( يظهر "هواش" في الحياة بأشكال متعددة،أحيانا يظن نفسه أقرب للبشر، لكنه يبقى اقرب للضباع )
شارع لتخليد اسمه حل مستر هواش ضيفا على أهل تونس، طلب من مضيفيه ان يأخذوه بجولة إلى مراكز العمران المأهولة بأشخاص يشبهونه ، لكنهم ينتمون للبشر، كان به شوق أن يأكل من أكلهم ويرى مضاربهم وعرباتهم التي لا تجرها الدواب ، مستعيذا من الشيطان الرجيم ، ألا يكون بعض الجن والعفاريت وراء ظاهرة العربات التي لا تجرها الدواب ،فهل هي دواب لا تراها العين المجردة ؟؟ أو هو الجن الذي يجب طردة بالبسملة وذكر الله ؟؟ الحكاية التي أقلقت مستر محمد هواش ، الكاتب العظيم والمعلق الصنديد، صاحب القول الفصل والرأي السديد، هي أسماء الشوارع ، في شارع بمدينة تونس قرأ ، ويا لهول ما قرأ : " شارع ابن شرموطة " .. أستغفر الله ألف مرة عن لفظه لهذا التعبير حتى لو لم يردده إلا داخل دماغه ، قال لنفسه بتصميم وإصرار : ان المسالة يجب ان لا تترك للجهلة التونسيين . فجر اليوم التالي حط مضربه أمام مبني بلدية تونس منتظرا مختارها أو سيدها أو حاكمها ، لا يعرف كيف يسمونه في هذا البلد الغريب بأسماء شوارعه . ما قاربت الساعة من التاسعة حتى اقتربت قافلة مراكب لا تجرها البغال، لو كانت أم هزاع معه لما صدقت ما ترى عينيها... ترجل من العربات أشخاص تفوح منهم روائح الياسمين والليمون وزهر الأقحوان.. فاستعاذ بالله متشائما من هذه الرائحة التي تليق بالحريم .. لكنه تمالك نفسه نظرا للقضية الأخلاقية العظمى التي أخذها على عاتقة ، تقدم ممن توسم فيه أنه أعلاهم مرتبة بسبب كثرة من يحيطون به وينصتون لكلامه بخشوع وقد أصاب كما تبين بحدسه ، بادره بدون مقدمات مشتكيا من اسم الشارع المستهجن والذي يسمى ، أستغفر الله ... "شارع ابن شرموطة " المثير للاستهجان والحياء . ضحك محدثه حتى كاد يستلقي على الأرض وضحك الرجال الذين حوله حتى دمعت أعينهم، سأله كبيرهم عن حاله وبلده وأم عياله ثم سأله عن اسمه ، فرد بفخر وصوت مرتفع: محسوبك محمد أبو هزاع هواش ، كاتب وباحث ومعلق ضد نبيل عودة بالتخصيص، لا يشق له غبار في الحوار " " أهلا وسهلا بك ببلدك تونس " رحب فيه كبيرهم وأضاف : " نحن في تونس لا نزعل ضيوفنا .. سنكون عند حسن ظنك، سنغير على شرفك اسم الشارع، لكن يجب بحث الموضوع في مجلسنا واتخاذ القرار". مضت ألأيام... ومحمد هواش يعتريه القلق ولا يعرف الاطمئنان قبل معرفة ما جرى لأسم ذلك الشارع ، هل حقا استجاب كبير التونسيين ، الذي تحدث إليه .. لطلبه الأخلاقي؟ لتطمأن نفسه القلقة ، سافر بعد عدة أشهر خصيصا إلى تونس. وصل تونس ، رفض ان يلتزم ببرنامج الزيارة مع مضيفيه الكرام ، طلب نقله للمنطقة حيث الشارع ذو الاسم المستهجن ، لفحص ما آل إليه مطلبه الأخلاقي . ارتج قلبه في صدره وهو يقترب من الشارع إياه ، وصل الشارع ، لكنه أصيب بصدمة لم يتوقعها أبدا ، ليس لأن اسم الشارع لم يتغير اسمه ، بل غيروا أسم الشارع ، ولكنهم أغبياء مطبقون ، سجلوا الاسمين، الجديد والقديم : " شارع محمد أبو هزاع هواش ( ابن شرموطة سابقا ) "!!
