التقى مع صديقه جميل، تعانقا بمودة وشوق.
- اشتقت لك يا جميل.. تمضي السنوات بسرعة ما أروع اللقاء بك بعد هذا الإنقطاع الطويل.
- لا شيء يوقف الزمن الملعون. انا أيضا اشتقت لك يا طوني ولأيامنا الماضية، ليتنا نعود تلامذة مدرسة لا نحمل الهم ولا نعرف الغم.
-أراك غاضباً متوتراً، ماذا حدث؟
-.....
لم يرد. نظر الى وجه جميل وهاله ما رأى، كان وجه صديقه شاحباً ومليئاً بالكدمات، وكأنه خارج من طوشة عمومية. عندما التقاه لم يلاحظ وجهه، ولم يفكر الا بعناق هذا الصاحب العزيز على نفسه، والذي تربطه به ذكريات لا تنسى.
انتبه طوني ان الجروح تغطي ذراعي جميل وصدره ورقبته أيضا، قال لنفسه لا بد انها خناقة من خناقات جميل، يبدو انها عادة أخلاقية ولدت معه ولازمته رغم تقدمه في السن.
منذ ايام المدرسة كان شقياً ومقاتلاً، ولا يتردد في الدخول الى معركة ضد من هم أكثر منه أو أكبر منه دفاعاً عن صديق، او شخص ضعيف، او زميل في الصف. وكان بسبب جرأته وإقدامه يفرض هيبته على جميع طلاب المدرسة كباراً وصغاراً.
هل ما زال جميل بنفس الطباع؟
- ماذا حدث لوجهك إذن يا جميل؟ انظر لحالتك.. كلك مليء بالجروح، من ضربك..؟
-لم يضربني أحد.
- ما زلت تتورط بالعراك..؟ لم تبطل عادتك؟
- أبدا.. لا شيء من ذلك. أنا لا أتعارك مع أحد.
- ربما لا يجرؤ أحد على عراكك، يعرفون انها معركة خاسرة؟
- لا يا طوني، لم أعد أتعارك، عندي همومي وهي أكبر من العراك مع الناس..
- اذن من سبب لك هذه الجروح والكدمات..على وجهك.. وصدرك.. وعنقك.. وذراعيك؟
-لا شيء مهم.. اليوم قبرت حماتي؟
- حسنا، الله يرحمها..ومن سبب لك هذه الجروح؟
- أوه.. هذا بسبب رفضها الدفن.