زرتُ منذ أيام المسجد الأموي ممارساً عادتي بالتجول في أحياء المدن القديمة، وفور دخولي الحرم أسرع رجلٌ محذراً وطالباً مني الانتقال إلى خارج المنطقة المسورة بسلاسل حديدية وأعمدة معدنية بارتفاع متر. تأملت بناء المسجد ودقة هندسته وروعة بنائه، التي توحي بعراقة دمشق أقدم مدن العالم وعظمة الحضارة العربية والإسلامية، وريثة أقدم الحضارات في التاريخ البشري، لكن روحي اختنقت من هذه السلاسل التي شغلتني عن قراءة التاريخ بهذا الصرح الكبير.. دهشتُ من زرع الأعمدة والسلاسل الحديدية على طول الحرم، وهذا منظر لم أشاهده من قبل، وكان يحرس القسم المطوق بالسلاسل بضعة رجال دائمو الركض كلما دخل رجل قسم النساء أو أخطأت أنثى ودخلت قسم الذكور، باختصار شديد الاختلاط ممنوع داخل حرم المسجد الأموي، مع أن زائري المسجد جاؤوا من سوق الحميدية وسوق البزورية، وسيتابعون زيارة مقام الحسين وقبر صلاح الدين بحالة اختلاط أسوة بالحج والطواف حول الكعبة والروضة الشريفة. أُعجبتُ من سيداتٍ ورجال سياح من دول أجنبية تمردوا على هذا الفصل وتقطيع الحرم وتخصيص ثلثه للنساء وثلثيه للرجال، حسب توزيع الإرث للرجل مثل حظ الأنثيين، ودهشتُ مرة أخرى من عدم تجرأ رجال المطاوعة الذين يحرسون الفصل وعدم الاختلاط على سياح الدول الأجنبية. يا وزارة الأوقاف لا تشوهي وجه دمشق الجميل، فمنع الاختلاط في السجد الأموي وزرع الحرم بالأعمدة والسلاسل الحديدية خطوة على طريق تعميم منع الاختلاط والتشدد والتطرف..
عبد الحفيظ الحافظ، (منع الاختلاط وصل إلى حرم المسجد الأموي) خاص: نساء سورية