جامعة القبائل العربية

أعتقد بأننا ما زلنا مجتمعا قبليا بدويا وفي داخل كل فرد منا "قيسيّ" صغير أو"يمنيّ" صغير.عندنا قبائل عربية كثيرة ونفتقر الى دولة عربية واحدة، وقد تكون مصر استثناء الى حدّ ما..حتى هذه اللحظة!!! أنظمة الحكم بدوية والانتخابات البلدية والمحلية والتشريعية في عالمنا العربي وفي مدننا وقرانا تتحكم فيها القبلية. رئيس الدولة في عالمنا العربي يتصرف تصرف رئيس القبيلة. لا دستور ولا مؤسسات ولا قانون. الدستور اوراق وهمية والمؤسسات ورقية والقانون معلّب او محنّط او مُغيّب. ولأن رئيس الجمهورية- في أنظمة تسمى انفسها جمهورية، بدويّ بطبعه وعقله فمن الطبيعي ان يحوّل النظام الجمهوري الى توريث ..الى وراثي. المرحوم حافظ الأسدّ ورّث ابنه بشار. والرئيس حسني مبارك يسعى الى توريث ابنه جمال. وملك الملوك العقيد معمر القذافي يسعى الى توريث ابنه سيف الاسلام. والرئيس علي عبد الله صالح يعمل لتوريث ابنه احمد. والرئيس علي زين العابدين يسعى لتوريث صهره. ولأن النظام قبلي فأن صهر رئيس الجمهورية أو صهر جلالة الملك او صهر سمو الامير له صلاحيات اكثر من رئيس الحكومة او من الوزير. كنت في زيارة لأحدى دولنا العربية ودعاني صهر الرئيس مشكورا الى وجبة غداء، وبعد أن تناولنا طعامنا جلسنا نشرب الشاي والقهوة واذا بشخص أنيق يدخل ويختلي بالمضيف جانبا ثم بدأ الصهر بتوقيع بعض الاوراق لذلك الشخص.همس لي صديق كان معنا بأن هذا الشخص هو وزير كذا...فسألت بدهشة:وماذا يفعل الآن؟ فأجابني:يطلب من صهر الرئيس ان يساعده في حلّ بعض الامور!!! قلت: ولكنه وزير!! قال: خليها على الله!! هكذا تسير الامور!! في احدى الجمهوريات العربية التي زرتها حدّثوني عن عدالة الرئيس وذكروا ان ابن رئيس الجمهورية ضرب ضابطا بعصا كانت في يده فعلم الرئيس بذلك فدعا الضابط وابنه وطلب من الضابط أن يضرب الابن كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب. عدالة أم بداوة!!! وفي جمهورية اخرى قتل المحروس ابن الرئيس مساعد والده فغضب السيد الرئيس واقسم ان ينتقم للمساعد وان يقتل الابن فما ان علمت زوجة الرئيس بغضب زوجها حتى اتصلت بامير عربي معروف فجاء على عجل وتحدث مع اخيها الرئيس ووضع يده تحت زناره فعفا السيد رئيس الجمهورية عن ابنه!! لا قانون ولا محكمة ولا صحافة ولا رأي عام..! نظام قبلي بدوي!! الغرب يعرفنا جيدا.يعرف"الطنجرة وغطاها". السيدان سايكس وبيكو قسّما عالمنا العربي الى دويلات اسمياها ممالك وامارات ثم قامت في بعضها انقلابات وجاء العساكر برؤساء جمهوريات ثم تحول رؤساء الجمهوريات الى رؤساء مملكيات. ويبدو ان الغرب لم يكتف بما فعله السيدان سايكس وبيكو ولذلك فأنه يفكر اليوم بتقسيم هذه الممالك وهذه الامارات وهذه الدويلات الى دول اصغر من ذلك، الى دول نونو كي ترضى كل قبيلة من قبائلنا. العراق في طريقه ليكون ثلاث دول: دولة شيعية ودولة سنية ودولة كردية. والسعودية في طريقها لتكون مملكتين: مملكة نجد ومملكة الحجاز. والسودان في طريقه الى عدة دول: دولة في الجنوب ودولة في الشمال ودولة في الشرق ودولة في دارفور. واليمن- اسم الله ما شاء الله- في طريقه الى دولة صنعاء ودولة حضرموت ودولة عدن وامارة الحوثيين. وهذا حال الجزائر وحال المغرب. وعندنا امارة غزة وجمهورية رام الله. وجامعة الدول العربية سوف تنافس الامم المتحدة في عدد اعضائها وسوف يصبح اسمها"جامعة القبائل العربية". وما انا الا من غزيّة.....رحم الله شاعرنا