ما تشهده السياسة المحلية العربية اليوم في كثير من المواقع هو في الحقيقة مشهد انتخابي مترد، تغيب عنه ثقافة المسائلة الموضوعية، والبرامج الانتخابية الحقيقية، كما ويتراجع تأثير الأحزاب السياسية.
- تذليل المعيقات التي تقف أمام تطور الحكم المحلي العربي يتطلب وضع خطط حكومية متعددة الأهداف ومرتبطة بجدول زمني تفصيلي يلزم الهيئات والوزارات المختلفة تنفيذها.
"إن المصطلح الرسمي الذي يطلق على السلطات المحلية العربية، هو حكم محلي عربي، لكن هذا المصطلح لا يعبر عن واقع السلطات المحلية العربية، بل يمكن اعتبارها إدارات محلية وليس حكم محلي، فالحكم المحلي يعني أن تشكل السلطة المحلية رافعة سياسية، اقتصادية، ثقافية، بيئية واجتماعية للمجتمع المحلي، بينما تحولت غالبية السلطات المحلية في الواقع إلى إدارات محلية تفتقد الموارد وتقدم الخدمات في حدها الأدنى، وفي كثير من الأحيان تعجز عن ذلك أيضا" - هذا ما قاله الباحثان د. يوسف جبارين ود. مهند مصطفى من مركز دراسات الذي يصدر قريبا كتابا بحثيا من تحريرهما حول الحكم الحكم المحلي في المجتمع الفلسطيني في البلاد، سيصدر عن دار "برديس" الأكاديمية للنشر.
ويؤكد الباحثان "أن حكما محليا حقيقيا يدل على ثقافة سياسية مدنية جامعة ترى في المصلحة العامة هدفا تسعى لتحقيقه، ويضع حدودا واضحة بين المجال العام والمجال الخاص، ولكن ما تشهده السياسة المحلية العربية اليوم في كثير من المواقع هو في الحقيقة مشهد انتخابي مترد، تغيب عنه ثقافة المسائلة الموضوعية، والبرامج الانتخابية الحقيقية والواقعية، كما ويتراجع تأثير الأحزاب السياسية، والقيادات القادرة أن تجعل السلطة المحلية رافعة للقضايا المذكورة، وتنمية".
وجاء في مقدمة الكتاب، الذي سيصدر نهاية الشهر باللغة العبرية (350 صفحة)،
"أن البلدات العربية تعاني من أوضاع اقتصادية-اجتماعية متدنية، وتتفشى فيها نسب عالية جدًا من البطالة والفقر، في ظل النقص الحاد في الأراضي المعدة للمناطق الصناعية والتجارية وعدم توفر مناطق تطوير عامة، وغياب لأبنية المؤسسات الحكومية الخدماتية فيها، وان هذه العوامل مجتمعة تعيق من إمكانيات تطور البلدات العربية وتقوض قاعدتها الاقتصادية". ويشير الباحثان أن 2.4% فقط من مجمل الأراضي الصناعية والتجارية في البلاد تقع ضمن حدود البلدات العربية وهذا يزيد من الفجوات بين السلطات العربية واليهودية ويعمق من تبعية الحكم المحلي العربي للسلطة المركزية. هذه العوامل تتفاعل مع بعضها البعض وتشكل حواجز ومعيقات من الصعب تذليلها بل وتفضي الى العديد من الظواهر المجتمعية السلبية، وخاصة العنف المستشري، في ظل غياب الموارد المطلوبة لمعالجتها.
ويخلص الباحثان ان تذليل المعيقات التي تقف أمام تطور الحكم المحلي العربي في إسرائيل يتطلب وضع خطط حكومية متعددة الأهداف ومرتبطة بجدول زمني تفصيلي يلزم الهيئات والوزارات المختلفة تنفيذها وليس فقط القيام بمسح الاحتياجات وتشخيص الأزمات. على الحكومة أن تتبنى سياسة التفضيل المصحح تجاه البلدات العربية من خلال سد العجز المالي المتراكم في تلك السلطات وتعويضها عن الغبن التاريخي اللذي لحق بهم جراء سياسيات التمييز العنصري لصالح البلدات اليهودية، وخاصة في قضايا التربية والتعليم، والخدمات الاجتماعية، والاحتياجات العمرانية مثل التخطيط والبناء وتوسيع مناطق النفوذ والمسطحات ومنح رخص للبناء في البلدات وفقًا لاحتياجات المجتمع العربي في المسكن والصناعة، بالإضافة الى التوزيعة العادلة لضريبة السكن "الأرنونا" الحكومية مما يضمن المساواة بين جميع البلدات على طول البلاد وعرضها. د. يوسف جبارين ود. مهند مصطفى