عاش الملك الإست
في عصر أحد الأيام، وعلى غير العادة... حدثت حركة حول محمد هواش، في ساعات كان من المفروض ان يقضيها نائما . "استيقظ غاضبا رغم ان أهل البيت أعدوا لاستيقاظه استقبالا يليق بمكانته. أجال هواش ببصره في وجوه أهل البيت وسألهم بدون مقدمات : - هل تعرفون من هو الملك الحقيقي في البيت ؟ - أنت هو الملك.. أنت سيدنا!! كان الرد جماعيا وبصوت واحد. لكنه لم يهتز ولم يتأثر . فهو يعرف مكانته .قال لهم مستاء: - السؤال ليس شخصيا يا أغبياء - إذن ما القصد يا سيدنا؟ - قصدي من هو الملك في أجسادنا ؟ - الملك هو أنت.. لديك ما يكثر عددنا!! ضحك بسعادة مما خفف وطأة التوتر وعلت الابتسامات الفرحة على وجوه أبناء البيت وأضاف: - يا نسواني اللواتي لا تنفعن إلا للركوب والتنظيف وإعداد الطعام، في جسم كل منا، ذكور وإناث لا فرق، ملك لا يمكن معارضته. - هل يوجد ملك غيرك يا سيدنا؟ - انتن قليلات عقل وقليلات دين.. ليس هذا هو السؤال. قالت الزوجة الكبرى: - كيف يجوز ذلك .. لم نسمع ان بين النساء ملوكا ؟ - سأشرح الموضوع ... لكل مخلوق ذكر أو أنثى.. رأس فيه عقل .. وفيه عينان وفيه فم وأنف وكلها حيوية لكل واحد منا.. ولكل منا قلب ينبض، ورئات تضخ الهواء ومعدة تهضم واست تفرغ...فمن هو الملك من بين الأعضاء التي ذكرتها؟ وتعالت الإجابات بحماس : - الرأس هو الملك - العقل.. - القلب.. - لا العينان.. - بل الرئتين .. أجاب الهواش بغضب: - كفى.. الإست هي الملك !! - انه أقذر عضو فينا يا سيدنا ؟ - وهي الملك !! - كيف يمكن أن نقبل بذلك.. نرفض ان نعترف بالإست القذرة ملكا. - لنفرض انه الآن وقت الطعام .. أجسامكم تحتاج للطعام. قلبكم لا دخل له .. ينبض بالحياة .. ورغم قيمته العليا في الجسم ، إلا انه ليس الملك ، المعدة تتلقى ما تلتهمون .. وتهضمه .. تأخذ ما يفيد أجسامكم .. وماذا بعد ؟! - الإست تخرج الفضلات !! - لنفرض أن الإست أضربت ولن تخرج الفضلات ؟ - لا يمكن .. سننفجر !! - إذن الإست لن تخرج الفضلات حتى تحصل على اعترافكم أنها الملك! ساد الصمت. - لماذا سيطر الصمت ؟ - الإست القذرة ؟!.. هذا أمر غير معقول. - هل باستطاعتكن الصوم لكل الحياة .. لا يمكن .. ستأكلون، لكن الإست أغلقت بابها بالمفتاح ولن تخرج حتى حبة رمل.. إلا بعد ان تعترفوا أنها الملك ... ما العمل ؟ أجابوا بأصوات مهمومة ومتألمة: - سنعترف صاغرين انها الملك رغم قذارتها..!! - وأنا إست هذا البيت .. هل تفهمون معنى كلامي؟ وانطلقت الدبكة بمشاركة النساء والأولاد: - عاش الإست .. عاش الملك هواش!!
حملوه عنزة...
