هناك فرق بين مسرح الطفل ومسرح للطفل ذلك أن الأول يبدعه الطفل فيصبح مرسلاً ومتلقياً فى آن واحد. أما المسرح الثانى فمسرح يبدعه الكبار من أجل الصغار بحيث يرسل الكبير خطاباً مسرحياً للمتلقى الذى هو الطفل.. ونلاحظ أن الفرق بينهما علاقة إنتاج واستهلاك.(1) ولقد عرف العرب قديماً مسرح الطفل أيام المقلداتى وخيال الظل ومسرح العرائس الذى كان يقضى الأطفال أمامه الساعات بلا ملل. أسباب غياب مسرح الطفل عند العرب: 1- عدم اهتمام لغتنا العربية بهذا النوع من الكتابة الخاصة بالأطفال كالأغانى والقصص والسير…الخ. 2- صعوبة وعسر الكتابة الإبداعية للطفل نظراً لكون هذه المرحلة تتطلب الالمام بهذا الكائن الصغير واهتمامه. 3- غياب البنية التحتية للعمل فى هذا الميدان. 4- الموقف الثقافى فى مسرح الطفل وهذا الموقف انما يدل على عدم استيعاب اهمية هذا اللون الدرامى. 5- إحجام بعض الكتاب والمؤلفين عن الخوض فى هذا الميدان. 6- نظرة المسئولين فى وزارة الثقافة لهذا المسرح على أنه مسرح هامشى.. وينظرون له نظرة دونية. 7- استعلاء كبار الكتاب على الكتابة للأطفال.. علماً بأن الكتابة للأطفال تحتاج بالإضافة إلى الموهبة الحقيقية الصادقة إلى تخصص وممارسة ومعاناة وإلى دراسات أخرى فى أصول التربية وعلم النفس ومراحل نمو الأطفال وخصائصها المتميزة وإلى معرفة بالقوانين السليمة للكتابة الأدبية والفنية فى القصة والدراما والشعر. وإذا كنا نرغب فى وضع استراتيجية لمسرح الطفل فى الوطن العربى يجب أن نأخذ فى اعتبارنا الأتى: 1- أن الواقع المحزن يدلنا على عدم وجود مسرح أطفال خاص ثابت له منهج. ومن أجل ذلك علينا أن نبدأ فى الشروع بتأسيس هذا المسرح اليوم قبل الغد.. والعمل على توفيق علاقة الفنانين الجادين.. الفنانين الممثلين والعرب لتطوير هذا المسرح. 2- العمل على إنشاء دور للعرض لمسارح الأطفال. 3- فتح استوديو تدريبى للممثلين وإعدادهم إعداداً جيداً. 4- تأسيس فرق مسرح الطفل فى كل محافظات الوطن العربى مدعمة بميزانيات قادرة على منح هذه الفرق الفرصة. 5- دعوة الفرق العربية المتخصصة بمسرح الطفل أن وجدت مع دعوة الفرق الأجنبية المعروفة فى هذا المجال.. سيخلق هذا طريقاً للاحتكاك. 6- أن تتولى مناهج التربية والتعليم دراسة مسرح الطفل.. حتى يتسنى لنا تطوير هذا المسرح. 7- التعامل مع مسرح الطفل على أنه المسرح الرفيع المستوى والأرقى وليس الأدنى. تمهيد: ماذا تفعل عندما تستيقظ ذات صباح فتجد أن الوطن بلا رأس بلا فكر وأن مستقبل الوطن قد غاب… ومستقبل أى وطن هم الأطفال والشباب.. ومسرح الأطفال أو الشباب كما يسميه البعض فى الدول الأوروبية هو مسرح يضع الباحث فى نوع من الحيرة.. وهو مسرح حديث.. "وهو من أعظم ابتكارات القرن العشرين ولسوف تتضح قيمته وأهميته التربوية هذا ما أكده مارك توين واستشهد به وينفرد فى كتابه القيم مسرح الأطفال الذى ترجمه محمد شاهين الجوهرى عام 1966".(2) "والخوض فى موضوع مسرح الطفل من شأنه أن يحط الباحث فى نوع من الحيرة لأسباب تتلخص فى نقطتين هامتين سنحاول أن نتطرق إلى كل واحدة على حدة. أما الأولى فتتعلق.. بندرة المادة أو بعبارة أخرى قلة المراجع أو الدراسات الخاصة بهذا الميدان ومرد ذلك طبعاً إلى أن هذا الموضوع لم يحظ بنوع من العناية لأنه يعتبر حديثاً فى المسرح العربى بصفة عامة".(3) يقول الدكتور مصطفى رمضانى فى مقال له عن مصطلح مسرح الطفل ما يلى "أريد أولاً أن أحدد المصطلح الذى نريد إدراجه فهناك فرق بين مسرح الطفل والمسرح للطفل.. ذلك أن الأول يبدعه الطفل فيصبح مرسلاً ومتلقياً.. أما الثانى فمسرح يبدعه الكبار من أجل الصغار بحيث يرسل الكبير خطاباً مسرحياً للمتلقى الذى هو الطفل.. وبهذا نلاحظ أن الفرق بينهما علاقة إنتاج واستهلاك.. وما يهمنا بالأساس هو المسرح الموجه للأطفال لأنه يصعب تصور مسرح الطفل بحدوده العلمية. فهل يمكن تصور طفل دون الثانية عشر من عمره قادراً على كتابة نص وإخراجه وتشخيصه –كما يفعل الكبار- بوعى درامى يوفر الحدود المعقولة من الجمالية والمعرفة والفكرة.(4) فحينما تأخذ تسمية مسرح الطفل تجعل الطفل رائد التجربة المسرحية كتابة وإخراجاً وتشخيصاً فهو الطفل.. المؤلف كاتب الرواية وهو المخرج والممثل يبد أنه من غير المعقول طبعاً أن تجد صبياً يؤدى بعض الأدوار فما بالك فى الإخراج أو التأليف. أما المسرح للطفل فحين يتصور هذا المصطلح تجعل الطفل متلقياً فقط لا دخل له فى عالم الخشبة. وأقصد عملية التأليف والإخراج أو التشخيص أيضاً. هذا من خلال ما تقدم يمكن أن نسجل فكرة مفادها أنه سواء تعلق الأمر بمسرح الطفل أم المسرح للطفل فإننا نفهم ذلك المسرح الذى يوجه للأطفال عادة سواء كان مقدموه أطفال صغار أم كبار. وحتى نختم الحديث فى مجال التسمية، سنحاول أن نطرح استفساراً مفاده، هل يمكن اعتبار هذا النوع من المسرح جديداً عن العرب؟ أو هل هناك ما يدل عليه فى الثقافات السابقة؟ لقد استهلت إحدى الجرائد مقالاً بعنوان (مسرح الطفل) حديثها عن هذا اللون الدرامى قائلة: "عرف العرب منذ القديم أيام الحكواتى" و "المقلداتى" و"خيال الظل" و "مسرح الطفل" الذى كان يقضى أمامه الأطفال ساعات بلا ملل، وهم يشاهدون تلك الأشياء العجيبة وهى تتحرك وتتكلم، ثم جاء المسرح بمدارسه ومذاهبه.. وبين هذا وذاك ظهر مسرح الطفل الذى يعرفه الكل".(5) فإذا حاولنا أن نقرأ هذا النص ثانية، فسوف نصل إلى بعض الحقائق منها أن مسرح الطفل ليس قديماً قدم الإنسان، بل أنه أعقب تلك الألوان البدائية. ولا أقصد بالبدائية قديمة زمنياً. فالمتعارف عليه أن فن المسرح عند العرب لم يظهر إلا فى نهاية النصف الأول من القرن الماضى، وبالتحديد سنة 1848م على يد مارون النقاش، أما أشكال الحكواتى والمقلداتى، وخيال الظل وغيرها من الأشكال التى قلت عنها سابقاً بدائية، فهى أشكال سبقت ظهور المسرح وهى تعد أشكالاً فى حفل المسرح ليس إلا. فمسرح الطفل قد يعتبر مرحلة تولدت فى حقل المذاهب والمدارس المسرحية، غير أن صاحب هذا المقال سرعان ما يبدى بعض التناقض خاصة حين يرى أن مسرح الطفل يوجد حيث ما يوجد الطفل، فهو يقول مرة ثانية:"لقد أجمع الكل على أن مسرح الأطفال يوجد حيث ما يوجد الطفل، وهو جزء لا يتجزأ عن باقى احتياجاتها المادية والنفسية والروحية. فكما يحتاج الطفل إلى الطعام والشراب وإلى الرعاية والحنان، فإنه فى حاجة ماسة إلى ما يثرى فكرة، ويسعد روحه ووجدانه، وإذا لم يستوف الطفل تلك الاحتياجات المادية والمعنوية فيسكون عرضة للمعاناة والاضطرابات لأنها جزء من فطرته".(6) أن الذى يهمنا أكثر من غيره فى هذا النص بالخصوص هو التعميم الذى أخذ به صاحب المقال حيث جعل كل مجتمع فيه أطفال، يوجد فيه بصفة مباشرة مسرح، ونحن إذا أخذنا بهذا القول، فسوف نقول بصيغة أخرى، إن العرب القدماء كان لهم أطفال. ومعنى هذا أنهم كانوا يتوفرون على مسرح لهذه الشريحة الهامة فى المجتمع لاسيما، وأنهم كانوا يعتنون بهم فائق العناية. غير أن الذى يؤسفنا هو أن هذه الفترة لم يصلنا منها شئ من هذا القبيل، إذ لم نصادف مسرحاً من هذا النوع وليد هذه الفترة وعلى العموم فقد تكون له تسمية أخرى، ومع ذلك لم نقف على شئ من هذا. ويبقى كل ما وصلنا عن هذا الفن المسرحى هو أنه مولود حديث، شأنه شأن مسرح الكبار كما يذهب إلى ذلك العديد من الباحثين، أمثال ينفردوارد الذى يؤكد أن مسرح الأطفال من أعظم الإبتكارات فى القرن العشرين. ولعل النص الذى بين أيدينا يدل صراحة على حداثة هذا المسرح، ومن جهة أخرى يمكن الإشارة إلى أن الإرهاصات الأولى لهذا الفن تعود إلى التقاليد والطقوس التى تمارس فى بعض الأسر العربية، وبالأخص فى المناسبات المختلفة حيث يكون الطفل هو البطل، ولنتساءل عن أسباب غياب مسرح الطفل عند العرب قبل هذه المرحلة. قد يغرى هذا الغياب إلى جملة من الأسباب ندرجها كما يلى: 1- عدم اهتمام لغتنا العربية بهذا النوع من الكتابة الخاصة بالأطفال، وذلك عبر تاريخنا القديم على الرغم من أن هناك أدباً خاصاً بالأطفال كالأغانى والقصص والسيرة…الخ. 2- صعوبة وعسر الكتابة الإبداعية للطفل، نظراً لكون هذه المرحلة تتطلب الإلمام بهذا الكائن الصغير واهتمامه. 3- غياب بنيات تحتية للعمل فى هذا الميدان. 4- الموقف الثقافى فى مسرح الطفل، وهذا الموقف، إنما يدل على عدم استيعاب أهمية هذا اللون الدرامى. 5- إحجام بعض الكتاب والمؤلفين عن الخوض فى هذا الميدان، وهذا يدل على صراحة على الدونية التى ينظر بها إلى هذا النوع من المسرح، إذ الكاتب ينصب نفسه فى مرتبة مترفعة عن الطفل، ويعتبر ذلك الفن إنما هو سن زائل وماض لا قيمة لهذه المرحلة الطفولية"(7) * ما المسرح الا لعب وإيهام: إن الطفل يعرف التمثيل ويحبه كنشاط ووسيلة من وسائل الترفيه "وتنطوى الألعاب التمثيلية، أو كما يطلق عليها أيضاً اللعب بالأدوار، على الكثير من الخيال عند الأطفال. وفى هذا يكمن المغزى الإبداعى لهذه الألعاب التى يطلق عليها "الألعاب الإبداعية" ويتفق هذا مع ما يطرحه "تورانس" (1961) من تصورات ونتائج لدراساته فى ميدان الإبتكار، خاصة من المدخل التربوى الذى يتبناه لتنمية الإبتكار عند الأطفال: فالكثير مما يتعلمه الأطفال فى سن ما قبل المدرسة يقوم على الخيال والتخمين والتساؤلات والاستفسارات والتنقيب والإستكشاف، وهو ما يعكسه فى أدوار اللعب التى يعيشها بالخيال غالباً وبالواقع أحياناً. من اللعب الإيهامى إلى التمثيل الواقعى: "اللعب الإيهامى"Play Makebelieve أو "لعب التوهم" Game of illusion شكل شائع للعب فى الطفولة المبكرة فيه يتعامل الطفل – من خلال اللغة أو السلوك الصريح- مع المواد أو المواقف كما لو أنها تحمل خصائص أكثر مما تصف به فى الواقع، فيه يعمل الطفل مع أى خيط كما لو أنه يخصه ذاته ويضفى الحياة (الإيحائية animism) على الأشياء المختلفة التى يلعب بها، كأن تكون العصا حصاناً مثلاً. (ك.