يعد الزواج كغاية استمرارا للحياة في الاخلاف، ويعبر عنه بالنكاح، أي الوطء الحلال، لأنه وسيلة الزواج، وبه تتحقق غايته، وفي الجاهلية كان الزواج هو الأصل، إذ كان يسمى عندهم البعولة، وينشا بالخطبة والمهر والعقد، وهو ما أقره الإسلام ودعاه "الزواج الشرعي"، وبه يحل النكاح وتتحقق غاية الزواج، غير أنواع أخر من النكاح كانت في الجاهلية تطلب للاستبضاع أو الاستمتاع، وقد أبطلها الإسلام ونهى عنها. ففي (الاستبضاع) كان الرجل في الجاهلية إذا أراد أن يكون له ولد نجيب أو شجاع طلب من زوجته أن تذهب إلى من اشتهر بهذا الصفات لتستبضع منه، فإذا باضعها وعلقت منه؛ اعتزلها زوجها حتى يبين حملها من ذلك الرجل، فإذا ولدت منه نسب الولد إلى زوجها. أما (المضامدة) فكانت تطلق في الجاهلية على معاشرة المرأة لغير زوجها، وكانت تلجأ إليها نساء الجماعات الفقيرة زمن القحط، ويضطرها الجوع إلى دفع نسائها في المواسم التي تعقد فيها لمضامدة رجل غني، تحبس نفسها عليه حتى إذا غنيت بالمال والطعام عادت إلى زوجها. وكانت (المخادنة) تطلق في تلك الحقبة على معاشرة رهط من الرجال لامرأة واحدة، فإذا حملت ووضعت أرسلت إليهم فلا يستطيع أحد منهم إن يمتنع، فان اجتمعوا لديها قالت لهم، لقد عرفتم الذي كان من أمري وقد ولدت فهو ابنك يا فلان... وبالإضافة إلى الأنواع السابقة، كان هناك نكاح البغاء، ومنه البغاء الديني أو المقدس، ونكاح الشغار، ونكاح البدل أو تبادل الزوجات، والمسبيات أو المخطوفات، والزنا. فيما سبق كانت المرأة هي السند "اللاشرعي" للرجل في الوصول إلى مراده من لقمة طيبة، وولد حسن "خلقاً جسداً"، ووسيلة يطفئ بها شهوته. ومعاناة المرأة تلك لم تنحصر في رقعة محددة بل شملت كافة مكامن البسيطة. لتأتي الأديان ومن ثم العقول النيرة رافضة ما أباحه السلف من مسلك همجي وعرف ذكوري. وعند الحديث عن الزواج لن اجتاز "البحار" رغبة في تسليط الضوء على زواج ما بعد تلك الفترة المظلمة، والتي تزايدت فيها أنواعه وعدلت؛ لدرجة باتت فيها الفتاوى لا تركن إلا وبحوزتها نوعا جديدا، حتى وصلت إلى كل ما نشهده اليوم. معارضة بدورها (الفتاوى) أنواعا جديدة من الزواج استحدثها أفراد وجماعات ومؤسسات. الزواج لغة يعني الاقتران والازدواج فيقال زوج بالشيء، وزوجه إليه: قرنه به، وتزاوج القوم وازدوجوا: تزوج بعضهم بعضاً، والمزاوجة والاقتران بمعنى واحد. وفى القرآن الكريم جاء قوله تعالى: "وزَوَّجناهم بِحُورٍ عِينٍ" أي: قرناهم وكل شيئين اقترن أحدهما بالآخر فهما زوجان، هذا هو معنى الزواج في الله، ويعرف الفقهاء الزواج على انه: يترادف مع النكاح وهو عبارة عن عقد يتضمن إباحة الاستمتاع بالمرأة بالوطء والمباشرة والتقبيل والضم وما إلى ذلك إذا كانت المرأة محلاً للعقد عليها بأن لم تكن من محارمه، أو هو عقد انضمام وازدواج بين الرجل والمرأة. وفي كتابه (الزواج عند العرب) يعرف عبد السلام الترمانيني الزواج بانه: رابطة تقوم بين رجل وامراة، ينظمها القانون أو العرف، ويحل بموجبها للرجل (الزوج) ان يطأ المراة ليستولدها، وينشا عن هذه الرابطة أسرة، تترتب فيها حقوق وواجبات تتعلق بالزوجين. وتنص المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله، ولا يبرم عقد الزواج إلا برضى الطرفين الراغبين في الزواج رضاً كاملاً لا إكراه فيه، والأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة. الزواج