تنبهت الجامعة العربية إلى بلاغة السيد محمد أبو هزاع هواش فأرسلت خبراء الفكر واللغة للتأكد من صحة ما لفت انتباهها. كان المحروس ضليعا في تحديه للدكتور أفنان القاسم وللكاتب نبيل عودة الذي يسرق قصصه كما تفضل السيد هواش بتهمته الهواشية، خاصة بعد ان أطلقت بلدية تونس اسم محمد أبو هزاع هواش على شارع فيها كان اسمه سابقا غير لائق للفظ، لكن نبيل عودة عرف القصة من وكالات الأنباء وكتب تقريرا عن الموضوع تحت عنوان "شارع محمد أبو هزاع هواش" نشر بالانترنت لمن يحب ان يتعرف على الشارع وصاحبه.. عاد خبراء الجامعة العربية ليقدموا تقاريرهم عن بلاغة المحروس المذكور أعلاه، بناء على ذلك اقترح مندوب الكويت ان يمنح المحروس هواش أحسن جائزة عربية يمكن ان تخطر على البال، بأن يزوج مرة أخرى، قُبل الاقتراح بالكامل ما عدا ملاحظة من مندوب مصر يقول فيها ان محمد هواش حملوه عنزة فضرط، فكيف ستحملوه عنزة أخرى؟ لكن مصر لم تسجل إعنراضها على تنفيذ القرار بعد ان أوضح رئيس الجامعة ان العنزة الثانية ستكون صبية لتعيد إليه شبابه ألسريري وشبابه في نقد أفنان القاسم ونبيل عودة، وبناء عليه خولت لجنة معينة ان تبحث عن صبية انتحارية تقبل ان تكون مجاهدة في سبيل الجامعة العربية وهواش. وجدت الضالة وكانت من ملكات شوارع بيروت وعواصم عربية أخرى، وسبب قبولها هذه التضحية، ان المبلغ المخصص يفي بكل احتياجاتها لمستقبل آمن بعد التقاعد من الشوارع، والتخلي عن تاج الملكة.. ومن يعرف ربما يأخذ الله هواش إليه باكرا، لأنه من أذكياء العرب، ليجلسه بجانبه بصفته مستشارا يعرف كيف يُقيم أفنان القاسم ونبيل عودة ومن سار على دربهما الجهنمية، وبذلك تتحرر الزوجة الجديدة من التزامها بواحد هواش وقد تعود إلى مهنتها القديمة. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. عقد زواج الهواش وملكة الشارع العربي في مقر الجامعة في بيروت. تأمل هواش عروسه الجديدة شاعرا بأهميته محضرا في دماغه هجومه الجديد على القاسم وعودة. في ليلة الدخلة تقلب الهواش وقفز فوق عروسه حتى أرهقته الحركات فنام مثل القتيل . تكررت خيبته وخيبة عروسه الصبية الملكة لدرج أقلقت الهواش وقرر العودة إلى خبير في الجامعة العربية لعله ينقذه مع ملكته – ملكة الشوارع سابقا. قال له الخبير لكل مشكلة حل، وحل مشكلتك بسيط، عليك باستئجار شاب قوي العضلات، وان يحمل فوطة، يلوح بها فوقكما حين تعاشر عنزتك الجديدة، حتى لا يعلو ضراتك .. وتبهدل الجامعة العربية كأنها لم تحسن التدبير. وهذا ما كان. استأجر شابا قوي العضلات .لوح الشاب فوقهما بالفوطة طول الليل، لك، لكن العنزة لم تشعر إنها مع رجل يمارس معها الحب. عاد خائبا لخبير الجامعة العربية الذي قال له بعد ان سمع شكواه، ان لكل مشكلة حل عربي أصيل، لا علاقة له بالتنوير الذي لم تفهمه وفضحت "تياستك" العربية الأصيلة. - ما هو الحل سيدي؟ - الحل يا هواش بسيط، هذه الليلة الشاب ينام مع ملكة الشارع خاصتك، وأنت تقف تلوح بالفوطة فوق رأسيهما ولنر ما يحدث.. حتى نعرف ما المشكلة. وهذا ما حدث في تلك الليلة ألمرعبه ، نام الشاب قوي العضلات في السرير بدل الذي حملوه عنزة فضرط فحملوه الثانية..ووقف الهواش يلوح بالفوطة فوقهما، مسيطرا على أعصابه ، كابتا حنقه من حلول الجامعة العربية، وما عذبه أكثر ان الصبية تلوت وتأوهت وكانت بآخر انبساط. طلع الفجر وهواش يلوح بالفوطة غير مصدق ما تراه عينيه.. كان غاضبا يكاد ينفجر من غضبه. قام الشاب مبتسما شاكرا أبو هواش على الليلة الرائعة التي منحه إياها مع عنزته، فصرخ به الهواش: - أنت ابن عرص، لم تلوح بالفوطة بالشكل الصحيح كما أنا لوحت بها !!