بيهلر. 1930) يبدأ تمثيل الشخصيات dramatic impersonation لدى الطفال مبكراً فى حوالى سن العام تقريباً، رغم أن الفترة العادية لظهور هذا الشكل من اللعب تقع بين سن العام والنصف إلى العامين من عمر الطفل (جيرسيلد 1954). ويتعلم الأطفال كثيراً فى لعبهم الإيهامى من الأطفال الأكبر سناً وخاصة الإخوة. كما يؤدى وجود الطفل وسط مجموعة من الأطفال متباينة فى أعمارها إلى تعلم سلوك خيالى أكثر مما لو كان الطفل يعيش وسط مجموعة متجانسة من حيث السن والجنس، لأن الأطفال الأصغر سناً فى المجموعة (ماركى – 1935). هذا اللعب التمثيلى الخيالى يحقق وظائف كثيرة فى حياة الطفل: منها تنمية قدرة الطفل على تجاوز حدوده الواقعية، وعلى أن يذهب إلى ما وراء القيود التى يفرضها الواقع، وتنمية القدرة على تحقيق رغباته بطريقة تعويضية، والقدرة على تخليص نفسه من الضيق والسخط والغضب، وعلى استبعاد أو فعالية الظروف التى تزعجه أو تخذله فى حياته الواقعية (جيرسيلد، 1954). وقد لوحظ أنه بقدر ما يخبر الطفل إحباطات قوية كثيرة، يكون انضواؤه فى لعب إيهامى. لذا كثيراً ما ياتى الطفل السئ التكيف بالعاب إيهامية أكثر من الطفل المتكيف (سيموندس، 1946) وفى هذا تبين ملاحظات بعض الباحثين (امين ورينسون 1954) ان الأطفال الذين يزداد عندهم القلق يقضون وقتاً أكبر فى اللعب الإيهامى. فالطفل فى اللعب – كما يتبين دراسات (بيهلر – 1952) – يدعى أن يكون هناك شخص يحبه ويعجب به ويرغب فى أن يضاهيه، ويختلق مواقف يحاول فيها أن يكون بصورة أفضل تلقى "استحسان" الكبار وخاصة الوالدين. ويتبع اللعب الإيهامى نسقاً نمائياً محدداً: فقد لاحظ (ماركى – 1935) ان الأطفال قبل سن ثلاث سنوات يظهرون اهتمام كبيراً بالأشكال التالية من اللعب الإيهامى: (أ) إضفاء صفات شخصية على الأشياء Personification كالتكلم مع الدمى أو الأشياء غير الحية، أو كالألعاب التى تتضمن مخلوقات يتخيلها الطفل مثل "العفريت" أو البعبع". (ب) الاستخدام الإيهامى للمواد make believe use of materials كالتسمية التخيلية للأشياء مثل تسميته للعصا حصاناً، أو كالسلوك التخيلى الصريح البسيط مثل تناوله كوباً فارغاً لكى يشرب منه. (ج) المواقف الإيهامية make – believe situations، التى تتضمن استخداماً معقداً للمواد كبنائهم لمنزل. وفى معظم الحالات يرتبط لعبهم بالمواد الموجودة أمامهم فى مجالهم الحسى العيانى المباشر وبعد الثلاث سنوات يصير الإستخدام الإيهامى للمواد هو أكثر الأنشطة التخيلية المميزة للعب فى هذه الفترة. وكلما تطور نمو الطفل يزداد استخدامه للمواد بطرق أكثر تعقيداً كأن يستخدم الرمل فى بناء نفق بدلاً من مجرد حفرة بجاروف. وبالإضافة إلى ذلك، يأخذ الطفل فى الاشتراك فى لعب يتضمن المواقف الإيهامية، والأنشطة التركيبية من مواد خام، والألعاب التمثيلية الأخرى".(8) الواقع أن الكتابة للطفل ليست بالأمر اليسير لأنها تدخل فى إطار ما يسمى فى الأدب "بالسهل الممتنع" إذ أن الكاتب لفلذات أكبادنا عليه أن لا ينزل من أبراجه العاجية ولكن يصعد إليها حتى تتم له ملامسة قضاياها وموضوعاتها ولا يكفى للكاتب أن يكون لامعاً فى مجال الكتابة للكبار حتى يكون كاتب أطفال ناجح، لأن الكتابة للأطفال تحتاج بالإضافة إلى الموهبة الحقيقية الصادقة إلى تخصص وممارسة ومعاناة، وإلى دراسات أخرى فى أصول التربية وعلم النفس ومراحل نمو الأطفال وخصائصها المميزة، وإلى معرفة بالقواعد السليمة للكتابة الأدبية الفنية فى القصة والدراما والشعر.(9) وقد جاء الإهتمام من قبل المجتمعات المتعددة بالطفل نتيجة ايمانهم بان العناية بالطفل هى اهتمام بالإنسان والمستقبل ومشاركته فى نمو الحضارة وهذا الاهتمام من الإنسانية بالطفولة يصدر عن تطلعات وطموحات من أجل بناء عالم أفضل وأكثر سعادة وتقدماً.(10) ولاشك أننا إذا أردنا مواجهة الغزو الثقافى الغربى لابد أن نهتم بهذه البراعم ونغرس فيهم القدرة على الابداع وننمى فيهم روح الثقة والاعتداد بالنفس حيث يشب الطفل قوياً رابض الجأش كالطود الأشم لا يستكين ولا يضعف كما قال الرسول (ص) "المؤمن القوى خير واحب إلى الله من المؤمن الضعيف" غياب أدب مسرح الطفل جزء من غياب أدب الأطفال: ولما كانت الطفولة هى التى تصنع المستقبل، فمن حقها على الأجيال الحاضرة أن توفر لها سبل النمو السليم حتى تتحمل المسئولية بوعى وثبات لأن هذه المرحلة تعتبر المادة الخام التى يمكن صقلها والاستفادة منها بواسطة تثقيفها وتلبية رغباتها لتتمكن من حمل مشاعل الحضارة وولوج أفاق جديدة تمكنها من معرفة العالم وتستطيع أن تقف فى وجه المد الأجنبى. إن التساؤل حول قضايا الطفل هو مواجهة لذلك الخيار الهاميلتى الصعب أن نكون أولاً نكون تلك هى المشكلة؟ فإما أن يوجد أدب خاص بالطفل وإما أن لا يوجد وتلك هى الآفة؟ تلعب المؤسسات الاجتماعية دور المسؤول عن ثقافة الطفل فالأسرة تعد العالم الأول الذى يلجه الطفل ولكى تقوم الأسرة العربية بدورها المنوط فى تنشئة الطفل العربى المثقف الواعى القارئ يحسن بها أن تعود الطفل على القراءة. أما المدرسة فهى التى تقدم للطفل وجبات ثقافية دسمة ومنظمة وتعززالعادات الحسنة فى نفسه. كما انها تفسح المجال أمامه فى عقد اتصالات مع محيطه، لاشك ان الكتاب يضم المعارف بين دفتيه، فيغوص بقارئه أعماق الفن ويطوف به فى حدائق المعرفة الغناء، فيعب الطفل من سلسلبيله العذب ليتعرف الى القصص المشوقه والصور الجميلة فالحرص على جعل الطفل العربى يحب الكتاب ويكتريه، ويجعله صديقا دائما له تشجيعه على حب عادة القراءة التى تؤدى الى صنع القارىء فى المستقبل وتعريفة بالوطن العربى وامكانياته وتاريخه وأمجاده.(11) فالهدف من قراءة الكتب كما يرى أحد الخبراء يكمن فى تأمين الإرتباط المستمر بين نمو الأطفال الجسمى ونموهم الفكرى والواقع ان تأثير الكتاب على الطفل يظهر أساساً فى تربية ملكتة الإبداعية وتذوقة الجمال،إضافة الى تقديمه المعارف، وفى هذا الإطار يمكن اعتبار المجلة وسيطا ثقافيا يجذب اليه الأطفال لسهولته وجماليته، حيث تقدم لهم أفكارا ميسرة دون ان تتعقبهم، كذلك فالمجله تعنى بتربية الصغير عن طريق القصص والحكايات وموضوعات التسلية لتنمى مخيلته وتطور إحساسه بالجمال، لكن من المؤسف أن بعض المجلات قضى نحبها ولم يعد لها وجود فى عالمنا العربى مثل مجلتى سندباد، كروان. ولسوء الحظ فإن كثيرا من المجلات الطفولية تعتمد الترجمة والإقتباس مما يؤدى الى تبخر الشخصية وفقدان الهوية العربية مثل مجلتى "ميكى وسمير"أما البرامج السمعية البصرية فإنها تعتبر مجالا رحبا وجزءا هاما من ثقافة الطفل، ذلك أن الإذاعة مثلا تستعمل حاسه السمع والمؤثرات الصوتية والموسيقية التى بإمكانها أن تثير خيال الطفل. ويبدو أن التليفزيون يملك جاذبية تثير اهتمام الأطفال من خلال استعمال الصور والحركات.يكفى ان يدوس الطفل على زر حتى تظهر له فى التو عوالم جديدة، ومما يؤخذ على هذا الصندوق السحرى عرض البرامج الأجنبية التى تهدف اساسا الى زج الطفل فى دهاليز الغربة النفسية والإلقاء به فى متاهات لا علاقة لها اطلاقا بتراثنا العربى الأصيل باستثناء بعضها الذى يقدم بطرق فنيه رائعة مثل عالم والت ديزنى وبعض الرسوم المتحركة الجذابة. " إن وسائل الإعلام الجماهيرية بلغت درجة من القوة والاتساع والهيمنة على النفوس، نفوس الكهول والأطفال، يكاد من المستحيل معارضتها أو هزيمتها خاصة وأنه بالنسبة للدول السائرة فى النمو ليس فى إعلامها تبادل وإنما يسير فى إتجاه واحد من الدول القوية نحو الدول النامية الضعيفة"(12) فالبرامج المقدمة على الشاشة الصغيرة تشكل هوة عميقة بينها وبين الطفل خصوصا تلك التى لا تضع فى حسابها الأسس التربوية والنفسية مثل الإشهار الذى يعبر عنه التبعية للرأسمالية الغربية كما هو الشأن فى بلادنا. " إن ما يقدم للطفل من برامج فى بلادنا لا يهتم بكيفية علمية مدروسة وإن ما قدم له فى الغالب لا يساعد على النمو الطبيعى والسليم لشخصيته"(13) يميل الطفل الى الشعر منذ نعومه اظفارة ويحفظ الأغانى التى توارثها عن الأجيال السابقة أثتاء اللعب مثلأ الثعلب فات فات وفى ديلة سبع لفات، ومنذ الطفولة المبكرة نجد الأم تهدهد طفلها مستعينه ببعض الأغانى التى تمكنه من النوم " نام نام وادبح لك جوزين حمام" فالبراعم لها استعداد فطرى لتذوق الشعر والتغنى به لأنه يستهويهم بموسيقاه العذبه كما أن الشعر المناسب لهم هو ذلك الذى يساهم فى ترسيخ القيم النبيلة والموضوعات التى يتناولها شعر الأطفال كثيرة ومتنوعه تشد الإنتباه وتشحن الذهن وتلهب العاطفة"(14) ولأمير الشعراء أحمد شوقى قصب السيف فى هذا الميدان لما ألفه خصيصا للبراعم من قصص شعرية على لسان الحيوانات مثل قصة اليمامه والصياد. كما اختص الشاعر محمد الهراوى فى هذا النوع فقرض أشعارا للأطفال من مثل قوله أنا فى الصبح تلميذ وبعد الظهر نجار فلى قلم وقرطاس وأزميل ومنشار (15) ونعلم أن كبار الشعراء نزلوا من أبراجهم العاجية فنظموا للصغار أشعارا كثيرة من أمثال " هيجو" وذاع صيت الشاعر على الشرقاوى فصدر له ديوان " أغانى العصافير" كما لاح نجم الأستاذ محمد على الرباوى فى هذا المجال بعدما صدر له ديوان " عصافير الصباح" يبدو أن الإرهاصات الأولى لقصص الأطفال بدأت مع الأديب المصرى كامل كيلانى وفى المغرب بدأ الإهتمام بهذا الجنس الأدبى فى الخمسينات على يد إبراهيم السائح والأستاذ عبد السلام البقالى"الذى صدرت له قصص كثيرة تلفت إنتباه الطفل ليلج عوالم المغامرات من مثل قصة المدخل السرى إلى كهف الحمام، إضافة الى اهتمامات العربى ابن جلون لهذا المجال فى مجموعاته القصصية التربوية.