الشرعي "الحلال ": وهو الزواج الذي يتم باجتماع الشروط لصحة العقد وهذه الشروط هي: أولا: الإيجاب والقبول بين الخطيبين للرجل كما هو للمرأة على حد سواء ما داما مسلمين بالغين أو هو مسلم وهي(كتابيه(. ثانيا: تحديد مهر بينهما وليس شرط الشارع الحكيم بالمهر قضيه إلزام بالكم فالمعيار انه يكرمها بما يستطيع ولا يصح العقد دون مهر. ثالثا: للزوجة حق في اختيار الزوج الذي تريد ولكن لولي الأمر ان ينصح الفتاة لا من باب القهر والإجبار وإنما من باب الخبرة. رابعا: الشهود - شاهدان اثنان وهو من باب التأكيد على انعقاد مجلس الزواج والشهادة على الايجاب والقبول وحضور ولي الأمر وعلى المهر. خامسا: الإشهار - وهو تعميم هذا الزواج عند الأقارب والجيران. الزواج المحلل: إذا وقعت ثلاث طلقات بانت الزوجة على زوجها فلا تحل له لا بعقد ولا مهر جديدين إلا بعد ان تتزوج زواجا شرعيا حقيقيا من رجل آخر ثم يحصل بينهما خلاف فطلاق سواء بعد يوم أو شهر فيفترقا, بعد ذلك يحل لها الرجوع إلى الزوج الأول بعقد ومهر جديدين. المحلل هو الرجل الذي يعقد على المرأة التي بانت من زوجها بينونه كبرى ثم بعد عقده عليها باتفاق معها أو مع الزوج الاول أو معهما، إذ يقوم بتطليقها بلا دخول حتى ترجع لزوجها الاول. ويعد هذا النوع من الزواج نادر الحدوث، إذ قلما نجد عودة الزوجين لبعضهما، على اعتبار ان الطلاق في المجتمعات الإسلامية لا يكون الا بعد ان يصل الزوجين لحالة لا يمكن معها ان يعيشوا تحت سقف واحد. زواج المسيار: يعرف لدى القائلين به بأنه زواج شرعي تم فيه الإيجاب والقبول وتم بتوافق بين الزوجين، ووثق في المحكمة الشرعية بين يدي القاضي، وسمي بذلك لان الرجل قد يكون على سفر دائم فلا يأتي زوجته إلا كل شهر أو أسبوع مرة فتقبل. ويؤكد علي جمعة، مفتي مصر أن "زواج المسيار" الذي يستوفي الأركان والشروط الشرعية مباح شرعاً، ويقول: "لقد أعدت دار الإفتاء بحثاً شرعياً متخصصاً قائماً على منهج علمي دقيق وفق ضوابط مستقرة وأسس منهجية أوضحت فيه أن زواج المسيار مباح شرعاً ولا شيء فيه، بشرط توافر أركانه وشروطه التي لا تتجاوز في نتائجها ما أقره مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، والتي أجاز فيها هذا النوع من الزواج وعرفه بأنه الذي يستوفي الأركان الشرعية، وتمت كتابته في وثيقة رسمية بواسطة شخص مختص". ويضيف بان: "هذا النوع من الزواج بصورته وشروطه الشرعية ليس فيه أي امتهان للمرأة أو الرجل أو خرق لحقوق الإنسان، بل يظهر من خلاله مدى سعة الشرع الشريف وقدرته على تلبية احتياجات النفس البشرية بحسب تنوع واختلاف الاحوال والأشخاص والأمكنة والأزمنة، وذلك من خلال حلول شرعية تمنع الوقوع في حرج نفسي أو محرم شرعي أو مساءلة اجتماعية، وبما يوضح مرونة الفقه الإسلامي وقدرته على مواجهة التغيرات الاجتماعية ووضع الحلول المناسبة لها". وتقول سهير عبدالعزيز، عميدة كلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر بضرورة التركيز على الظروف القاسية التي يمر بها الشباب اليوم والتي تجعلهم ينحرفون في علاقاتهم ويتزوجون عرفياً وسرياً وما يترتب عليه من آثار اجتماعية ونفسية شديدة القسوة. هنا يمكن استخلاص غاية هذا النوع من الزواج على انه يقي المؤمن شر الدخول في المفاسد الأخلاقية، والسلوك المنحرف، إضافة إلى الحفاظ على الضبط الاجتماعي، وفي اعتبار ان للرجل الحق في الجمع بين أربع نساء (وفق الشريعة) تبقى المرأة هي الطرف الخاسر وفق هذه المعادلة، فالزوج يستطيع ان يختار له من الدول التي يداوم على السفر ما شاء من النساء، غير ان المرأة لا تستطيع ان تتزوج إلا واحداً، وان كانت كثيرة السفر(المرأة في دولنا لا تستطيع السفر الا بموافقة ولي أمرها في عدد من الدول)..