صحتين
اختلف جاران على كومة قذارة فعلها مجهول على الحدود المنزلية بينهما. تبادلا الشتائم والاتهامات، متهمين واحد الآخر انه الفاعل لهذا الشيء، بل قال احدهما انه متأكد بأنه إذا أجرى تحليلا مخبريا لهذا الشيء كريه الرائحة سيتبين ان نوع الأكل الذي نتج منه هذا الشيء هو ما يأكله جاره عادة. هدد الآخر بأن يغرق جاره بكل أوساخ بيته ولسانه إذا استمر باتهاماته الباطلة عن مسئوليته عن تلك الكومة ذات الرائحة الكريهة. تدخل أهل الخير مشكلين لجنة صلح وقرروا ان ينتدبوا ذواق المأكولات الشهير محمد أبو هزاع هواش لفض المشكلة بين الجارين. حضر هواش وسال عن المشكلة. حدثاه، قال ان حلها بسيط وسيفحص لمن هذه الكومة سيئة الرائحة. أخذوه حيث فعلها مجهول. التف حول الكومة، تأملها من جميع الزوايا، ركع أمامها، شمها من كل الجهات، ثم تناول قليلا بطرف أصبعه من الجهة اليمنى وتذوق طعم الكومة ذات الرائحة الكريهة والتفكير باد على وجهه، ثم تناول قليلا من الجهة اليسر بطرف أصبعه أيضا متذوقا ما تناول.. وقف هازا رأسه وقال : أنا متأكد ان هذا الشيء من فعل نبيل عودة. سألوه : كيف عرفت؟ قال: لأني آكل منه يوميا منذ وقت طويل!!
أمباتيا هواشية في عيادة طبيبة
"الأمباتيا" (القرابة الجسدية) ما هي؟ هل هي حالة نفسية؟ أم هي حالة نادرة من الاشمئزاز تصيب كل من يقرأ أو يرى اسم محمد أبو هزاع هواش؟ هل تعني الامباتيا ان نستبدل القرابة الجسدية بمبدأ يعتمد الإست الهواشية مشروعا حياتيا؟ كيف نفهم ما يجري بعالم هواش من قرابة جسدية أو لنختصرها ونوضحها بكونها ميولا إستيه؟ البعض يقول ان الامباتيا هي الشعور بالعمق.. وقدرة التسرب لمشاعر الآخرين، واختراق تجاربهم ومعارفهم وأفكارهم وأحاسيسهم لدرجة الإحساس بما يطابق إحساسهم. لكن هواش فقد الأحاسيس وفقد النطق وصار ناهقا يصر ان يضع نفسه في حذاء الآخر .. أو حتى في كلسونه!! حدثت المفاجأة التي فسرت عقدة هواش.. اشتكت امرأة عن عذابها لطبيبة: - إنا متزوجة واحد هوش منذ عدة عقود .. لم أعد أشعر برغبة في الاقتراب منه.. رغم إلحاحه الدائم... اتهمني اني باردة جنسيا .. ومن كثرة إلحاحه جئت للعلاج عندك. - ما مشكلتك بالضبط ؟ - ربما برودة جنسية .. لا أشعر بجاذبية نحو الهواش ولا برغبة في معاشرته - حسنا، احضريه معك في المرة القادمة وسأجري الفحوص المناسبة وبعدها نرى ما العمل وواصلت السيدة الحديث: - بعد أسبوع عدت مع هواش إلى عيادة الطبيبة. قالت له الطبيبة انه من أجل علاج مشاكله الجنسية.. عليها ان تفحصه أولا وأضافت: - رجاء اقلع هدومك أيها الهواش .. لا حاجة للارتباك.. أنا طبيبة ورأيت آلاف مما تظنه مميز رجولتك.. .. تأكد يا سيدي عندما كنت صغيرة استغربت اني لا أملك ما يملكه أخي ويفخر به . هل تعرف ماذا قالت لي والدتي ؟ قالت أني بما املكه استطيع عندما أكبر ان املك آلاف مثل الذي عند أخي .. لذا لا ترتبك، أنت لست المالك الوحيد لهذا الشيء الذي تفخرون به يا معشر الرجال.. ويبدو جليا انك مغرور أكثر مما أنت فعال. وواصلت المرأة حكايتها: - وبدون خيار، قلع هواش ملابسه .. وبان عاريا كما ولدته أمه.. خجلت عنه .. ولكننا في عيادة للعلاج قالت له الطبيبة: - الآن در حول نفسك دورة كاملة.. مرة أخرى.. سر خطوة للأمام .. ارجع خطوتين إلى الخلف..تخيل نفسك رئيس جمهورية عربية.. انفخ أوداجك مثل الديك الرومي.. لا تضرط هنا أمامي، هل تريد ان تقول لي انك مصاب بعقدة الإست؟ رجاء .. كفى.. إحفظ رائحتك للخم الذي يأويك.. رائحتك مثل الديوك.. الآن استلق على السرير من فضلك .. لا تخبئ عورتك .. عورة وجهك أكثر بشاعة.. لا تخجل بالجلدة الرخوة بين ساقيك.. لست ساحرا للنساء لتخاف علينا من رجولتك ..استلق .. حسنا .. يداك على الجنبين .. الآن أرى.. قم يا هواش وارتد ملابسك وانتظر في الخارج... قامت الطبيبة تسجل ملاحظات في دفترها. خرج هواش وبقيت لوحدي مع الطبيبة. قالت: - يا سيدتي ليكن الله في عونك .. انا أيضا تملكني القرف من هواشك.. لا شيء بشري فيه.. ربما أخطأ الله بتصنيفه!!