وتعتبر الحكاية أساس تكوين أحداث القصة وهى تستعين بعناصر تشويقية تثير مخيلة الطفل وتساهم فى بناء "كينونته" يمكن أن تتدخل القصة بأسلحتها المشوقة الفعالة لتساهم مع البيت بطريقة واعية مدروسة فى تشكيل شخصية الفرد.وفى فترة المدرسة الأبتدائية يستمر تأثير القصة ومساهمتها فى تنمية شخصية الطفل،ويزيد دورها عندما يتعلم القراءة والكتابة، ويستطيع الإعتماد على نفسه فى قراءة القصص التى تناسب مستواه العقلى واللغوى"(16) والملاحظ أن بعض القصص التى تعرض على فلذات أكبادنا لا تتعدى الكتابات البوليسية العنيفة، وأمام هذا لا يمكن التطلع الى أدب هادف ينتشل صغارنا من هوة الضياع، فالأدب المرتجى لأطفالنا هو ذلك الذى يبرز القيم الإسلامية الرشيدة ويعكس ظمأ النفوس الى الإرتواء بينابيع الخير والمعانى المشرقة ويتأسس يسير الفرسان الذين داست سنابل خيولهم جباه الجبابرة، ويوقظ فيهم حسن المسئولية"(17) إن الطفل يجد لذه فى الأستماع الى القصص والحكايات التى ترويها له جدته مثل " خرافات الغولة"، ويرى "بتلهام" أن شخصية الطفل تتفتح بكيفية سليمة وفى اتجاه مرغوب فيه عندما يكون قد استمع منذ صغره لهذا النوع من الحكايات عكس الرأى الذى يوجب الاقتناع كليا عن رواية الحكايات الأسطورية نظرا لما تثيره من الرعب والفزع فى نفسية الطفل"(18) هذه التجارب الفنية تقدم للأطفال قيما جمالية وخبرات ثقافية تنفذ الى العقل والوجدان معا وهو أمر أكده علماء النفس والتربية حينما قرروا أن الأدب يساهم فى البناء الروحى والسيكولوجى للطفل، وعليه فأدب الأطفال يجب أن يحقق أمرين أولهما مساعدة الطفل على وعى معنى الحياة وثانيهما مساعدته على وعى ذاته وعلاقته بالآخرين، والمقصود بوعى معنى الحياة الإحساس بها وبقيمتها وبأنها جديرة بأن تعاش وفق مقاييس العطاء والسعادة"(19) إن عالم الطفل مثير للغاية لأن ذكاء الصغير يفوق ذكاء الكبير فى أحيان كثيرة لذا وجب علينا الا نشحن عقله بالأفكار الجاهزة، وإنما ينبغى أن نشاركه تطلعاته حتى نستطيع تربيته وتقويمه على احسن وجه، من هنا تبدو ضرورة الإهتمام بالطفل عن طريق فن الدراما الذى يقدم تجارب إنسانية ويستوعب الحياة بكل ما فيها ويجيب على أسئلة الأطفال فيصحح ما لصق فى أذهانهم من أفكار خاطئة، لقد آن الآوان لوضع خطه جريئة لإعداد جيل من أطفالنا ينمو مشبعا بمفاهيم عصرية بعيدا عن الأساليب العشوائية فى تثقيفه وتنمية خيالة، إن ما يقدم للطفل العربى لايزال بزخر بالخرافات والمتناقضات. وما يقدم للطفل لا يصلح لبناء جيل واع مدرك لمسؤولياته وطموحاته(20) تحاول الكتابه المسرحية أن نؤسس الأنسان فى كل مكان وهى تبحر دوما بحثا عن لحظات الإشراق والضياء فكما يقول المرحوم محمد مسكين هى الكتابة المستقبلية المؤمنة بالتطور والتجاوز المستمر الذى يحاول الإسهام فى بناء إنسان جديد فالكتابة هى حالة للكشف ولا كشف بدون مغامرة"(21) إن مسرح الطفل بالفعل ليس لعبه ساذجة، بل هو مغامرة إبداعية تحيط بها كثير من الصعوبات.لأن الكاتب المسرحى يقدم لجمهور الأطفال الحركة والفعل اضافة الى الفرجة والاستمتاع وما المسرح الى حفل واحتفال كما يذهب الى ذلك المبدع عبد الكريم رشيد. إن الطفل يمثل الولادة والخصب والبكارة، انه يفرح ويلعب ويندهش ويحاور كذلك المسرح هو فعل داخل الزمن يسافر بحثا عن العشق والحرية ليعانق مرافىء اللحظة البكر، من هنا تبدو جدلية العلاقة بينهما. والواقع ان مسرح الطفل يعد من أعظم الإبتكارات فى القرن العشرين ولسوف تتضح قيمته واهميته التربوية، إنه استاذ للأخلاقيات والمثل العليا، بل هو خير معلم اهتدت اليه عبقرية الإنسان لأن دروسه لا تلقن عن طريق الكتب المدرسية والمدرسة بشكل ممل مرهق، بل بالحركة التى تشاهد، فتبعث الحماس وتخلقه وتصل الى افئدة الأطفال"(22) اذا كان الأمر كذلك فماذا نعنى بمسرح الطفل؟ ما هى ادوارة وانواعه واسسه الفنية وخصائصه التربوية؟ التجارب العربية فى مسرح الطفل: إن مسرح الطفل العربى – كظاهرة معاصرة ومتكاملة العناصر،(23) لم تتشكل بعد ولازالت ذلك الطريق المجهول الذى لم تطأ دروبه أقدام الفنانين والأدباء، والمصممين والمخرجين من أولئك المستعدين لتكريس مواهبهم ومعارفهم وفنونهم تكرساً كاملاً لهذا المسرح. كما أن عمر التجارب والمحاولات العربية فى مجال مسرح الطفل لا أظنها تتعدى الربع قرن الأخير. كما أنه لا توجد حركة أرشفة أو تاريخ موثقة دءوبة تسجل حركة هذا المسرح الفنى بالإضافة إلى أن البحوث والدراسات والكتابات وحتى اللقاءات والمقالات تتجاوز جميعها الالتفات إلى مسرح الطفل والانتباه إلى حركة تاريخه القصير هذا، وهذا ما يضعنا كمسرحيين ومعنيين بأدب وفن وثقافة الطفل أن نولى الاهتمام المطلوب وأن نكرس الوقت للعمل والبحث فى هذا المجال أستطيع أن أشخص التطور المطلوب وأن جل