الحرية الفردية أساس الموقف
بداية لا بد من توجيه كلمة شكر للشيخ كمال خطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية، فبينما تتجه الأنظار عامة نحو قضايانا الوطنية والقومية، العالمية وبالتالي الوجودية، بعيدا وبمعزل عن قضايا المرأة تحديدا والحريات الشخصية عموما، يطل علينا الشيخ كمال خطيب بمقالة ليذكرنا بمواضيع لم نتناولها بمجتمعنا وربما أمكن القول انه تم ركنها جانبا وعدم تناولها مباشرة وعلانية كما يجب، كموضوع المثلية الجنسية على سبيل المثال لا الحصر. فهذه المقالة ليست الا مقالة اخرى ضمن سلسلة مقالات كثيرة كتبها الشيخ ضد الجمعيات النسوية والإنسانية وضد مواضيع تناولتها هذه الجمعيات والتي تهدف لرفع مكانة النساء بمجتمعنا وتحقيق العدالة الاجتماعية، فنراه يثور مثلا: لمحاربتنا ظاهرة تعدد الزوجات والزواج المبكر من جهة ويتهمنا بالتخوين والانصياع لسياسات غربية من جهة اخرى. وما يلفت الانتباه في معظم كتاباته، انها غالبا تحريضية هجومية ولا تترك أي مساحة او شرعية لمن هو مختلف عنه وعن قناعاته الشخصية.
نحن ارتأينا التطرق لمقالته، ليس من باب الرد عليه فقط، بل لأننا وجدنا بذلك ضرورة لإسماع صوت اخر، بطريقة حضارية وبدون تهجم او تحريض، الامر الذي نتقاعس عن فعله احيانا ليتحول الى مجرد ردة فعل عوضا عن تناوله بشكل يومي ومتواصل. كما ونرى بهذا فرصة مجددة لنسائل انفسنا ومجتمعنا، بجميع هيئاته وقياداته، عن الدور الذي نقوم به ازاء ضمان احترام حقوق الانسان والحريات الفردية. ولا نقصد هنا مستوى التصريحات فحسب، بل على مستوى الفعل على ارض الواقع.
حقيقة وللأسف لم نتفاجأ من أقوال الشيخ كمال التي وصلت الى أدنى درجة ممكنة، فكيف تسوّل له نفسه ان يتمنى المرض والوباء لمجموعة كاملة من البشر – ذوي الهوية الجنسية المثلية، بهذه الحالة، ومن يساندهم او يوافق معهم!! بعيدا عن المضمون، نحن نرفض وبشدة نهج الشيخ كمال واسلوبه التحريضي والمنهجمي ومحاولاته اقصاء كل من وما هو مختلف عنه. وبما ان الحديث عن رجل في موقع قيادي، فنحن نرفض ونستهجن صمت معظم القيادات السياسية والاجتماعية والثقافية ازاء مثل هذه التصريحات الناجمة عنه وعن غيره، وهم كثر.
بالاضافة للاسلوب، لنتوقف قليلا حول المضمون. ان انتقاد الديمقراطية الاوروبية ومفهوم الحريات الشخصية يدل، برأينا، على حالة عجز! والواقع المجتمعي الذي يتيح لهذه الاصوات ان تسمع يدل على حالة فراغ مقلقة بمجتمعنا !! العالم العربي من حولنا اصبح ساحة دماء، تنتهك فيها حقوق الإنسان نساء ورجالا وأطفالا وبأبشع طرق عرفتها البشرية. والغريب أننا نتساءل كيف تلتقي هذه المواقف اللاغربية في الفكر مع الغرب في السياسة!؟
هذا كله ونحن ما زلنا نتغنى بشعارات طائفية وتعصب لانتماءات دينية، عائلية، حزبية ...وغيرها، ترسخ حقيقة كوننا مجتمع لا يحترم حرية افراده.
اما آن الاوان ان نستوعب كأفراد و كقيادات ان هذا لا يؤدي الا لإضعاف مجتمعنا وتفككه. كيف يتماشى هذا مع مشروعنا الوطني التحرري؟! كيف لنا ان نواجه سياسات القمع والتمييز والعنصرية اتجاهنا كمواطنين في وطننا بينما نواصل قمع احدنا الاخر؟!
نحن نتوخى من الجميع تحمل المسؤولية الجماعية لضمان احترام الحريات الشخصية والتي تعتبر ركيزة اساسية للمجتمع الديموقراطي الذي نصبو اليه.