قال لها: "تعالي ننسى أننا على الأرض نعيش.. تعالي نتسلق الغيوم.. ونمسك النجوم.. نسافر عليها.. نقبّل القمر.. ويضيع بنا الزمان والمكان. نتجرد من كل صفاتنا الحمقاء ونعود إلى إنسانيتنا أنتِ وأنا ولا ثالث بيننا سوى الشوق الكامن في حزن الأفئدة تعالي أهمس لكِ بعمقِ الروح في جسدي وأمسك أصابعكِ النحيلة في كفي ويسري في عروقي نبضكِ.. فينتفض قلبي فرحاً وأرحل بعيداً عن عالمي إلى الجنة الحقيقية تعالي أزين عمري بكِ وألون أيامي بخضرة عينيكِ وأحملك بين ذراعي بعيداً عن أشواك الأرض السامة وأقدم لكِ ما تبقى من قلبي هدية." أصغت له بحنين موجع وأغمضت عينيها فخرجت أنثاها المجنونة لتبدأ بالكلام: "تعالَ أمسك بيدي واحملني بعيداً حيث يطيب للشمس أن تعانق البحر هناك عند الأفق ويطول العناق ليلة كاملة لتشرق عند الصباح وقد اغتسلت وتعطرت تحمل شوقها لليلٍ يجمعها به من جديد أغمضْ عينيّ بمنديلك الأزرق وخذني إلى عالم الحكايات فأنا أتوق لحكايةٍ أسطورية لا تشبه الحياة ولا تعترف بسلاسل الأرض وقيودها أتشوق لأن أتذوق الخمر من كأس يديك فيسكرني حنانهما وأرقص على نغمات قلبكَ رقصتي الزورباوية أدور وأدور حتى أكاد أقع فأجد ذراعيكَ حولي تدركاني قبل السقوط قبّلُ جبيني وغطي صقيعي بدفء أنفاسكَ." انتفضت أنثاها العاقلة وقالت: " توقف مكانك..لا تغرق في أحلامك سيدي إنها تصلح لفيلمٍ من الخيال العاطفي أين أنت؟.. أين أنا؟ أنا مهرةٌ لم تتعلم قفز الحواجز.. وأنتَ فارسٌ يحتاج فرساً مجنونة أنا وردةٌ بريّةٌ تخاف من قطرة الندى أن تغرقها.. وأنتَ نهرٌ من الأحلام أنا تمثالُ من الشمع.. وشِعرك يكاد يذيبه أنا أجمل أكذوبة .. إياك أن تصدقها أنا روحٌ تلبسها امرأةٌ شرقية تعلمت الموت على أعتاب أنوثتها.. وأنتَ رجلٌ تعرف جيداٌ حديث الروح فدعني وسافر محطتي ذابلةً كئيبة.. لكنها عاقلةٌ رزينة." نظرت إليها الأنثى المجنونة وابتسمت: " نامي قليلاً يا أختاه واستريحي فأنتِ ما زلتِ مستيقظة منذ دهر." ثم أسرعت تسير بهدوءٍ على رؤوس أصابعها, وتخرج من الجسد تواعده عند حافة السرير وتذهب معه إلى عالم الأحلام وتترك اليقظة لأختها العاقلة.
د. لين غرير، زاوية "بين السطور"، (مجنونة) خاص: نساء سورية