ديك اسمه هواش
مع تسلل أولى خيوط الفجر.. انطلق صياح هواش ، كعادته منذ صار شاعر القوم ، معلنا بدء يوم جديد .
كان للهواش ، مثل كل مثقف كبير ، فلسفته الحياتية الخاصة، وهي تتشكل من منظومة من التصورات والأفكار الأدبية والدينية، يحاول بها ان يخضع جماهيره البياضة إلى نشوة الفجر الجديد ليبدأ الجميع نهارهم بنشاط وهمة .
كان الهواش ، بمفهوم ما فيلسوفا ... ولو استطاع صاحب الخم ان يحول صياحه إلى كلمات ، لتسجل في كتاب جينيس كأول فيلسوف بين الأصناف غير البشرية، ولنقلت "الجزيرة" أحاديثه وقصائده وحكايات عن تجاربه الفكرية ، وخاصة جملته الشهيرة حين وصفها بأنها ملكة شارع خسيسة، بعد ان أعلن مقاطعة ساحة الجيران حيت تعيش الأوزة الشرسة التي رفضت مغازلته لها.
كان الديك يغضب عندما يحضر تجار من السوق يتمايزون دجاجاته ويتمايزونه.
- بكم تبيعني هذا الديك ؟
- انه ليس للبيع.
- أتمنى ان أراه محشوا فوق مائدتي...
وحاول ان يقتنصه ، فانتفض إلى سقف الخم وتوجه مثل الصاروخ نحو قمة رأس هذا الشره مشغلا منقاره الحاد في جلدة رأس التاجر الشره ، الذي سرعان ما صرخ وخرج راكضا من خمه .. ناسيا وجبته الفاخرة بديك محشو على مائدته ، وسره ان صاحب الخم ضحك سعادة ، وخرج سريعا وراء التاجر ليعالج له جلدة رأسه المنقورة ، وهو يقول ضاحكا :
- هل ما زلت تصر على تناوله محشوا على مائدتك ؟
- سأشتريه عندما تقرر بيعه حتى لو كان لحمه غير صالح لأكل البشر ... سأقطعه وأطعم لحمه للكلاب ..
وانطلقت الضحكات وكأنهم يتحدثون عن ديك لا قيمة لرأيه. في زاوية بعيدة جلست بضع دجاجات ينظرن إليه مبتسمات ، وكأن مصير ديكهن الهواش لا يهمهن .. أو اكتشفن انه في طريقه مثلهن، للموائد والالتهام.
ازداد غضبه :
- ما الذي يثير ضحككن يا عاهرات ؟
قالت الأولى:
- لأول مرة اكتشفنا ان خطر الموت من نصيبك أيضا ، فلا تتعالى علينا بعد اليوم .
قالت الثانية :
- أنت أيضا صالح للحشو والطبيخ مثلنا تماما ، بل يفضلونك عنا .
قالت الثالثة :
- الخوف من الموت لم يعد من نصيبنا فقط.. فلا تتباهى علينا يا ابن العرص .. كفانا شعارات وتباه .
قالت الرابعة :
- كنا نظن الديك ملكا، فإذا هو مجرد ظاهرة صوتية بين الدجاجات.
احتقن وجهه غضبا ، وتوقع ان تكون وسائل إعلام معادية قد حرضت دجاجاته ، وليس مجرد تاجر عبر عن شراهته بالتهامه محشيا.
- هل تعلمن يا فاجرات انه يوجد ما هو أسوأ من الموت؟
- أسوأ من الموت، ما هو يا ديكنا المتباهي ؟
- هل قضيتن مرة أسبوعا كاملا دون أن ألاطفكن وتتمسحن بجناحاتي و... ؟
نظرت الدجاجات بعيني بعضهن البعض، وظهرت ابتسامة خبيثة على وجوههن، وقلن بصوت واحد:
- سنرى .. من ينهزم أولا .
وتمايلن وتقصعن وهززن أردافهم بشكل أثار شهوته، وانضممن لسائر الدجاجات وهن يتساءلن:
- هل يصمد هذا المدعي الهواش أمام سحرنا ؟
nabiloudeh@gmail.com