بقلم ماري كلير عشي يعرف عن العيون أنها مرآة للنفس والجسد فقد تنقل لك عيون أحدهم انطباعا عن صدقه أو كذبه وذاك مجرد انفعال نفسي نتيجة معطيات معينة.
العلم لم يتوقف عند حدود الانفعالات النفسية التي تنقلها العيون بل تعداها ليصل إلى التحديق جيدا في العين ويرى أن بها ما يفوق بصمة الأصابع دقة يمكن استعمالها لتحديد هوية الأشخاص , ذاك دفع ببعض الدول مؤخرا للأخذ بها كبديل عن البصمة في التعريف على الشخص وهويته . إن التطبيقات العملية لأسرار حدقة العين دخلت المجال الطبي منذ القرن التاسع عشر حيث بدأ ما يعرف بعلم التشخيص بالقزحية وهو أسلوب طبي للكشف عن الأمراض لدى الإنسان المصاب من خلال فحص لقزحية عينه . هذا العلم لم يأخذ نصيبه من الانتشار بعد ولو أن له مؤيدين كثر . فما قصة الكشف عن الأمراض عن طريق التشخيص بالقزحية وكيف بدأ وإلى أين وصل ؟ وكيف تستعمل العين للتعريف بصاحبها بدلا عن بصمة الإصبع ؟
التشخيص بالقزحية (
إيريدولوجي ) IRIDOLOGY
:
علم يستلزم استخدام قزحيّة العين لتشخيص و متابعة التغييرات التي تحدث أو قد حدثت في الجسم . من خلال النظر إلى قزحية عين المريض لمعرفة أي خلل لديه.
ويتم ذلك بفحص كل جزء من القزحية ورؤية ما إذا كان طبيعيا بالمقارنة مع علامات مرضية معينة تم ملاحظتها على مدى سنين طويلة لمجموعة من الأطباء المهتمين بهذا العلم.
كيف بدأ هذا العلم :
في عام 1861 كان بيكزيلي فون إيجناتز طفل في العاشرة من عمره وكان عنده بومة وفي أثناء اللعب كسر رجل طائر البوم و أخذ الطائر إلى منزله محاولا تجبير الكسر والاهتمام به، وكان ينظر في وجه وعيون البومة ، فلاحظ شيئا غريبا وهو أن في العين اليمنى جهة الكسر ظهر خط قاتم السواد ، وبعد أسابيع كلما كانت القدم المكسورة تلتئم كان الخط المائل يخف و فيما بعد لاحظ أن الخطّ ببطء اختفى بينما أصبحت البومة معافاة، . أصبح بيكزيلي طبيبا و رأى نفس التّغييرات في قزحية المرضى ، فاستنتج أن كلّ الأمراض يمكن أن تنعكس في قزحيّة العين . وتشبه الدراسات القزحية بشاشة كومبيوتر مرتبط بقاعدة بيانات وهي المخ عن طريق العصب البصري فتصبح القزحية كشاشة المعلومات عاكسة كل أجزاء الجسم من خلال الخطوط والبقع والصبغيات التي ترشد الإيريدولوجيست ليس فقط إلى الخطأ لحظة التشخيص بل أيضا إلى ما كان خطا في الماضي أو قد يسوء في المستقبل. وقزحية العين هي الجزء الملون داخل عين الإنسان والتي بمجرد النظر إليها يمكنك رؤيته بسهولة, وهو محصور بين إنسان العين ( البؤبؤ ) والبياض "القرنية", وتمتاز باحتوائها على منظومة من الخطوط والدوائر متناهية الدقة والتي تساهم بالكشف عن بعض الأمراض مثل السّلّ وتصلّب الشّرايين فالقزحيّة الغير صافية وسّعة البؤبؤ قد يشير إلى الجلوكوما أو إصابة المخّ, بينما قد تُشير عيون محتقنة بالدّم إلى الحصبة أو الرّمد . وتقول الدراسة انه ثبت من خلال البحث العلمي أن القزحية يمكن تقسيمها إلى "تراكس" و"سيكتوز" والجزء المحصور بينهما يشير إلى عضو من أعضاء الجسم.. فالعين اليمنى مثلاً شوهد على قزحيتها مواصفات أعضاء نصف جسم الإنسان الأيمن فقط, حيث ترى نصف المخ الأيمن والكبد والنصف الأيمن من الأمعاء الدقيقة والغليظة....وبالمثل تجد قزحية العين اليسرى تحمل مواصفات أعضاء نصف جسم الإنسان الأيسر بكل محتوياته, وإذا حدث هناك خلل ما في أي عضو, فبسهولة يمكن كشفه عن طريق القزحية, لظهور هذا الخلل عليها مباشرة بعد الشعور به عن طريق المخ.لذلك فدراسة الأمراض من خلال العين لها أهمية كبرى في التشخيص والتنبؤ حيث لن يحدث مرض بالجسم إلا وأظهرته قزحية العين عليها.