النتاج الفنى المسرحى الموجود حالياً على الساحة العربية يعانى من غياب التخصص الذى يؤدى بدوره إلى الاستقرار والديمومة. يفتقر مسرح الطفل العربى.. وهو مسرح متعثر ومتلكئ فى عموم ذوى الوطن العربى إلى النصوص المسرحية والمنتجة بمعرفة وعلمية، ذلك أن الخاصية والاختصاص قلة أيضاً ومن المعروف ان الحكومات العربية لم تدل بدلوها ولم تساعد على إنشاء هذا المسرح ليستقر على تلك الأسس الصحيحة التى تتيح له فرص التقدم والتكون والدوام والإنتشار، إضافة إلى أن تلك الفرق المسرحية العربية فى هذا القطر أو ذاك من التى مارست انتاج مسرحيات الأطفال لم تستطيع الاستمرار بسبب من العجز المادى ولم يتوفر لها ذلك الجو الفنى والعلمى والمادى لكى تتطور وتبقى على قيد الحياة والملاحظ أن جميع تجارب مسرح الطفل العربى، غير منظمة ومبتورة غير متواصلة، ومتلكئة وبالتالى الاضمحلال هو الصفة السائدة لها. ان الطفل العربى لم يستوف حقه من فن المسرح لأنه يندر أن تجد فرقة رسمية تمولها الدولة خاصة بمسرح الطفل، أن حال مسرح الطفل العربى وحال الطفل العربى نفسه حال تبعث على الأسى والأسف وهذا أما يقتضى انتباهاً حاسماً وعاجلاً من الجهات المعنية لتأسيس مسرح الطفل وأن أهمية تأسيس هذه المسارح فى بعض الأقطار العربية لا تجاز بالأهمية أهمية تأسيس الفرقة القومية للتمثيل. أما تلك التجارب الخاصة لبعض الفرق الخاصة ولبعض جهات الإنتاج الفنى والتى تقوم بإنتاج عروض مسرحية للأطفال فأنها تحفل بالكثير من السلبيات فمثلاً نرى أن العنصر البشرى العامل فى المسرح العام هو نفسه يدعى وكيفما اتفق للعمل فى إنتاج مسرحيات للأطفال ونحن نعلم مدى الفقر الثقافى والعرفى الذى يعم عموم العنصر البشرى هذا، الأمر الذى يؤدى إلى أن تحدث السلبيات والارتجال والتسرع فى الإنتاج وعدم الدقة فى التوجه وفى الاجتهاد ويخرج الإنتاج بشكله الروتينى حاملاً معه كل ترهل انتاج مسرحيات الكبار المبنى على أسلوب علاقات داخليه غير خلاقة ولا مبدعة تراكمت وترسخت فى مؤسسات الإنتاج المسرحى، أهلية كانت آم رسمية من هذه العلاقات السلبية ذلك التشتت الذي يلفت بدوامته المواره العاملين فى عدة أعمال فنية فى آن واحد بحيث ترى معظمهم يلهث راكضاً بين ستوديوهات الإذاعة والتليفزيون والسينما، الأمر الذي يفقدهم الكثير من حيويتهم وتجددهم ولا يتيح لهم وفرة من الوقت لتثقيف أنفسهم بالإضافة إلى أن طرق الإنتاج الاستهلاكية التى يعملون بواسطتها تحمل الكثير من التقاليد والعلاقات – الفنية – السلبية (عدم الدقة والتدقيق، التسرع فى إنتاج أكبر كمية من المنتوج الفنى باقصر وقت ممكن) حيث أن نفس علاقات وتقاليد الانتاج السلبية هذه تاتى مع نفس العنصر البشرى المدعو إلى انتاج مسرحيات الأطفال على خشبة المسرح وسواء أراد هذا الفنان أم لم يرد. هذه وغيرها من السلبيات جعلت من مسرح الطفل العربى حالة متعثرة مبعثرة فاقدة لأسس بنايتها المتينة حيث العطاء والحماس والقلق اليومى الخلاق ومن حملة السلبيات الأخرى السائدة فى الأوساط المنتجة لمسرحيات الأطفال– رسمية وأهلية– هو ذلك الرأى القائل: بأن مسرح الأطفال، مسرح بسيط لا يتطلب أن مسرحية ذات حكاية للأطفال وممثلين كيفما اتفق وحتى مخرجاً مبتدأ وهذا خطأ فادح لأن مسرح الطفل مسرح التكرس والتخصص لجملة ما تقدم من ظروف وسلبيات ويصطدم بأن الأغلبية الغالبة من مسرحيات الأطفال العربية. منتجه بتلكؤ وتعثر. تؤكد بمحصلتها النهائية: أن مسرحية الطفل الحالية متعه مجردة. وفن مجرد بلا تقنيات، ومسرح بائس هو أقرب إلى الجمود منه إلى الحركة والتدفق والحياة. كما أن فكر وعظاً لإنتاج السائد فى مسرح الكبار هو المهيمن على مسرح الأطفال وهذا النمط الفكرى – الإنتاجى- الاستهلاكى همه جلب المشاهدين دون النظر فى متطلبات البحث والتجريب والتخصص والاكتشاف وخلق استنباط وسائل تعبير جديدة مؤثرة طريقة، متعة ومعاهرة تجعل من مسرح الطفل مسرحاً مميزاً جديراً بوجوده وديمومته ومختلفاً عن مسرح الكبار المترهل المنكمش المتراجع المعانى، الاستهلاكى والمصر على تمضية الوقت بلا ذكاء ولا حماسة ولا تجدد.(24) مسرح الطفل والانترنت: مازال العرب ينظرون للأنترنت نظرة تجاهل رغم أن الانترنت فى وجهة نظرى هو العملاق الاعلامى القادم "ففى عام 1999 الذي نحن فيه وصل عدد الذين يستخدمون الانترنت 60 مليون انسان ويتوقع أن يصبح عددهم 142 (مائة اثنان واربعون) مليوناً عام الفين… على شبكة الانترنت الأن 7 ملايين موقع قدرت صحيفة "وول ستريت جورنال" انها ستصل إلى مليار موقع سنة 2000. مستخدمو الإنترنت هم من أكثر الشرائح حيوية فى المجتمعات ذلك ذلك أن 75% من هؤلاء تتراوح أعمارهم ما بين 16،44عاماً و45% من هؤلاء اكملوا دراستهم الجامعية و26% اكملوا دراستهم القانونية. من البيانات الدالة على تعاظم أهمية الانترنت أن دراسة اجريت حول