نساء إيران.. قوة رئيسية في مظاهرات الحركة الإصلاحية
دبي - (العربية) سعود الزاهد وزين الفايز
للتنظيمات النسوية دور بارز في ما يجري في ايران اليوم من احتجاجات، وتعد من ابرز القوى التي نزلت الى الشارع في التظاهرات التي تلت اعلان فوز الرئيس المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد بالانتخابات الاخيرة.
وبرزت اسماء نساء خلال الأزمة الاخيرة في ايران منهن على سبيل المثال لا الحصر زهراء رهنورد" زوجة المرشح الاصلاحي مير حسين موسوي وهي اكاديمية لعبت دورًا نشطًا جدًا في الحملة الانتخابية لزوجها، وهناك ايضا فائزة رافسنجاني، ابنة الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رافسنجاني التي اعتقلت وأُفرج عنها.
وتساند معظم التنظيمات النسائية في ايران الحركة الاصلاحية، ومنها أيضا منظمات تساهم فيها زهراء مصطفوي ابنة الامام الخميني.
الاصلاحيون اتخذوا من مطالب المرأة المتمثلة أساسا بتحسين حقوقها القانونية وحياتها اليومية جزءا من خطابهم. كالمرشح الاصلاحي موسوي الذي حرص على مخاطبة المرأة أكثر من أي مرشح آخر.
كذلك فان مهدي كروبي وعد في حال فوزه، بإسناد وزارة إلى شخصية نسائية.
وعلى مدى الأعوام الأربع الماضية تعرضت النساء لإجراءات صارمة تتعلق بلباسهن واعتقلت نساء كثيرات ممن تظاهرن من أجل مزيد من الحقوق والحريات واتهمن بالتبعية للغرب والسعي لإحداث ثورة مخملية في البلاد.
ووضع البرلمان المحافظ تشريعات خاصة بقانون الأسرة، اعتبرت في غير مصلحة المرأة.
الحركة النسوية في إيران لها تأثير كبير لا يستهان به، خصوصا أن المرأة تشكل أكثر من نصف تعداد السكان في ايران.
وعلى سبيل المثال فإن عدد الطالبات في الجامعات الإيرانية يفوق عدد الطلبة الذكور ويقدر باكثر من خمسة وستين في المائة.
والدور الكبير الذي تقوم به التجمعات النسائية في الأزمة الراهنة ليس وليد اليوم، فالمرأة كان لها دور كبير في عهد الشاه وأيضا أيام الثورة الاسلامية، كما كان لها دور كبير في مساندة الرئيس السابق محمد خاتمي في انتخابات سبعة وتسعين وفوزه آنذاك.
تاريخ الحركة النسوية في ايران
تشكلت النطفة الاولى للحركة النسوية في ايران منذ مطلع القرن العشرين تزامنا مع الثورة الدستورية التي جاءت بأول برلمان في ايران عام 1909 ، حيث شاركت المراة الإيرانية بقوة في تلك الثورة ضد اللإستبداد إلا أنه لم تتبلور مطالب نسوية محددة حينها.
ولكن وضعت هذه المشاركة المداميك الاولى للحركة النسوية وتشكلت نطفة مؤسسات نسائية بدائية بمطالب محدودة مما اعتبر تحديا للنظم الإجتماعية البالية الامر الذي دفع بالتنظيمات النسوية أن تمارس نشاطا سريا في البلاد.
ولكن بعد أن سادت الحرية النسبية في ايران بعد الحرب الكونية الثانية والتغييرات التي طرأت في مجال حقوق المرأة على المستوى الدولي بدأت تتأثر الحركة النسوية الإيرانية بالحركات المماثلة في الغرب والحركة النساء في مصر.
وكخطوة أولى تم تأسيس مدارس للبنات مما اعتبر نشاطا ثوريا حينها، ثم تأسست جمعيات علنية من قبيل لجنة حرية النسوان والتجمع الثوري للمراة و جمعية نداء السعادة والجمعية الوطنية للمراة، وتم حظر جميعها لاحقا في زمن رضا شاه حتى البدء في تأسيس جمعيات نسائية إما حكومية او مرتبطة بالاحزاب في السنوات الاولى لحكم محمد رضا بهلوي.
بالرغم من المعارضة لهذه الحركة من قبل الفئات الإجتماعية التقليدية في مجمتع ايران كانت انشطة النساء هادئة ومتواصلة بهدف تغيير القوانين التي تتعامل مع المراة كإنسان من الدرجة الثانية أو إصلاحها.
استمرارية الهدوء في الوسط النسوي والتركيز على حقوق المرأة، لم يمنع دون مشاركة المراة إلى جانب الرجل في ثورة عام 1979 التي شابها شيء من العنف لإسقاط النظام الشاهنشاهي الذي منح النساء الكثير من الحقوق والحريات الإجتماعية دون السياسية.
وبعد الثورة وجدت الحركة نفسها أمام تحديات جديدة نتيجة للتشريعات التي أشرفت المؤسسة الدينية التقليدية على سنها في البلاد فيما يتعلق بقوانين الاسرة والزواج والطلاق ورعاية الاطفال وتحديد نوع الملبس.
ولكن بما ان حركة المرأة في ايران جيدة التنظيم ولها هياكل شبه مؤسساتية تضم المجموعات الناشطة التي تتبع اهداف و طموحات مشتركة استطاعت التعبير عن احتجاجاتها بطريقة أو اخرى دون أن تصطدم بالسلطات والحصول على بعض حقوقها.
ولكن منذ مجيء محمود أحمدي نجاد صارت أنشطة الحركة النسوية المنظمة تثير قلق السلطات في بلد يرى في كل حركة لم تنبثق من المؤسسات الرسمية بأن ورائها أجندة أجنبية، الأمر الذي جعل الحكومة الإيرانية تتهم الحركة النسوية بالتبعية للغرب السعي لإحداث ثورة مخملية في البلاد وإعتقال اعداد كبيرة من الناشطات خلال الأعوام الاربعة الماضية.
ولكن كل ذلك لم يمنع المراة الإيرانية من الإستمرار في إحتجاجاتها من خلال المشاركة في الحركة الطلابية حيث تشكل النساء حوالي 60 بالمائة من طلاب الجامعات الإيرانية، والالتحاق بالحركة الإصلاحية التي تنظر إلى حقوق المرأة بشكل يختلف تماما عن نظرة المؤسسة الدينية التقليدية . وهذا ما يفسر التواجد المكثف للنساء في الإحتجاجات التي عمت الشوارع الإيرانية في أعقاب الإنتخابات الأخيرة.