كما ان المرأة التي يجمعها الرجل المسافر إلى جانب الأخريات من زوجاته لا تتمتع بحقوقها كزوجة، إلا لحظة اجتماعها وزوجها المسافر " قد يكون يوما في الشهر أو حتى يوما كل 6 اشهر". زواج الإيثار: عندما أصدر مجمع الفقه السوداني مؤخراً فتوى تبيح ما أصطلح علي تسميته (زواج الإيثار)، أثير الكثير من الجدل في أوساط عديدة، واستندت فتوى المجمع بتحليل هذا النوع من الزواج على مبررات وأسباب اعتبرتها شرعية وواقعية. ويعد زواج الإيثار نسخة معدلة عن زواج المسيار، ويرى الفقهاء، الذين أيدوا هذا النوع بانه يخفف من ظاهرة العنوسة التي انتشرت في السودان، وفي هذا الزواج تتنازل الزوجة عن جزء كبير من حقوقها الشرعية، لتحقيق شرط الإيثار بحيث تتخلص من أنانيتها وحصارها الزوج بما لها من حقوق تتنازل عنها طواعية. ولا يشترط في هذا الزواج أن تنتقل الزوجة إلى بيت الزوجية ولا يشترط أن تحصل منه على النفقة، ولا يلتزم معها بالتزاماته المفروضة عليه من قبل الزوجة الأولى. ويشهد هذا النوع من الزواج معارضة كبيرة من جهات متعددة وحتى من جهات دينية لما يكتنفه من ملابسات، ويرد الفقهاء المناصرون للفكرة بما يلي: 1- يؤكدون ان الزواج صحيح لتوافر شروط الصحة والنفاذ شرعا واعتمد بإجماع العديد من الفقهاء. 2- ضرورة اتجاه علماء وفقهاء السودان للترغيب في الزواج المعروف شرعا ومحاربة الفساد والتعاون في حل قضايا المجتمع، منعا لانتشار العادات غير الحميدة وسط المجتمع، وترك العادات والتقاليد المفيدة. 3- ان النكاح في زواج الإيثار صحيح ولكن تنعدم فيه الواجبات. 4- ان زواج الإيثار تتوافر فيه الشروط الشرعية وشروط الولاية والإشهار والمهر ويعتبر صحيحا بعد توفراها، وبعض الشروط المشترطة من احد الزوجين للتنازل عن حقوقه على الآخر، كما يحق للمرأة العاقل والبالغ التنازل عن بعض حقوقها كالمبيت والنفقة.. وبدأت حملة شملت عدد من رجال الدين أنفسهم على هذه الفتوى لمناهضة هذه الأفكار التي تقود المجتمع للعودة إلى عصر "الحريم" المرتهنة لزيارة الرجل وقت ما تستنفر لديه غريزة مع ما يملك من خيارات، ويقول المفتي السوداني: ولأننا نؤمن بالرأي والرأي الآخر مهما كان هذا الآخر يريد أن يستغلنا لقضاء حاجاته البدنية واعدا إيانا برضا الله بعد أن بارك رغبات رجالنا ببركة الشرعية فإننا لا بد أن نكون موضوعيين ونعرض وجهة النظر الشرعية التي استند عليها المفتي.. حيث أوضح عبد الرحمن حسن، مفتي مسجد الخرطوم الكبير وعضو هيئة علماء السودان، إن الإيثار زواج مقترن بشرط وعناصر العقد فيه مكتملة، ويختلف عن زواج المتعة الذي يختلط على الناس، مضيفا ان بعض العلماء من الأحناف اعتبروا الزواج صحيحا والشرط باطلا، فيما قال الحنبلي ان الزواج يمضى ان كان الشرط في صالح الزوجة، مؤكدا ان عددا من الفتاوي السنية تبيح الإيثار وتعتبره صحيحا، وان فتوى هيئة علماء السودان صحيحة واعتمدت على فتاوى جماهير الفقهاء.