الفترة التى استغرقتها وسائل واجهزة الاتصال المختلفة. لكى تنتشر بين 50 مليون نسخة (خمسين مليون نسخة) تبين أن الراديو امضى 38 سنة قبل أن يصل إلى هذا الكم من البشر.. والكمبيوتر احتاج 16 سنة والتليفزيون احتاج 13 سنة.. أما شبكة الانترنت فقط اصبحت فى متناول الملايين الخمسين خلال اربع سنوات فقط"(25) من هنا نحن أمام قضية خطيرة.. قضية هذا الوسيط الاعلامى العملاق الذي يسمى "الانترنت" ماذا فعلنا من اجل الوصول إلى مسرح الطفل عبر الانترنت أن مسارح الأطفال فى العالم وضعت نفسها على شبكة الانترنت وكتبت تاريخها – احلامها- مشاكلها.. الخ. واصبح هذا الوسيط الاعلامى ينقلك فى حوار مع مسارح الطفل الأخرى فى لحظات أو ساعات واصبح البريد الالكترونى هو سيد المواقف وعبقرى اللغة يجتاز المصادرة وعيون العسس وجو سيس الأفكار والأراء. ماذا فعلنا نحن من أجل التواصل مع فرق مسرح الطفل فى العالم.. لا شئ. والمطلوب منا أن ندخل عصر الانترنت بالطرق الأتية: أولاً: عمل صفحات عن مسارح الطفل فى الوطن العربى.. تضم هذه الصفحات.. تاريخ فرق مسرح الطفل ورواده.. (مؤلفون مخرجون – ممثلون – أدباء – شعراء – ملحنون مطربون) ثانياً: ترجمة هذه الصفحات إلى عدة لغات بحيث لا تقل عن خمس لغات حية. ثالثاً: فتح حوار مع المؤسسات الدولية والعالمية التى تهتم بالطفل عامة ومسرح الطفل خاصة. رابعاً عمل مؤثرات عن مسرح الطفل عبر الانترنت يشارك فيها الفنانون ويتناقشون..حتى يمكن الخروج من المشاكل وحتى لا تموت التجارب المبدعة على ايدى الموظفين والبيروقراطية العربية. خامساً: عمل مجلات مسرح الطفل عبر الانترنت ويشارك فيها كل المبدعين لمعرفة الأخبار والعروض.. وكل ما يتم فى أرجاء الوطن العربى. بعض المقترحات وسبل تنفيذها لتطوير واقع الإنتاج المسرحى الموجه للأطفال فى البلاد العربية: بما أن الواقع المحزن يدلنا على عدم وجود مسرح أطفال خاص ثابت وذى منهج علمى وفنى معلوم فى معظم الأقطار العربية.(26) ومن أجل الشروع بتأسيس هذا المسرح اليوم قبل الغد بات لزاماً أن تتوثق علاقة الفنانين الجادين –من فنانين محليين وعرب من أقطار أخرى – ومن الملتزمين بقضية تطوير الثقافة الوطنية والقومية، وبالذات من أولئك الذين لديهم الرغبة لتكريس عملهم وعطاءهم لمسرح الطفل أن يمتنوا علاقتهم بالدولة وبمرافقها الثقافية وأن تتوثق علاقة هذه المرافق لهم وبالتالى أن يتم تعينيهم ليعدوا الكوادر وملاكات متقدمة لمسرح الطفل وذلك بفتح ستوديو تدريبى –تثقيفى، يضم مختلف التخصصات النظرية والعملية– على أن يتحول هذا الاستوديو بعد فترة وبعد صوله إلى حالة قادرة على الانتاج إلى فرقة مسرحية خاصة بمسرح الطفل، يقودها ويعمل فيها فنانون معدون اعداداً جديداً فنياً وفكرياً وثقافياً يضمن لهذا المسرح الفنى عدم الوقوع فى أحضان التوجيهات التجارية والاعتباطية والارتجالية ولكى تخرج الأفكار والمقترحات منغطار النوايا والكلام الصرف لابد أن تتحول إلى واقع حى بأن يشرع فعلياً ببناء بناية المسرح وفتح الاستوديو والبدء بتأسيس الفرقة المسرحية التى ستتفرغ وتتكرس للعمل فى مسرح الطفل. أن الشروع الفعلى بتنفيذ الاستوديو والبناية والغرفة سيؤدى مع التخطيط الممنهج، إلى خلق مرافق وأقسام هذه المؤسسة المستقبلية، تلك المرافق والأقسام والمعنية بالجانب التقنى والتصميمى والتنفيذى لمتطلبات المسرح، على أن تدعمها باستمرار ميزانية مالية لا تشكو علة أو نقصاً كما ترجو لا ترجو مردوداً إلى جانب هذه البداية للشروع بالتأسيس والتطوير تكتسب قضية ارسال البعوث من الموهوبين من خريجى معاهد وكليات التمثيل والمسرح للدراسة فى الخارج، أهمية خاصة ومؤثرة فى جميع العناصر المكونة لمسرح الطفل وذلك من اجل تهيئة الكوادر والملاكات الفنية الكفء والمتخصصة والمطلعة على آخر إنجازات مسرح الطفل الفنية فى العالم. ومن اجل إدامة الاطلاع المستمر والتثقيف المتواصل وترسيخ وإدامة حركة مسرح الطفل صحية، معافاة، يكون للدورات الموسمية –محليا- والتى يدعى لها خبراء عرب وأجانب مميزون ومعروفون لأدارتها والقيام بها، مما سيتيح الفرصة لجميع العاملين فى مسرح الطفل وكذلك لمن يرغب العمل فى هذا المجال للإطلاع والتعلم والمعرفة المطلوبة. وتكتسب نفس الأهمية عقد الندوات الدراسية –فصلياً وسنوياً- والمعتمدة على المتخصصين فى حقل تربية وأدب وفنون الأطفال إلى جانب دعوة أولئك الفنانين العرب والأجانب المتخصصين بمسرح الطفل لإنتاج مسرحيات بعينة ذات معطيات مميزة فناً وتقنية وذلك لموسم واحد أو لعدة مواسم. كما أن دعوة الفرق العربية المتخصصة بمسرح الطفل –أن وجدت- مع دعوة الفرق الأجنبية المعروفة فى هذا المجال سيخلق عن طريق الاحتكاك المباشر بينها وبين الفنان المحلى دفعاً جديداً لأفاق العمل ويفتح آفاقه أبواباً للمعرفة لم يرها ولم يتركها ولنفس هذا الهدف تحطم