خارطة القزحية
:
في عام 1670 قدم الدكتور " فيليبس مييانس " وصفاً دقيقاً في أحد مؤلفاته حول ردود الأفعال الانعكاسية للقزحية حيث يرتبط الجزء الأعلى منها بالدماغ كما أن للمعدة صلة وثيقة بها حيث أن كل الأمراض التي تتشكل في المعدة يمكن تلمس ملامحها من خلال التمعن في الجزء الأعلى من قزحية العين ويعبر الجزء الأيمن منها عن الاعتلالات الخاصة بالكبد , والأوعية الدموية ومنطقة الصدر والحلق أيضا , بينما يعبر الجزء الأيسر من العين عن أمراض القلب والطحال ومنطقة الصدر في الجانب الأيسر , والأوعية الدموية الصغيرة ووضعها من حيث حالة الصحة أو المرض ويكشف الجزء السفلي الأدنى من العين الأمراض في الجهاز التناسلي والكلى والمثانة بدءاً من المغص إلى اليرقان إلى وجود حصوة في الكلى , إضافة إلى أمراض المرارة وجميعها يمكن الاستدلال عليها من خلال أوردة العين ونقاط محددة في القزحية .
طريقة الفحص :
قراءة القزحية تحتاج إلى وقت طويل قد يصل إلى أيام كما تحتاج إلى خبرة عالية وجلوس المريض والفاحص بشكل جيد . يجلس المريض أمام كاميرا متطورة بها عدسة مكبرة ومصباح ضوئي صغير يسلط ضوئه على القزحية ويتم تحريك الضوء في جميع الاتجاهات لإنارة طبقات القزحية التي تقع تحت الألياف السطحية , وذلك لأن القزحية تتكون من عدة طبقات من الألياف ومن ثم يقوم الخبير بوضع تشخيصه بناء على ما شاهده من انعكاسات مرضية أو صحية على قزحية العين .
راقب محدثك لتعرف دوافعه :
قام علماء النفس بالكثير من التجارب للوصول الى معرفة ما في نفوس الناس من حركات عيونهم وأشكالها وألوانها وتوصلوا الى ان النظر اثناء الكلام الى جهة الاعلى لليسار يعني ان الانسان يعبر عن صور داخلية في الذاكرة وان كان يتكلم وعيناه تزيغان لجهة اليمين للأعلى فهو ينشئ صوراً داخلية ويركبها ولم يسبق له ان رآها، اما ان كانت عيناه تتجهان لجهة اليسار مباشرة فهو ينشئ كلاماً لم يسبق له ان سمعه وان نظر لجهة اليمين للأسفل فهو يتحدث عن احساس ومشاعر داخلية . وان نظر لجهة اليسار من الاسفل فهو يستمع الى نفسه ويحدثها في داخله كمن يقرأ مع نفسه مثلاً هذا في حال الانسان العادي اما الانسان الاعسر فهو عكس ما ذكر تماماً . لكن يبقى السؤال عن مدى صحة التشخيص الحدقي فعلى الرغم من وجود مئات العيادات التي تعالج بهذا المبدأ ، ألا انه لا يمكن ان يعتمد على هذا العلم خصوصا اذا علمنا أن المختصون في هذا المجال لا يتفقون على بعض المناطق المتوافقه مع أعضاء الجسم كما يوجد تباين بين الرسومات التوضيحية لقزحة العين عند كل منهم .
