يكثر الحديث هذه الأيام وتكثر الإعتصامات والمطالبات بأن يكون للمرأة حق إعطاء الجنسية لزوجها وأولادها ومساواة المراة بالرجل في هذا الشأن ويكون للزوج والأولاد حق الحصول على جنسية الزوجة والأم. للوهلة الأولى يبدو هذا الطلب منطقياً ولكن إذا نظرنا إلى الموضوع بتأني ودرسناه بكافة جوانبه سنرى أنه يفتح الباب على مشاكل كثيرة قد يكون المجتمع بغنى عنها. في كل الشرائع السماوية منها والوضعية الدنيوية ينسب الأولاد للأب وحتى في الدول التي ينظر إليها على أنها مدافعة عن حقوق المرأة ففيها تنسب المرأة لزوجها وتحمل إسمه وينسى إسمها الأصلي حتى ولو تم الطلاق فيما بعد (هذا النسب هو إختياري بالنسبة للنساء وبإمكانهم الإحتفاظ بإسمهم قبل الزواج ولكن لأسباب كثيرة ترى هذا الشيء نادر الحدوث وتقريباً معدوم) فالسؤال الذي ينبغي الإجابة عليه هو ماذا عن جنسية الأب. عندما تقدم المرأة على الزواج من رجل يحمل غير جنسيتها فهي بالضرورة تعلم إن نسب الأولاد سيكون تابعاً لنسب أبيهم وبالتالي سوف يحملوا جنسية الأب وهي أيضاً ستكون مخولة لتحمل جنسية الزوج فإذاً مطالبة المرأة بمنح زوجها جنسيتها يثير التساؤل لماذا؟ ماذا عن جنسية الأب؟ لماذا يحتاجوا إلى جنسية الأم بدلاً من الأب؟ إعطاء المرأة صلاحية أوقدرة نقل جنسيتها إلى زوجها وأولادها يجب أن ينظر إليه بكثير من الحذر وذلك لأسباب عدة. لو إفترضنا أن إمراة من الجنسية (أ) تزوجت رجلاً من الجنسية (ب) وبعد فترة تم الطلاق بعد حصول هذا الزوج على جنسية الزوجة وبعد فترة أحضر هذا الرجل زوجة من بلده الأصلي فماذا تكون النتيجة؟ هي وجود عائلة من زوج و زوجة وربما أولاد يحملون جنسية البلد الجديد ولكن فعلياً ما هو إنتمائهم الفعلي إلى هذا البلد؟ إلى ثقافته؟ إلى تقاليده؟ إلى لغته؟ لا شيء هم موجودين في البلد ولكنهم حالة غريبة عن البلد. قد يقول قائل ماذا عن الرجل فهل مسموح له أن يحضر من يريد وينقل إليه جنسيته؟ وللإجابة عن ذلك يجب علينا أن نعود إلى التساؤل الأول لمن يتبع الاولاد والزوجة؟ فإذا من البديهي أن يحصل الأولاد على جنسية والدهم. ولو فرضنا أن الطلاق تم وكانت الزوجة قد حصلت على جنسية الزوج فإنها لن تسطيع الإتيان برجل من بلدها الأصلي لتتزوجه وتمنحه جنسيتها الجديدة لتتكون بذلك عائلة غريبة عن نسيج البلد. هذا التحدي واجهته الدول الغربية منذ زمن فمجرد حصول الرجل على جنسية البلد الذي يقيم فيه نتيجة زواجه من إمراة غربية فتح الباب أمام تجارة واسعة النطاق بأمر الزواج وتحول مع الزمن إلى مشاكل مزمنة مع وجود لما يشبه الجزر المعزولة في داخل هذه البلدان غريبة عن ثقافة البلد وعاداته وأصبح الزواج من غربية هو أقصر الطرق إلى الإقامة والجنسية وهذا أمر إستغلته نساء كثر في الغرب وذلك بهدف الربح المادي السريع وأصبحت هناك شبكات لهذا الأمر مثل المافيا وكل هذه الشبكات كنت تستهدف الرجال لتزويجهم غربيات وليس نساء. في السنين الاخيرة بدأت هذا الدول في الإنتباه إلى هذا الأمر وبدأت في تشديد القوانين لتحد من هذه الظاهرة وأصبح مجرد الزواج للحصول على الجنسية يشكل نسبة مئوية صغيرة نسبياً مقارنة بالأمور التي يطلب من الرجل أن يحققها ليحصل على الجنسية منها الإقامة في البلد لفترة محددة، أن يكون عاملاً ويساهم في دفع الضرائب، أن يكون صاحب مؤهل، وأن يكون حسن السير والسمعة. وإلى الأن لم يفلحوا في الحد من هذه الظاهرة إلى الحد الذي يرغبوا به. قد يقول قائل أيضاً ماذا عن أولادي فهم ولدوا هنا وعاشوا هنا ويعتبروا هذا البلد بلدهم! ولكن ماذا عن جنسية والدهم؟ أليسوا تابعين للأب بالنسب وبالإسم؟ أما بالنسبة للدول العربية فالأمر يختلف فتقريباً كل الشعوب العربية هي من نسيج واحد ولها نفس التقاليد والعادات وأحياناً كثيرة جداً نفس الدين فلا أرى مشكلة في إعطاء الجنسية من الزوجة العربية لزوجها العربي ففي نهاية الأمر كل الحدود هي حدود مصطنعة وصدقوني عاجلاً أو أجلاً فهذه الحدود إلى زوال لأنها ضد الطبيعة وأوراق ولون جواز السفر ما هي إلا أوراق فقط بالمقارنة مع الكثير الكثير الذي يجمعهم. ما سبق كان كلاماً عاماً وما حاولت قوله هو أن الأمر لا يجب أن ينظر إليه من زاوية مساواة المراة بالرجل وإنما يجب أن ينظر له من توابعه وأثاره المستقبلية.
بشار الشهالي، (إشكالية منح الجنسية بين الرجل والمرأة) خاص: نساء سورية