فزواج الإيثار تكافل بين المرأة والرجل وفيه قضاء على ظاهرة العنوسة ولا يجب النظر إليه من الجانب السلبي، مشيرا إلى ان بعض النساء يعملن ولا يصرفن على بيوتهن أو يساعدن الرجال مما يصبح تعطيلا لسير المجتمع اقتصاديا ما يبيح للرجل إسقاط النفقة عنها. زواج المتعة (المؤقت): زواج المتعة عند القائلين به زواج محدد المدة في عقد شفوي بين الطرفين؛ ينص على المهر أياً كان والمدة طالت أم قصرت، ويشهد عليه اثنان، ولا يلتزم فيه الزوج بمسؤولياته المالية التي يلتزم بها تجاه الزوجة في الزواج الدائم من إنفاق وتأسيس للبيت وما إليه. ونص العقد هو أن تقول الفتاة "زوجتك نفسي على المهر المعلوم إلى الأجل المعلوم"، ويقول الرجل "وأنا قبلت". ويمكن تجديد هذا العقد أو تمديده أو تحويله تحريرياً إلى زواج عادي. وعدة الزوجة بعد انتهاء العقد حيضتان، والأطفال من هذا الزواج شرعيون يتحمل الوالد مسؤولية الإنفاق عليهم. و تبرز مشكلة هذا النوع من الزواج كون العقد شفويا إذ يمكن معه إنكار الزواج أصلاً أو النسب، إذ لا توجد له وثيقة تحريرية. ورغم توفر جميع الأركان الشرعية المطلوبة للزواج العادي في هذا الزواج باستثناء الأجل المحدد فإن أكثرية المسلمين (السنة) تعارضه ولا تعترف به. وهنا يقول المرجع محمد حسين فضل الله، بان السنّة يرون أنه محرَّم، لأنهم يعتبرون أن النبي (محمد) أباحه ثم نسخه، فأصبح من خلال ما يعتقدونه من نسخ، علاقة غير شرعية، ولكننا نجد أن الذي حرّم زواج المتعة هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، إذ قال إن رسول الله حلّله وأنا أحرّمه وأعاقب عليه. ويرى فضل الله، الذي يفضّل تسميته الزواج المؤقت، بأن الزواج المؤقَّت لا يختلف كثيراً عن الزواج الدائم، حتى في عملية إنجاب الأولاد. ويرى بان أسلم تعبير هو ما يتداوله المحلّلون الفقهيون استناداً إلى الطبيعة التي يرتكز عليها هذا النوع من الزواج، بأنه الزواج المؤقت، لأنهم يقسمون الزواج إلى زواج دائم ينطلق من حاجة الطرفين، الرجل والمرأة، إلى السكينة والاستقرار والطمأنينة، ويتعاونان على أمور الحياة كلها، بحيث يتحقق الاندماج الروحي والحسي والحياتي بين الطرفين، كما هو التعبير القرآني {هنّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنّ}. وكأن المرأة تلبس الرجل كي يمثل كل كيانها، والرجل يلبس المرأة ليؤكد وحدة الكيان بينهما. ويرى فضل الله ان الذي يحدّد زواج المتعة هو التوقيت، إذ يمكن لشخص أن يعقد زواج متعة خمسين سنة وينجب أولاداً عدة، ولكنه يبقى زواجاً مؤقتاً، وهناك حالات، "على ما أعتقد أن في دولة البحرين حالة زواج مؤقت عمرها 25 سنة". وكان مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ، اعتبر أن الزواج المؤقت للمسافرين، والذي بدأ ينتشر بين بعض السعوديين خلال موسم الإجازة، هو بمثابة "متعة معلنة محرمة شرعاً". وقال إن "قضية الزواج ليطلق إذا أراد الرجوع دون أن يُعلم امرأته هذا الزواج متعة معلنة محرمة شرعاً، وهذا تلاعب بحرمات الله، ولو قال إنه طالب علم، فطالب العلم الذي لا ينهاه علمه عن انتهاك المحرمات، والتحايل على المحرمات هذا طلب علم بلا فائدة"، وشدد المفتي على أنه "لابد لطالب العلم أن يكون قدوة في الخير والعفة والبعد عن هذه الرذائل". الزواج العرفي: تعرف مجلة البحوث الفقهية المعاصرة الزواج العرفي بأنه " اصطلاح حديث يطلق على عقد الزواج غير الموثق بوثيقة رسمية، سواء أكان مكتوبة أو غير مكتوب"، أي يعد زواج شرعي كامل لكن ينقصه التوثيق أمام القاضي