنة القاطعة، ولكن السماد الذي رُشّ حينها كان "التواصل"، وليس بالمعنى الظاهر له، الزيارات، لأن من زار سوريّة أو لبنان من العرب الدروز لم يتعدّ مئات قليلة بينما بلغ عدد المصوتين الآلاف وليس من ذوي المتواصلين كما تعرف أنت وأعرف أنا. التواصل بيّن للعرب الدروز ما لم تستطع أن تبينه لا مصادرة أراضيهم ولا التمييز ضد قراهم ولا كلّ ما يُقال في المناشير التي توزّع، فهذا استطاعت السلطة باستغلال أزلامها الالتفاف عليه ونتائج التصويت خير بيّنة، لكنها لم تستطع أن تلتف على هذا الحق الإنساني والمذهبي والوطني والأهليّ فأشعل النار تحتهم قاضّا مضاجعهم وعبّرت الآلاف الكثيرة من الدروز عن ذلك انتخابيا، فأطلقت المؤسسة المحاكمات ضدّ المشايخ وضدّ كاتب هذه السطور، ولا يحسبنّ أحد أن إغلاق الملف ضد المشايخ أطفأ النار التي اتقدت ولن تنطفيء إلا إذا أطفأها القائمون على جمراتها. عزيزي عبدالله... ربّما يذهب البعض إلى أن ما حدا بي على كتابة هذه الرسالة هو محاكمتي الشخصيّة، طبعا هو حرّ في التصرف رغم أن مثله أبعد من أن يكون حرّ الضمير، ومع هذا أنا لا أطالبك في هذه الرسالة المفتوحة أن تطرح ما ليس لك قدرة عليه في الموضوع، ولكن من متابعتي للندوات التي تعقدها والمقابلات التي تعطيها، لمست أنك لم تجيء على ذكر هذا الظلم الفاضح الذي وقع وما زال واقعا على العرب الدروز دون غيرهم من خلق الله في هذه الدولة في حرمانهم من أبسط حقوقهم الانسانيّة والإيمانيّة وهذا باللغة الماركسيّة التي تفهمها خلق تناقضا أساسيّا مع السلطة وربّما الأول في تاريخ العرب الدروز في البلاد. وحتى، عندما استقبلك أعضاء الحركة الوطنيّة للتواصل في بيوتهم وعقدوا لك الندوات لم تذكر ذلك، فإذا كان الأمر سهوا فها أنا ألفت نظرك و-"اسمع منّي وادعي عليّ" ما زالت أمامك أيام، وأتمنى ألا يكون الأمر نابع من "نصيحة" بتاتا ليست نصوحة، وحتى أكون معك واضحا لست أستبعد ! لا أكشف لك سرّا أن الذي أطلق الشرارة فيّ كي أقوم إلى حاسوبي وفي ساعة متأخرة لأكتب لك هذه الرسالة، هو محادثة تلفونيّة جاءتني من أحد رفاقك من المغار يطلب إلي العمل لدى المشايخ من الحركة الوطنيّة من بلده لحضور الاجتماع الذي يحضرون له، وستكون لك فيه كلمة، فأنت تعرف وأنا أعرف وهو على ما يبدو يعرف ولذلك اتصل، أن لا جسما وطنيّا اليوم أوسع من الحركة الوطنيّة للتواصل بين العرب الدروز. من يدري ؟!القائمة الموحدة في الانتخابات السابقة فقدت مقعدها الخامس على "كم من صوت"، وإن اللبيب غير الحقود بالإشارة يفهم ! مع الاحترام والتمني لك بالتوفيق سعيد نفاع - 20150307