هل تبلدتْ مشاعركَ إلى هذه الدرجة..؟ أين إحساسكَ المرهف؟ أنظر إليّ، لم أعد تلك الفتاة الصغيرة التي حملتها على كتفيكَ.. أنا الآن لست الأخت الصغرى لصديقكَ، ألا ترى شيئاً في عينيَّ..؟ يا ثقيل الدم، هل أنتَ مصرٌ على تعذيبي.. أحبكَ.. أحبكَ ألا تفهم..؟ منذ شهور أحاول جذب أنظاركَ إلى تسريحة شعري.. و"ماكياجي" لكنك تحولت إلى صخرة صماء، وها أنا أقولها لكَ يا من أحيا فقط لأراه وأسمعه.. يا من أنام فقط كي أهرب معه في أحلامي من كل الحدود وألواح الوصايا.. أحبكَ فهل تسمعني..؟ وراحت في نوبة بكاء بعد أن دفنتْ رأسها في صدري. مرت بضع دقائق، استرجعتُ فيها علاقتي بعائلتها، لم أغب عن منزلهم إلاّ لفترات قصيرة لسبب أو لآخر. كانت تطلب مني مرافقتها إلى صديقة لها لاستعارة كتاب.. أو إلى السوق لشراء بعض الحاجات، كما أصرتْ يوماً على مرافقتي إلى الجامعة لأداء امتحان في إحدى المواد الصعبة، وحين سألني أخوها: لماذا تدللها وتتحمل "غلاظتها"..؟ أجبته: لا أدري، ربما أجد فيها الأخت التي افتقدها، وربما تعودتُ على وجودكما معاً في حياتي.. بعد دقائق رفعتْ رأسها.. وبدا لي أن البوح قد خلّصها من همٍ كبير، فمسحت بقايا ما ذرفته على صدري، وسألتني بكلمات فيها من الحزن والمرارة أكثر مما فيها من شوق لسماع الجواب: ما الذي أفتقده أنا ويشدُّكَ إليها..؟ أنا لا أكرهها.. لكني أحبك أكثر.. نعم أنا صغيرة، ما زلت في الصف العاشر، لكن حين يعترف الحب بالمسافات.. والسنين.. والفوارق، يتحول إلى قيد مقيت، ويفقد الحرية وهي أجمل ما في الحب، أليست تلك كلماتكْ..؟ أشهر ثلاثة، استخدمت فيها مهارتي.. ودهائي.. وبعضاً من دناءتي، كي أشرح لها الفرق بين الإعجاب.. والاعتياد.. والحب، ونجحتْ مساعيَّ بعد تعهدي لها بأن ما حصل لن يخدش جمال وصفاء ما كان بيننا. وها قد مرت سنوات، تغير فيها ما كان عصياً على التغيير، وهاجرتْ عائلتها إلى الخارج.. وهاجرتُ أنا رغم أني لم أفارق بيتي.. لكن أثمن ما لديَّ الآن قميص احتضنَ يوماً رأسها فمنحه القداسة.. وارتشف دموعها فمنحته الطهر.. وأصغى إلى زفرات صدرها فمنحته الخلود...
ثرثار، زاوية "كلمتين.. وبس"، (أختي التي..)