وهو مستوفي جميع أركان الزواج. وتبين دراسة بعنوان "الزواج العرفي تعريفه وأسبابه وأنواعه وأحكامه" قام بها قسم الدراسات والأبحاث ببرنامج دعم الشباب الفلسطيني "زفاف" ان للزواج العرفي نوعان: النوع الأول: عقد صحيح شرعي متوفر فيه جميع أركان الزواج، ويفتقد التوثيق فقط، وهذا يعرِّض حقوق المرأة للضياع، والنوع الثاني: ورقة تكتب بين الشاب والفتاة دون شهود أو بوجود أحد الأصدقاء وبدون مهر ولا ولي ولا إشهار ولا توثيق، وهذا لا يعد زواجا، وهذا النوع الثاني من الزواج العرفي ظهرت منه أنواع أخرى، مثل زواج الكاسيت.. الوشم.. الطوابع. ويعد البعض ان من يخطو هذا الطريق لا يعتبر زانيا بل آثم عاصما لله ورسوله، وعليه ان يوثق هذا الزواج للحفاظ على حقوق كلا من الزوجين. واستنادا إلى رأي عددا من العلماء والفقهاء، أشارت الدراسة الآنفة أن "الزواج العرفي" حرام، حتى إذا كان مستوفيًا الأركان، فعدم التوثيق يعرض حقوق المرأة للضياع، أما إذا افتقد الزواج أحد أركانه فإنه لا يعد زواجًا. كما وساقت الدراسة رؤية علماء الاجتماع والتي جاء فيها أن الزواج العرفي ظاهرة ناتجة عن تغير القيم في المجتمعات العربية، وبصفة خاصة بعد تحول الكثير من هذه المجتمعات للنظام الرأسمالي. وبينت الدراسة ان أمراض نفسية تدفع إلى الزواج العرفي، حيث كشفت دراسة علمية أجريت في جامعة الزقازيق المصرية مؤخرا عن جملة من الأسباب الأسرية والاجتماعية، التي تؤدي إلى إقدام الشباب خاصة طلاب الجامعات على الزواج العرفي، وقالت إن هناك علاقة وثيقة بين التفكك الأسرى، وغياب القدوة واضطراب العلاقات بين طالبات الجامعة وغياب الوازع الديني، وتحدي التقاليد والأعراف والآداب الاجتماعية وبين الإقبال على الزواج العرفي. وفي سوريا يعد الشيخ محمد عبد الله الأحمد الزواج العرفي ظاهرة اجتماعية ظهرت مؤخرا في عدد من الدول الإسلامية بنسب انتشار متفاوتة، لافتاً إلى ان الزواج العرفي الغير مستوفي الشروط الشرعية يعد باطلا شرعا، بل "إن البعض يعتبره زنا وما ترتب عليه من أبناء غير شرعيين وهو الرأي المتفق عليه عند جميع الفقهاء". والنظرة لهذا النوع من الارتباط لا يختلف في الدين المسيحي، حيث يؤكد الأب أنطوان شهدا إن المسيحية لا تعترف مطلقا بوثيقة الزواج العرفي، وتعتبره زنا لأن الزواج بالمفهوم المسيحي هو شركة يجمعها الله بين رجل واحد بامرأة واحدة، ليس مجرد عقد ورقي، ويؤكد على أن الكنيسة ترفض هذا الزواج لأنه لا يتم حسب كلام الإنجيل ولا يخضع للصلاة ولا حتى قراءات من هذا الكتاب المقدس، بالتالي هذا ليس زواجا مسيحيا لأنه لا يعتمد على عمل الهي ويتم دون إشراك الأسرتين به. ويرى البعض ان العرف استقرّ لدى المسلمين على اختلاف طوائفهم بأنه لا يجوز عقد الزواج إلا عن طريق الشيخ، ورغم أنّ قوانين الأحوال الشخصية لا تنصّ على هذا الأمر بل تحاربه، من حيث الظاهر، بفرض عقوبة على الشيخ الذي يقدم على إجراء عقد زواج خارج المحكمة، إلا أنّ العمل بالعرف السابق ما زال سارياً بين أغلبية المسلمين إن لم يكن جميعهم. وهذا أدّى، فيما أدّى إليه، إلى ازدواجية في عقود الزواج: فهناك عقد يجري أمام الشيخ شفهياً وعقد يجري أمام القاضي كتابياً. وغالباً ما يكون عقد الشيخ سابقاً على عقد القاضي، ويعد الكثيرون أنّ عقد الشيخ هو ما يرتّب حلّية العلاقة بين الطرفين أمّا عقد القاضي فلا شأن له بالحلّية، وإنما هو ضروري