تقرير: محمد خيري
مزرعة ابو جميل القروية او كما يطلق عليها "القرية العربية التراثية "اسم اطلقه السيد عاطف ابو مخ (ابو جميل) على مزرعة تبلغ مساحتها 30 دونما حيث افتتح ابو جميل هذه القرية السياحية في منطقة تتمتع بمناظر ساحرة خلابة شمالي مدينة باقة الغربية.
هذا المشروع الضخم كان وليد فكرة احتضنها المهندس المعماري عاطف ابو مخ لفترة ليست بقصيرة حتى اصبحت تلح عليه ليقوم بتنفيذها بمرافقة شريكة دربه حنان ابو مخ (ام جميل) اللذين قضوا الايام بلياليها لمدة تزيد عن السنة ونصف السنة وهم يخططون ويبنون المباني ويزينونها بتفان ويزرعون الاشجار ويروونها بعرق جبينهم المدموج بالكد والعناء حتى اخرجوا المشروع الى حيز التنفيذ.
تمتاز مزرعة ابو جميل بموقعها الاستراتيجي الجذاب وانهارها الطبيعة الخلابة التي تشكل منظرا مذهلا وتاريخا عريقا لعيون الماء في القرى الفلسطينية القديمة التي هجر منها اهلها بغير ذنب اقترفوه، حيث ان الانسان يشعر بقيمة تلك القرى الفلسطينية بعد زيارة قرية ابو جميل، اذ يعود به الشوق والحنين لحياة هادئة خالية من الضجة والتلوث طالما امتازت بها القرى الفلسطينية ما قبل عام48 . ولكي تكتمل الصورة بعينيك تجد فيها الزراعة القديمة والحصاد والبيادر والطابون حتى يشعر الزائر انه يعيش تحت ظل الحياة القديمة التي تضم العادات والتقاليد والمعدات والاعمال التي لم تشهدها الاجيال الحالية.
توفر المزرعة لزوارها الذين رايناهم يتجولون في ارجائها من اول يوم افتتحت به تجربة شعورية ساحرة وخيالية فريدة من نوعها، اذ يمكن للزوار ان يقوموا بجولة في ارجائها الواسعة سيرا على الاقدام من خلال ممراتها المتشعبة والمتشابكة والتي تنقلهم عبر اشجار الزيتون المعمرة وعبر طرقات رائعة غرست على جوانبها أشجار البلوط والزيتون والتين والعنب واللوز والجرانق وغيرها من أشجار بلادنا وقرانا العربية.
محطات تعليمية عديدة داخل المزرعة
محطات تعليمية عديدة ومختلفة داخل المزرعة حدث عنها ولا حرج حيث يتم تقسيم الزائرين الى مجموعات وعلى راس كل مجموعة تكون مرشدة والتي بدورها تقوم بالشرح لهم عن جميع المحطات وما هو دور كل محطة ومحطة.
ويبدأ الزائر رحلته انطلاقا من محطة الابداع ليجد فيها تشكيلة من الفعاليات الجماعية مثل النحت والصابون وغيرها من ورشات العمل، لينقله حب الاستطلاع بعد ذلك الى محطة الطعام فيشارك في اعداد الطعام العربي القروي مثل خبز الطابون ، اللبنة ، الزعتر ، كعك العيد وغيرها من الانواع، وللطلاب ايضا حظ وافر في هذه المحطة الذين يقومون بتحضير العجين وتحضيره للخبز في الطابون مع الزعتر والزيت ويتمتعون بنتاج أعمالهم.
بعد ذلك ينتقل الزائر الى محطة الحيوانات حيث هي مساحة كبيرة من المراعي المليئة بالحيوانات البيتية والاليفة التي يستطيع الزوار التجول بينها ومداعبتها واللعب معها، والتي تضم الأغنام ،الماعز ،الدجاج ،البط ،الإوز ،الحمام وغيرها ، وتنقلهم الدهشة وحب الاستطلاع بعد ذلك الى محطة اطلق عليها اسم "المنحلة" ليشاهدوا خلايا النحل ويستمعون الى شرح واف مع الايضاح ويراقبون مراحل انتاج العسل.
وفي محطة اخرى رائعة يلتقي الزوار وخاصة الاطفال منهم مع الحكواتي في خيمته الذي يعرض لكل مجموعة من الطلاب حكاية من التراث وقصة رائعة تتلاءم معها اختيرت من حكايا الجدات والأجداد.
ثم ياتي دور الخيمة البدوية التراثية التي تطل على غابات قرية ميسر المجاورة وعلى البحر التي تقدم للزوار القهوة العربية والشاي المخلوط بانواع من التوابل والنباتات التي يشرف على زراعتها السيد ابو جميل صاحب المزرعة.
يقضي الزائر في المزرعة ما يزيد على أربع ساعات بحسب البرنامج المخطط حتى يتمكن من المرور بكل المحطات وينهي يومه وهو يريد أن يبقى فيها ويحلم بالعودة إليها من جديد.
والمزرعة مستعدة لاستقبال طلاب المدارس بكافة مراحلها ، والمراكز الجماهيرية ،رياض الاطفال ،المؤسسات الجماهيرية والشعبية ، والمخيمات الصيفية حيث ان فيها اماكن واسعة للعب اعدت خصيصا للاطفال وطلاب المدارس، وتمتاز بنظافتها وما تحتويه من العاب مشوقة ومسلية، وتستضيف المزرعة تلك المجموعات بتنسيق مسبق والاتصال بادارة المرزعة.
