اتهام حكومة مصر في الاحتقان الطائفي
محمود جمعة-القاهرة
حمّل تقرير غير رسمي الحكومة المصرية مسؤولية تزايد الاحتقان الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، متهما أجهزة الدولة ومؤسساتها بالفشل في إدارة الأزمة بين الجانبين، وحذرها من الإصرار على معالجة ملف الوحدة الوطنية بطريقة أمنية بحتة.
بينما قال ناشطون إن المؤسسة الدينية الإسلامية والمسيحية (الأزهر والكنيسة) يتحملان مسؤولية عن تفاقم التوتر الطائفي، متهمين قنوات فضائية وقوى سياسية -لم تسمها– بزيادة الشحن الطائفي.
فأكد تقرير أعده المركز المصري للتنمية والدراسات الديمقراطية والجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي أن الستة أشهر المنقضية من عام 2009 شهدت عدة حوادث طائفية تضمنتها حوادث قتل وحرق ممتلكات، مما يثبت استمرار حالة التوتر القائمة بين الأقباط والمسلمين في مصر.
وقال التقرير الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه إن هذه الحوادث توزعت بين محافظات مصر المختلفة، وإنها لم ترتبط بعدد المسيحيين أو المسلمين في هذه المحافظات، وإن أسبابها تنوعت بين حوادث قتل أو مشاجرات على أرض وممتلكات أو بسبب اختفاء فتيات.
وأوضح التقرير أن المسلمين والأقباط تبادلا البدء بالصدام في هذه الحوادث، وأرجع ذلك إلى "فشل الدولة في إدارة الأزمة بين الجانبين بسبب الإصرار على معالجة ملف الوحدة الوطنية بطريقة أمنية بحتة، وتجاهل المداخل الاجتماعية والثقافية لمعالجة الأزمة".
شفافية وتعقيبا على ذلك، طالب التقرير أجهزة الدولة المصرية "بضرورة التعامل بجدية وشفافية مع الأسباب والدوافع التي تساهم في تعميق حالة الاحتقان بين الجانبين، وإيجاد حلول جذرية لتلك الحالة التي تهدد السلم الاجتماعي في البلاد" مشيرا إلى مسؤولية كبرى يتحملها المثقفون وقيادات المجتمع المدني في التعامل مع تلك الأزمة.
وأعرب كل من المركز المصري للتنمية والدراسات الديمقراطية والجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي في تقريرهما عن قلقهما البالغ "لما أصاب وسوف يصيب نسيج الوحدة الوطنية في مصر من تراخى روح المواطنة التي صنعها أجدادنا من روح المحبة وقيم التماسك والتسامح وقبول الآخر".
في الوقت نفسه قال الناشط القبطي والقيادي بحركة كفاية جورج إسحق إن الأمن لا يمتلك الشجاعة وربما الرغبة في حسم الخلافات الطائفية رغم علمه بجذورها، ويتنازل عن تطبيق القانون في هذه الحوادث بدعوى تحقيق المصالحة بين الجانبين.
وأضاف للجزيرة نت "أخطر ما في الأمر أن يترك هذا الملف للأمن، وأجهزة الدولة عاجزة عن حسم هذه القضية، عندما تكون هناك حالة قتل أو إتلاف ممتلكات فيجب إعمال القانون بمحاسبة الجاني، وليس مجالس الصلح العرفية التي ثبت فشلها".
مجلس قومي للوحدة " التقرير خلص إلى مجموعة توصيات منها دعوتها لتشكيل مجلس قومي للوحدة الوطنية تكون مهمته إعادة الثقة بين المواطنين في الجانبين " وخلص التقرير إلى مجموعة توصيات منها دعوة رئيس الجمهورية ومجلسي الشعب والشورى والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية والعمالية والقوى السياسية والاجتماعية ومشيخة الأزهر والبطريركية المرقسية إلى تشكيل "مجلس قومي للوحدة الوطنية" تكون مهمته إعادة الثقة بين المواطنين في الجانبين، وإقامة حوار للمصالحة والمكاشفة حول القضايا التي يطرحها الأقباط.
وأوصى التقرير أيضا بدعوة مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلى تبني برامج أكثر فعلية فيما يتعلق بمفاهيم التربية المدنية خاصة وسط قطاعات الطلبة والشباب والفئات الشعبية، ودعوة الأجهزة المعنية إلى إعمال قواعد العدالة والالتزام بالإجراءات القانونية فيما يتعلق بالتحقيق مع المقبوض عليهم على ذمة الأحداث.
وحذر إسحق من "الفضائيات والقوى السياسية (من الجانبين) التي تقوم بعمليات الشحن الطائفي" قائلا "إن الخوض في عقائد الآخرين أخطر ما يمكن تحمله، والدولة مطالبة بوقفة حاسمة تجاه هؤلاء المخربين في الفضائيات وغيرها".
وأشار الناشط القبطي إلى "عجز الأزهر الشريف والكنيسة عن لعب دور فعال للتخفيف من حدة التوتر الطائفي". وأرجع ذلك "إلى خضوعهما لسيطرة الدولة" مطالبا بإنشاء لجنة قومية عليا "لوضع تصور لإنهاء القضايا التي تفجر التوتر الطائفي".
وطالب التقرير من النيابة المصرية إجراء تحقيقات علنية حول كافة الأحداث الطائفية وملابستها لكشف النقاب عن حقيقة الاعتداءات والمتورطين فيها إن وجدوا، وسرعة تقديمهم إلى المحاكمة.
المصدر: الجزيرة