فقط لضمان حقوق الطرفين وإثباتها قانونياً. الزواج المدني: وهو غالبا ما يكون خارج البلاد الإسلامية والعربية (في الغرب)، وإما يكون في المحكمة المدنية أو البلدية، إذ يملا كلا الزوجين طلبا للزواج، ثم يوثقه الموظف فقط ويختمه ويصبح زوج وزوجه. ويرى مؤيدو هذا النوع من الزواج على انه حالة ومطلب إنساني بحت لكل إنسان بصرف النظر عن جنسيته ودينه وعقيدته وشريعته، وان تجاهله هو بمثابة رفض الاعتراف بالإنسان كحق ووجود. والزواج المدني حق من الحقوق الطبيعية للإنسان الذي يعيش ضمن مجتمع مدني قائم على المساواة بين إفراده رجالا ونساء.. والحق الطبيعي مرتبط الآن بالقانون الذي يحدد حرية الأفراد ضمن نصوصه وبالتالي يحدد لهم حقوقهم التي يجب المطالبة بها استنادا إلى القانون الذي ينطوون تحت لوائه. ويرى هذا الرأي ان مخاوف الزواج المدني ليست أسبابها دينية بحتة، وليس مناهضوه هم فقط من رجال الدين بل أيضا هم الرجال الذين استطاعوا التعمق به كقانون قائم على مبدأ العقد شريعة المتعاقدين، بحيث يكون إتمام الزواج سهلا ويسيرا، بقدر ما يكون إنهاؤه كذلك! وبالتالي فإن المرأة تستطيع طلب الطلاق بعيدا عن سلطة الرجل والمحكمة الشرعية! كذلك تستطيع أن تناصف زوجها في حال الطلاق في كل مبلغ تم جنيه أثناء الحياة الزوجية، إضافة إلى ما يتضمنه الزواج المدني من حرمان للرجل من كثير من سلطاته على المرأة: كمنع تعدد الزوجات، وخضوع الإرث للمحاكم المدنية بعيدا عن الشرعية. الزواج السياحي (المصياف): الزواج السياحي اما ان يكون شرعيا أو غير شرعي , فإذا كان زواج مؤقتا بمعنى سافر الرجل إلى بلاد عربيه أو أجنبية ونتيجة سفره أحب ان يعصم نفسه، فان جعله زواج مؤقت لا يجوز ,لكن اذا تزوج وأبقاها بنية الديمومة وعقد عليها بشكل شرعي فهو صحيح، ويسمى زواجا سياحيا نتيجة السفر الدائم. وتقول دراسة فرنسية صادرة في جامعة السوربون أن مصر تتصدر قائمة الدول العربية التي ينتشر فيها ما يعرف بالزواج السياحي. وقد بلغ عدد حالات الزواج السياحي في العام 2006 أربعين ألف حالة، وكانت تقارير تحدثت عن ظاهرة زواج أبناء الأقصر السياحية من سيدات كبيرات في السن، ولعله الذي تشير إليه الدراسة. وترى بعض التقارير ان هذا النوع من الزواج قد لاقى رواجاً كبيراً في الأوساط الخليجية، حيث إن هذه الظاهرة كانت منتشرة في السعودية ثم انتقلت العدوى إلى باقي دول الخليج، فما إن تبدأ العطلة حتى يسافر الشخص بصحبة زوجة مؤقتة تنتهي علاقتهما معاً بمجرد انتهاء الإجازة والعودة من السفر. ويرى البعض خاصة كثيرو السفر "رجال الأعمال" أنه وسيلة مناسبة تقيهم الانحراف في الخارج أمام مغريات كثيرة قد تقابلهم خارج الوطن، وكذلك فإنهم يرون أن اجتماعات ومناسبات العمل في الخارج تتطلب مرافقة الزوجة لزوجها.ويحرص رجال الأعمال على اشتراطات معينة لا بد من توافرها في زوجات السفر (كما تسميها بعض الخاطبات)، ومن أهم تلك الاشتراطات، إجادة اللغة الإنجليزية تحدثاً وكتابة، ورشاقة القوام، وجمال الوجه، واللباقة، وأن لا تجد مانعاً في حضور الحفلات الخارجية والتي تستدعي السفر والاختلاط. وقد كشفت دراسة ميدانية أجريت أخيراً عن الآثار الاجتماعية التي تسببها ظاهرة الزواج السياحي واستهدفت 40 فتاة من الفتيات اللاتي جربن هذا الزواج أو قريباً منه أن ضحايا هذا الزواج في الغالب من الفئات العمرية "20 - 24 عاماً بنسبة 38% تليها الفئة