لم يعد مجالاً للشك بأن الضربة العسكرية لسوريا صارت وشيكة أو كما يقال اصبحت قاب قوسين أو أدنى ، فها هي اساطيل البحرية الامريكية والغربية الاستعمارية تقترب وتدنو من الحدود السورية لتوجيه ضربة للجيش السوري وللنظام السوري الحاكم . ويجري توظيف استخدام الاسلحة الكيماوية المحرمة دولياً غطاءً لشن هذه الحرب المرتقبة والمتوقعة كل لحظة ، على الرغم من ان التحقيقات الدولية لم تنته بعد ، ولم تحدد الجهة المسؤولة التي اقترفت المجزرة الكيماوية في الريف السوري . وفي الواقع ان الاجتماع الأخير الذي عقد في العاصمة الاردنية عمان هو مساهمة خطيرة ودنيئة في شن هذا العدوان على سوريا وبالتالي على الشعوب العربية والاسلامية ، ويعتبر أكبر مساندة ودعم للعدوان والاحتلال الاسرائيلي على شعبنا ، الذي يواصل سياسة القمع والتنكيل والقتل وعمليات الاستيطان وارتكاب المجازر الدموية ، التي كان آخرها قتل 3 شبان من قلندياً في الضفة الغربية .
ان امريكا وحلفائها ومن يدور في فلك سياستها وجوقتها يريدون من وراء هذه الضربة العسكرية تكرار السيناريو والمسلسل الاجرامي الدامي الذي جرى تنفيذه في العراق بحجة امتلاك النظام العراقي لاسلحة دمار شامل ، أي اسلحة كيماوية ، ولكن ثبت بالدليل القاطع ان العراق لا يملك مثل هذه الأسلحة ، وانما الهدف من وراء اجتياح العراق كان التخلص من نظام صدام حسين بالقوة، وتجزئة القطر العراقي وزرع الفتنة وتاجيج الصراع والخلاف الطائفي والمذهبي بين أبناء الشعب العراقي .
لا ريب أن العدوان الامريكي المرتقب ضد سوريا يستهدف تدمير سوريا واضعافها والفتك بها ، شعباً ودولة وتاريخاً وحضارة ، واخضاع نظامها الممانع المغرد خارج السرب الامريكي ، وافشال أي تسوية سياسية فيها من خلال افشال جنيف (2) ، بالاضافة الى تعميق حالة الانقسام في المجتمع السوري ، وتدمير مقدرات الشعب السوري ، وتفتيت القطر السوري خدمة لاجندات خارجية ، واستنزاف واهدار الطاقات والقدرات العسكرية السورية فضلاً عن احكام السيطرة على بلدان المنطقة الغنية بالمواد الخام والثروات الطبيعية . وعدا عن ذلك تغيير موازين القوى في المنطقة وضرب المشروع القومي العربي وصرف الأنظار عن القضية الفلسطينية وعن المأزق الذي تعيشه الادارة الامريكية جرّاء المتغيرات والتحولات العاصفة التي بدأت تشهدها المنطقة ، وسقوط "الاخوان المسلمين " الداعمة لهم .
اننا نرفض التدخل العسكري والاجنبي في الشأن السوري ، ونقف بكل قوة ضد خيار الحرب على سوريا بحجة انهاء الصراع الدائر منذ أكثر من عامين بين السلطة السورية والجماعات الارهابية المسلحة المعارضة لها ، لأن الحل العسكري ليس حلاً ، وهذا ما اثبتته التجربة العراقية ، وضرب سوريا سيحرق الغابة ويشعل المنطقة برمتها ، ويزيد من معاناة ومأساة المدنيين السوريين ، وانما الحوار والحل السياسي هو الخيار الوحيد لانهاء اي صراع .
اننا لعلى ثقة بأن الصمود السوري المدعوم من ايران وحزب اللـه والمقاومة الوطنية اللبنانية قادر على لجم العدوان وهزم المخطط الامريكي في المنطقة ، وقادر على بعث المشروع القومي العربي من جديد ، الذي عبّده وأسس معالمه الزعيم القومي الخالد جمال عبد الناصر ، وسيبقى الأسد في عرينه ، وستكون دمشق مقبرة للغزاة والمجرمين . ولا سبيل في مواجهة هذا العدوان ، وكل عدوان ، سوى المقاومة والصمود والتحدي والايمان بالنصر والمستقبل . وهذا ما سيفعله الشعب السوري البطل الملتف حول قيادته ونظامه الممانع ، والمدافع بشرف وكرامة عن سوريا وتراب الشام . ولنقلها بصوت عالٍ : الخزي والعار لامريكا ، ولا للضربة العسكرية ضد سوريا .