الضرورة حضور وإقامة المهرجانات المسرحية الخاصة بمسرح الطفل المحلية أو العربية. وارسال الفنان المحلى إلى حضور تلك الندوات والدراسات العالمية التى تقيمها المؤسسات العالمية المعنية بمسرح الطفل وفتونة وذلك من أجل توثيق العلاقة بين حركة مسرح الطفل المحلية مع مثيلاتها فى العالم. وتلعب العلاقات المنسقة بين الوزارات المعنية دورها الجيد بالثقافة والتعليم من اجل أن تقوم المدرسة بدورها التعليمى فى نشر الوعى بالمسرح لدى الناشئة من التلامذة ومن جميع الفئات العمرية، بان تخصص مادة المسرح فى مناهجها التدريسية ولكى تهئ الناشئة ذهنياً ونفسياً لتقبل المسرح وتفهمه كضرورة من ضرورات الحضارة وتكوين الشخصية المعاصرة –روحياً وجمالياً- ولا يفوتنا هنا الاشارة إلى مسألة جعل رسوم الدخول إلى المسرح، سعراً رمزياً اى بأقل ما يمكن مما سيتيح الفرصة العادلة أمام جميع الأطفال ومن مختلف القطاعات والطبقات الاجتماعية لارتياد المسرح والتعود على حضور عروضه كمكان راحة وتثقيف وترفيه ولابد هنا من التأكد على دعوة جميع معاهد وكليات التمثيل والمسرح فى الوطن العربى إلى أن تولى مسرح الطفل أهمية كبرى خلال مناهج دروسها وبرامج تطبيقاتها، وبالتالى العمل الجاد على فتح أقسام – مسرح الطفل- فى هذه المعاهد والكليات أسوة بالأقسام الأخرى فيها، كى ترقد هذه الأقسام مستقبلاً حركة مسرح الطفل بالمخرجين والممثلين والكتاب والنقاد المتخصصين، وصولاً إلى فتح معهداً أو كلية مستقلة خاصة بتدريس ودراسة مسرح الطفل العربى، مما سيمده بمقومات ومكونات وجوده وديمومته واستمرار مستقبله مرفقاً حضارياً وثقافياً معاصراً.(27)
خاتمة: أن رأس أى وطن وعقله هو "الطفل لأنه كل المستقبل وإذا لم نحترم المستقبل ونعده اعداداً جيداً.. لإنقاذنا من الواقع المؤلم.
(1) مرجع: د. مصطفى رمضانى. (2) مسرح الطفل فى الكويت – ص3 للمؤلف 1986 – دار المطبوعات الجديدة - الإسكندرية. (3) بحث التجريب فى مسرح الطفل – جامعة وجدة. 1997 – المغرب قسم اللغة العربية. (4) خصائص مسرح الطفل ومكوناته – مقال مجلة المشكاة المغربية – د. مصطفى رمضانى 1994. (5) مفتاح طه ياسين – جريدة الشرق المغربية – من 24 يونيو 1993 إلى 10 يوليو 1993 العدد 13. السنة 1 الصفحة 13. (6) نفس المرجع السابق – ص13. (7) مرابط ميمون الكتابة المسرحية الموجهة للأطفال – مجلة تواصل المغربية – السنة(1) العدد (1) ص14. (8) وسائل الترفية والتسلية وأثرها التثقيفى والتربوى – الدكتورة فيولا الببلاوى – المجلس الوطنى للثقافة والفنون والأدب بالتعاون مع الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية ندوة ثقافة الطفل فى المجتمع العربى الحديث – الكويت – 7-10نوفمبر1983. (9) ماريلتوين "مقال لمحمد مسكين" البحث عن تأسيس كتابة مسرحية للأطفال أنوال الحتيس 19يناير1984 ص:12. (10) محمد دياب "ثقافة الطفل العربى" مجلة الناشر العربى ليبيا العدد 5 يوليو 1985 ص71. (11) محمد دياب "ثقافة الطفل العربى" مجلة الناشر العربى ليبيا العدد 5 يوليو1985 ص (87). (12) محمد بن البشير "الطفل والاعلام" المناهل – العدد32 دار الطبع فضالة / ص 30. (13) عبد الله زوزو "حكايات الجدة الخبير" مجلة الدراسات النفسية والتربوية – العدد8 سبتمبر1988 (الهلال العربية للطباعة والنشر / الرباط ص 39. (14) نجيب الكيلانى "ادب الأطفال فى ضوء الاسلام" مؤسسة الرسالة الشركة المتحدة للتوزيع–بيروت ص89. (15) المرجع السابق ص 92. (16) احمد نجيب " فن الكتابة للأطفال" مرجع سبق ذكره ص (67) (17) عيسى أمين صبرى "نحو أدب اسلامى للأطفال" مجلة امة قطر / ع39 السنة الرابعة ديسمبر1984. (18) عبد الله زيوار "حكايات الجدة الخبير والنمو النفسى للطفل" مرجع سبق ذكره ص 39. (19) "نجيب الكيلانى" أدب الأطفال فى ضوء الاسلا
20) "كافية رمضان" مسرح الطفل وتجربته فى الكويت – العربى – الكويت307 سنة 1984 ص:170. (21) مفهوم الكتابة المسرحية النقدية "مجلة التأسيس" مكناس/ العدد الأول: السنة الأولى يناير 1987 ص49. (22) قاسم محمد " مسرح الطفل" ندوة ثقافة الطفل فى المجتمع العربى الحديث – الكويت سنة1983 ص(2). (23) (بحث الاستاذ قاسم محمد فى مسرح الطفل فى ندوة ثقافية الطفل فى المجتمع العربى الحديث) (24) بحث الاستاذ قاسم محمد فى مسرح الطفل فى ندوة ثقافية الطفل فى المجتمع العربى الحديث. (25) جريدة الأهرام يوم 12/10/1999 صفة 11. (26) بحث الاستاذ قاسم محمد (مسرح الطفل) –فى ندوة الطفل فى المجتمع العربى الحديث – الكويت 1983. (27) المرجع السابق. *- السيد حافظ: كاتب مسرحي مصري، له الكثير من المؤلفات، منها 32 عملا للأطفال أغلبها مسرحيات.
إعداد: السيد حافظ، (واقع الإنتاج المسرحى الموجه للأطفال فى البلاد العربية: الإنتاج المسرحى والإنتظارات.. حيث يوجد طفل يوجد مسرح) خاص: نساء سورية