العمرية من 15 - 19 عاماً" بنسبة 35 % وجاءت في المرتبة الدنيا الفتيات من الفئة العمرية "25 - 29 عاماً"" بنسبة 20% من إجمالي العينة. ومن خلال المعطيات الإحصائية تبين أن غالبية فتيات الزواج السياحي من ذوات التعليم الثانوي بنسبة 30 % تليها ذوات الشهادات الابتدائية بنسبة 22.5 % وحلت ثالثاً الفتيات من ذوات الشهادات الإعدادية بنسبة 17.5 % تليها فئة الجامعيات بنسبة 12.5 % ثم من يُجِدن القراءة بنسبة 7.5 % فيما تساوت نسبة الفتيات اللواتي يحملن شهادات الدبلوم من مثيلاتهن الأميات بنسبة 5 %.. وبينت الدراسة من خلال تحليل معطيات الاستبيان الخاصة بمكان إقامة أفراد العينة أن معظم أفراد العينة يقطنون في المدينة ويشكل هؤلاء نسبة 29.5 % من إجمالي عينة البحث فيما لم تشكل فئة القاطنين في الريف سوى 7.5 % من عينة الدراسة. وأن نسبة أكبر من العائلات التي ترتضي الزواج السياحي لبناتها هي عائلات متوسطة الحال بنسبة 57.5 % تليها بفارق كبير العائلات الفقيرة التي شكلت نسبة 30 % فقط من عدد العينة المدروسة،وشكلت العائلات الغنية مستوى أدنى بقليل من نصف العائلات الفقيرة بنسبة 12.5 % من إجمالي عينة البحث. زواج الأصدقاء (الفريند): حينما أطلق الشيخ عبد المجيد الزنداني، رئيس مجلس شورى التجمع اليمني للإصلاح فتوى تبيح "زواج الفريند" أو "الزواج الميسر" للمسلمين المقيمين في الخارج؛ أثير الخلاف في بعض الدول العربية ومنها مصر. واستوحى الزنداني اسم هذا الزواج مما هو شائع في الغرب من مصطلح "بوي فريند - غيرل فريند"، حيث تقام علاقة دون إلزام بوجود سكن أو نفقة غير ان الفتوى تقيم إطارا شرعيا لها وتسبغ عليها الشرعية. وأفتى الزنداني بشرعية الزواج بين المسلم المغترب والمسلمة المغتربة دون إلزام الزوج بأي مسؤوليات مادية مثل توفير السكن أو الإنفاق، وذلك تيسيرا على المسلمين المغتربين حتى يتجنبوا الوقوع في الفحشاء، ويقول الزنداني إن فكرة (الزواج الميسر) جاءت عندما انتشرت الرذيلة بشدة في أوساط المجتمعات الغربية وأصبحت الجاليات الإسلامية تخاف على أبناءها من الوقوع في الرذيلة أو الخطيئة، مشيراً إلى أنه قد تطرق لذات الفكرة في إحدى زياراته لألمانيا قبل 24 عاماً عندما اشتكى إليه بعض المسلمين من خوفهم على أولادهم. ماذا كان الرد..؟، فإلى جانب العديد من مشائخ الأزهر، الذين عبروا عن استيائهم وسخطهم الشديد من الفتوى المتعلقة بزواج الأصدقاء؛ رفض اغلب علماء الاجتماع في مصر هذا النوع من الزواج، الذي وان كان يوفر الظروف للمعاشرة الجنسية إلا انه لا يوفر أركان الحياة الاجتماعية الهادئة والمستقرة التي هدف إليها الإسلام من فكرة الزواج. أما الرافضون من النساء فاعتبروا "زواج الفريند" إجحافاً بحق المرأة الشرعي في السكن والإنفاق من قبل الرجل؛ وهو ما يقره الدين الإسلامي والنصوص القرآنية، التي تشير إلى قوامة الرجل على المرأة، قال تعالى:" الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض..