تكثر التفاصيل الجديدة حول قصة احتجاز طائرة "ال – 76" بمطار بنكوك وتحمل على متنها اسلحة. ومن شأن تلك التفاصيل ان تخربط الامر أكثر فأكثر. وحاولت صحيفة "روسيسكايا غازيتا" التي نشرت مقالا حول هذا الموضوع يوم 15 ديسمبر/كانون الاول حاولت حل لغز هذه الطائرة واسلحتها.
وقد اتضحت بعض نقاط الامر.
اولا - اتضح ان الطائرة المحتجزة كانت تعود قبل الربيع الماضي الى شركة الطيران الكازاخية الخاصة "است فينك". ثم اقتنتها شركة الطيران الكازاخية الاخرى "بيبارس" التي باعت الطائرة في سبتمبر/ايلول الماضي الى شركة الطيران الجورجية "Air West Georgia " التي قامت هي الاخرى بإيجارها الى شركة اوكرانية رغم ان تلك الطائرة تدرج رسميا في قائمة الطائرات المدنية الجورجية.
تحمل هذه السلسلة الطويلة لعمليات البيع والايجار المرء على الاعتقاد ان الطائرة خصصت في بادئ الامر لنقل شحنات الى مسافات بعيدة. وتم شراؤها في كازاخستان خصيصا لتلبية حاجات العسكريين الجورجيين. ومن غير المستبعد ان تُستخدم الطائرة لتوريد الآليات الحربية الى الجيش الجورجي بما في ذلك من اوكرانيا.
ولا يمكن الاستبعاد تماما - ولو من باب الفرضية - ان السلاح الكوري الشمالي كان يراد تمريره الى تبليسي عن طريق كييف. لكن انعدام التنسيق في اعمال المخابرات الامريكية والاوكرانية ادى الى احتجاز الاسلحة الكورية الشمالية المخصصة لجورجيا في بانكوك، الامر الذي جعل الامريكيين يصفون عملية الاحتجاز بانها نجاح لهم، بينما يمكن اعتبارها في واقع الامر فشلا مؤلما.
ربما يلاحظ هنا أثر مخابرات دول اخرى لا تريد وقوع الصواريخ في أيدى الجورجيين.
وكان البيت الابيض حتى الآن يرفض علنيا انه يزود تبليسي باسلحة. لكن واشنطن لا تمانع مشاركة دول اخرى في التعاون العسكري التقني من هذا النوع مع جورجيا. ويمكن الافتراض ان المخابرات الاوكرانية التي قامت بعملية ايصال الاسلحة من كوريا الشمالية الى جورجيا لم تحط زملاءها الامريكيين علما بما يحدث. وحل ما حل.
ثمة فرضية اخرى مفادها ان احتجاز الطائرة الاوكرانية التي تحمل اسلحة على متنها من شأنه ان يستعرض لكوريا الشمالية رد فعل المجتمع الدولي على تخلي هذا البلد عن اجراء محادثات في موضوع برنامجها النووي. لكن هذه الفرضية مشكوك فيها، علما ان المخابرات الامريكية كانت تعلن مرارا عن محاولات بيونغ يانغ لبيع اسلحتها الى دول اخرى. لكن توريدات كهذه تم تحقيقها لحد الآن بحرا. لذلك فان احتجاز الطائرة والاسلحة على متنها في بانكوك وفشل المحادثات التي كان يجريها المبعوث الامريكي الخاص في كوريا الشمالية التي تصادفه زمنيا لا يمكن وصف هذين الحدثين الا بأنهما من باب الصدفة.
وتفيد وسائل الاعلام التايلندية نقلا عن مصادر قريبة من التحقيق بان الاسلحة التي نقلتها طائرة "ال – 76" خصصت لمنطقة الشرق الاوسط وسريلانكا. مما يلفت النظرهو سرعة نشر هذه المعلومات في وسائل الاعلام. ولا يستبعد ان تسريب معلومات حول مشترين عرب محتملين لمنظومات الصواريخ النقالة المضادة للجو التي تم اكتشافها على متن الطائرة تحقق عمدا بغية غض نظر المجتمع الدولي عن صاحب الطلب الحقيقي على هذا السلاح.
ولا يصعب على وسائل الاعلام الايحاء الى الرأي العام الغربي بوجود رجال اعمال في الشرق الاوسط الساخن يهتمون بشراء منظومات صواريخ م/ط علما ان أفراد طاقم الطائرة رفضوا - كما تقول وسائل الاعلام التايلندية- ذكر أسماء المشترين خلال استجواب استغرق 6 ساعات. لكن كيف يمكنهم ذكر اسماءهم اذا لم تخصص الاسلحة لمنطقة الشرق الاوسط. ربما طرحت هذه الفرضية في عجلة لاخفاء الحقيقة؟
وقال قائد الطاقم خلال استجوابه ان طائرة "ال – 76" انطلقت من اوكرانيا لتستلم شحنة في كوريا الشمالية مشيرا الى انها تكون قد عادت الى كييف بعد التزويد بالوقود في تايلند وسريلانكا.
أصدرت المحكمة التايلندية يوم 14 ديسمبر/كانون الاول قرارا بإبقاء طاقم الطائرة الاوكرانية الذي يضم مواطني كازاخستان وبيلوروسيا في السجن رغم ان سفارة كازاخستان وجهت الى بانكوك طلبا رسميا بالافراج عن المحتجزين بكفالة مالية.
والجدير بالذكر ان الطيارين متهمون بتقديم معلومات كاذبة عن التحليق وتجارة الاسلحة غير الشرعية.