وتستضيف المزرعة ايضا مجموعات المعلمين والسياح الاجانب الذين رأيناهم منذ اول يوم يتجولون داخلها.
كما وتقوم ادارة المزرعة في هذه الايام بتحضير برنامج سنوي مقسم حسب جميع فصول السنة وسيتم توزيعه على المدارس وغيرها بحيث تختار كل مجموعة موسم معين في السنة يحددون فيه زيارتهم للمزرعة للتعرف على الموسم وكيف كان يعيشه الاجداد.
المزرعة تستعد لموسم الزيتون
تستعد المزرعة في الايام القادمة لموسم الزيتون حيث يقوم ابو جميل بالتحضير لاستقبال طلاب المدارس والروضات ومجموعات اخرى ،اضافة لبناء معصرة على الطراز القديم جدا والى جانبها مختبر لصنع الصابون ومكان خاص لعملية (كبس) الزيتون.
الدور الكبير سيكون للطلاب الزائرين حيث انهم سيقومون بجميع مراحل صناعة الزيت منذ البداية، اذ يبدا الطالب رحلته فوق العربة التي يجرها الحمار الى (كرم الزيتون) ويقوم بقطف حبات الزيتون لتقوم مجموعة اخرى من الطلاب بعملية غسلها داخل مغسل خاص اعده ابو جميل من الصخور لياتي الدور بعد ذلك لمجموعة اخرى من الطلاب الذين سيقومون بعملية درس الزيتون في معصرة قديمة جدا تعمل بالطريقة اليدوية، بعد هذه المرحلة تقوم مجموعة اخرى بعملية صناعة الصابون مستعينين في الزيت الذي تم اخراجه ،وذلك في مختبر خاص، اما المجموعة الاخيرة فهي مجموعة تقوم بعملية (كبس الزيتون) وفي النهاية يقوم الطلاب باخذ الزيت والزيتون ليكون بانتظارهم الخباز ليتم استعمال تلك المواد في وجبة افطار شهية من الزيت والزيتون والزعتر.
ثم ينتقل الطلاب الى حفلة تقام خصيصا في موسم الزيتون تكون مليئة بالفعاليات عن الزيت والزيتون ويستمعون الى شرح واف عن هذا الموضوع وتكون بانتظارهم العديد من المفاجآت المفرحة.
رحلة ممتعة داخل المزرعة
فعلا ممتعة هي الرحلة داخل المزرعة حيث وجدت ما لا يخطر على البال اذ كنت ظانا الامر اصغر من ذلك واهون، واذ بي اتجول في احضان طبيعة خلابة المنظر خالية من الضجة وارى امامي قصصا كنت اقراها في كتب المرحلة الابتدائية حول الحصاد والبيادر وزراعة القمح وتربية الدواجن والخبازة على الطابون وحياة الاجداد ما قبل تهجيرهم ، واستمعت لشرح واف من السيد ابو جميل الذي استقبلني بضيافة عربية فلسطينية اصلية حيث استقبلني بوجبة خفيفة من الزيت والزعتر الذي يلتقطه من ارضه ويزرعه بيده، ولا بد من ذكر كاس الشاي الممزوج بالعديد من التوابل والنباتات التي التقطها اثناء سيرنا في مزرعة تعادل مساحتها 30 دونما لم اشعر بها ابدا بل تمنيت لو طال بي المسير اكثر فاكثر لاستمتع برؤية شلالات المياه والابار الطبيعية واستمع الى تغريد العصافير واستمتع بشم الهواء النقي بعيدا عن التلوث.
ابو جميل :"المزرعة تنقل زائريها الى حياة الاجداد والراحة والاطمئنان"
وفي حديث مع السيد عاطف ابو مخ (ابو جميل) قال: القرية العربية التراثية هي عبارة عن قرية تعليمية وترفيهية وسياحية تجمع بين كل الشعوب والحضارات على اساس التعرف على الحياة اليومية الفلسطينية وتهدف القرية الى تعريف الزوار الى الحياة الهادئة ما قبل التطور والتكنولوجيا الحديثة ، فالقرية بنيت في كرم زيتون كما القرى الفلسطينة القديمة.
وعن اهداف المزرعة قال ابو جميل :"ما تهدف إليه هذه المزرعة هو أن تنقلنا إلى حياة الأجداد والتي لا يعيها العديد من الآباء والأبناء ولكي تعرض لنا قرية عربية من أوائل القرن العشرين بصورة رائعة بذل في تصويرها وتصميمها الوقت والجهد الكثير.
واضاف قائلا :"القرية لا تعود بالفائدة فقط على ابو جميل انما على اهالي باقة الغربية ايضا حيث يزورنا المئات من السياح مما يشكل رافعة اقتصادية للمحلات التجارية في باقة الغربية كما انه يعمل في القرية العديد من المعلمات من باقة الغربية وجت".
وفي سؤالنا حول استقبال العائلات في المزرعة اجاب ابو جميل:"حاليا المزرعة غير مستعدة لاستقبال العائلات بسبب الحجوزات الكبيرة من قبل المدارس والمخيمات وتحتاج المزرعة ايضا لجهود كبيرة من اجل ذلك لكننا نعد جميع زوارنا ومحبينا ان تكون المزرعة مستعدة في المرحلة القادمة لاستقبال جميع العائلات وسنقوم بالاعلان عن هذا الامر في الوقت المناسب".