،". وانه لا يمكن الأخذ به في القرن الواحد والعشرون كحل لمشكلات الشباب الإسلامي كون الحجة؛ التي يقوم عليها هي تيسير الزواج وعدم توفر السكن، وهو الأمر الذي يتوفر في الغرب بيسر، لأن شباب المسلمين في الغرب لا يعانون من عدم توفر السكن إضافة إلى أن هذا الزواج يضعف الكيان الأسري ويفكك الأسرة. ويعد ممثلو هيئة الإفتاء الأوروبية بأن زواج "فريند" الذي دعا إليه الشيخ الزنداني لا يصلح كحل لمشكلة الشباب الإسلامي في الغرب؛ كون الزواج يحتاج إلى استقرار وبيت وعندما لا يتوفر البيت للأسرة فإن هذا يجعل من الصعب الحديث عن زواج. وقالت الدكتورة ملكة يوسف أستاذة الفقه والقانون المقارن بجامعة القاهرة، ان هذا الزواج باطل بطلاناً تاماً لأن الزواج ليس مجرد أركان بل يمثل ميثاقاً وعهداً، وان الزواج قائم على ما أوجب الله في أن تكون المرأة سكناً للرجل والعكس؛ ولا بد أن يقام الزوج على شروط الله ورسوله لكي تتوفر القوامة للرجل. الزواج السري: وهو نوعان الأول - زواج سري تم فيه العقد بكل أركانه لكنه لم يعلن عنه أمام الناس وهناك شهود ومهر مع وجود ولي الأمر ولم يشهر لأسباب خاصة، ويرى علماء الدين ان هذا الزواج شرعي وأن فقد شرط الإشهار. النوع الثاني - اذا كان الزواج السري بين الزوجين فاقدا لأي ركن مثل عدم موافقة ولي الأمر فهو زواج باطل. زواج الكاسيت والوشم والطوابع: هناك أنواع غريبة من الزواج دخلت إلى المجتمع الإسلامي والعربي كزواج الكاسيت والوشم والطوابع، وتفيد إحدى الدراسات أن زواج الكاسيت لا يحتاج إلى ورقة أو شهود، وإنما يكتفي الطرفين بوجود كاسيت وشريط، ويسجل عليه كلٌّ منهما الكلمات التي يرددها المأذون الشرعي، ويحتفظ كل منهما بنسخة منه. أما زواج الوشم فهو عبارة عن كتابة وثيقة الزواج بالوشم على الجلد. وزواج الطوابع أسهل الأنواع، حيث يقوم كل طرف بلصق طابع بريد على جبين الآخر فيصيرا زوجين!! كما يوجد نوع آخر من الزواج يسمى زواج الدم، إذ يقوم كلا من الشاب والفتاة بجرح كل منهما إصبعه ويقومان بربطهما معا لفترة دقيقه أو دقيقتين وبعضهم قد يبيت ليله على هذا الحال ليعد هذا عقد بينهما. نهاية سنجد من يقول بانّ الخطاب الفقهيّ الإسلاميّ يسمح بمساحات عدّة من العلاقات الجنسيّة لصالح الرّجل تكون فيها المرأة على الدوام موضوعا، سواء منها تلك العلاقات الخاضعة لمؤسّسة الزواج أو تلك الّتي يمكن اعتبارها مؤسّسات موازية لها.فإضافة إلى مؤسّسة الزواج " الشرعيّة"، يشرّع هذا الخطاب مؤّسسات أخرى. إنّ مؤسّسة تعدّد الزوجات توفّر مواضيع جنسيّة عديدة للرّجل مراعاة لغلمته. وفي هذا السياق على سبيل المثال يبّرر ابن أبي الضياف في رسالته عن المرأة آية التعدّد في الزوجات بشدة غلمة الرّجل وجموح شهوته التّي لا يمكن أن تُشبعها امرأة واحدة، هذا علاوة إلى ما تتعرّض إليه المرأة من عوارض: الحيض والنفاس والمرض. ولأنّ هذه المؤسّسة قد لا تشبع شهوة الرّجل لذلك كانت المؤسّسات الموازية وكان التسريّ بالإماء والجواري بل والغلمان. ويستشهد أحد معارضي أنواع الزواج المبتكرة بكتاب "الدعارة الحلال"، والذي حاول خلاله عبد اللّه كمال؛ رصد أشكال لمؤسّسات الزواج الموازية للزواج في مصر (الزّواج العرفيّ)، وفي السّعوديّة (زواج المسيار) ومثله في السودان (زواج الإيثار)، وفي إيران (زواج المتعة). وما يلاحظ هو أنّ هذه الزيجات المختلفة تشترك في أنّها تجد لها سندا دينيّا وتفتقر إلى السّند القانونيّ إلى حدّ ما. مشيراً إلى ان الكاتب تواضع على تسمية هذه الأشكال من الزيجات بـ" الدعارة الحلال". واهتمّ بهذه البلدان الثلاثة (مصر، السعوديّة، إيران) لأنه " توجد المشكلة نفسها: بلوغ جنسيّ بدون بلوغ اجتماعيّ، وتناقض دينيّ" في هذه البلدان.
يوسف شيخو، (أنواع الزواج..بين "الزواج الحلال" و"الدعارة الحلال") خاص: نساء سورية