لألوان العيون أسرار:
يقال ان لألوان العيون اسراراً، فالعيون الخضراء تدل على ان اصحابها ذوو شخصية قوية ويمتازون بقوة الارادة والعاطفة وصلابة الرأي ويحبون مساعدة الغير لكنهم في بعض الاحيان انانيون وهذه الأنانية نابعة من ثقتهم الزائدة بأنفسهم .
اما اصحاب العيون الزرقاء فصاحبها حساساً جداً يعامل الغير برقة وشفافية ويفرض نفسه ورأيه على الآخرين بخفة شديدة ومعظم اصحاب العيون الزرقاء عندهم حس فني ملموس اما اصحاب العيون السوداء فهم أناس حالمون يعيشون اجواء الشعر كما انهم اناس اسخياء وكرماء للغاية يساندون الغير حتى على حساب انفسهم لكنهم يتمتعون بشخصية قوية والغيرة ترافقهم باستمرار ومشاعرهم الرقيقة تجعلهم ارضاً خصبة للأصحاب فهم اجتماعيون للغاية لكن في حال انزعاجهم من امر يفقدون السيطرة على انفسهم، اما العيون بنية اللون فهي رمز الحنان والعاطفة وكلما مالت العيون الى اللون البني الغامق دلت على ان صاحبها يتمتع بحنية اكبر وبعطف شديد على الغير، اما اصحاب العيون البنية بالاجمال فلا يكترثون للمظاهر الخارجية ويحصلون على ما يريدون بهدوء لانهم لبقون للغاية ولا يعرفون معنى العصبية ومن جهة اخرى هم اناس حالمون يعيشون في عالم من التأمل ويسعون الى الهدوء النفسي والاستقرار اما اصحاب العيون الرمادية فهم على نوعين اما يتمتعون بشخصية هادئة ونفس مطمئنة وسخية واما يتمتعون بشخصية عصبية وثائرة وهم يبحثون بشكل عام عن الهدوء لكن نادراً ما يجدونه كما ان طابعهم عنيف وميالون الى القسوة .
واصحاب العيون العسلية يتمتعون بقلب طيب غير انهم اناس غير صريحين مع انفسهم كما مع غيرهم ويبحثون بشكل دائم عن الصحبة لكنهم يبقون في دوامة، ويعتمد اصحاب هذه العيون على انفسهم منذ الصغر فلا يحبون الاتكال على الغير .
وتقول دراسة ان هناك لونان أساسيان فقط للعين عند البشر جميعا وهما الازرق والبني أما الالوان الاخرى هي عبارة عن الوان نشأت من اختلاط الاجناس أو الحالة الغير طبيعية للجسم والتي تنعكس على قزحية العين ، فعندما تدقق النظر في العين الخضراء اللون تجد انها زرقاء اصلا لكن اخضر لونها بسبب البقع الصفراء التي تراكمت عليها والتي قد تكون علامة على مشاكل الكبد او المرارة، وليس اللون البني لبعض الاوروبيين او الامريكيين و الاستراليين الا لونا كاذبا والذي قد نشأ من تراكم البقع اللونية على العيون الزرقاء.
بصمة العين بدلا من الإصبع:
إن بصمة العين التى اكتشفها الأطباء منذ خمس سنوات وتستخدمها الولايات المتحدة وأوروبا والامارات العربية حاليا فى المجالات العسكرية هي أكثر دقة من بصمة أصابع اليد لأن لكل عين خصائصها فلا تتشابه مع غيرها ولو كانت لنفس الشخص. وفي المستقبل القريب سوف تُستخدم بصمة العين في مجالات متعددة من أهمها تأمين خزائن البنوك مثلما تؤمنها حاليا بالبصمة الصوتية حيث يضع عميل البنك عينيه فى جهاز متصل بكمبيوتر فإذا تطابقتا مع البصمة المحفوظة بالجهاز فتحت الخزينة المطلوبة على الفور. وبصمة العين التى يمكن رؤيتها مكبرة 300 مرة بالجهاز الطبي "المصباح الشقي" يحددها أكثر من 50 عاملا تجعل للعين الواحدة بصمة أمامية وأخرى خلفية وباللجوء إليهما معا يستحيل التزوير. نرى أن القزحية تبوح بكل أسرار الجسم مبينة جميع معطياته من نقاط القوة والضعف وماذا حصل للجسم في الماضي وما يمكن أن يحصل مستقبلا(فعيناك مصباح لجسدك