Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

في المسأَلة العلمانية، كمَنْزِلَةٍ بين مَنْزِلَتَيْن..

מערכת, 6/11/2009

العلمانية: بيئة حاضنة للمشروع التَحُّرري الوطني والقومي والانساني * العلمانية الآن وهنا ودائمًا!!؟ في كثيرٍ من الأَحيان يقف المَرءُ مشدوهًا أَمام الآنيات والتفاصيل اليومية، لا سيما عندما لا يمنحها تراكمها الكمِّي أي معنى نوعي، ما يتطلب مواجهة الواقع بمسائل وأدوات غير آنية، أو بما يبدو خارج السياق وبعيدًا عن "الواقع"، خصوصًا في حالتنا سيزيفيّة المَنْشَأْ والسيرورة.. ولسنا هنا بصدد بحث ماوَرائيّّ أو ما يُشْبهِ التَرفِ الفكري، ولا أمام افتعال مَزَاجيّ أو انفعاليّ، إنما مُحَاوَلة لِسَبْر أغوار الذات الجماعية والفردية، في مَنْشَئِها وحاضرها ومُستقبلها مُتعدّد الاحتمالات..!! كما لا أَدَّعي، هنا، الموضوعية ولا الحَياد ولا الَوَسَطية أو "الاعتدال"، ولا أضع فَرَضية الادّعاء ولا منهجيته الجنيالوجية (الأُصولية- النُشوئية)، كضرورة لفهم الفارق بين الرؤية التاريخية للعقائد وبين الرؤية التبجيلية التقديسية للموروث، اللاعقليّ واللاإرادي في غالب الأحيان.. ولا يحمل هذا الطرحُ عَوْدًا على بِدء، بل قِراءَة "ذاتية" لبعض جوانب الطبائع، ولراهن ومُستقبل مَفتوح على مختلف الاحتمالات، ما زال مُمْكِنًا لعب دور الفاعل فيه والخروج من مَساحة المفعول بِهِ.. بداية ٌ، وإن بَدَتْ طويلة بعض الشيء، ولا يجب أن تُحْصَر في مقال ضَيِّق الحَيِّز والإمكانات كهذا، لكنها ضرورية كمَدْخلٍ لمسأَلَةٍ تُلامِسُ أَهْدَابَ حياتِنا، اليومية والمصيرية، وإنْ غابت أو غُيِّبَتْ عن مشهد حياتنا الراهن، في غَفْلَةٍ امتدت طويلاً حتى باتت تُحاكي "الموت الجَماعيّ"..!! نعم، هي محاولة لاستحضار المسأَلة العلمانية من جديد، الى واجهة المَشْهد الفكري والسياسيّ العربي، كمسأَلة عابرة للقوميات والجغرافيا والزَمان، بِما يترتب عليها من إسقاطات وتداعيات، ولِما أشْغَلَتْه، وما زالت تُشْغِلُه، في الفِكر والفِعل الانسانِيَيْن، وما تحمله من تساؤلاتٍ كُبرى وأساسية، حول أصل ومعنى وغاية وسُبُل الوجود، تحديدًا، إذا أدْرَكنا ان الحَداثة المادية- التقنوية لا تعني بالضرورة حَدَاثة عقلية، ومَنتوجَاتها الفكرية.. وإذا كانت الأُمم الأُخرى احتاجت وتحتاج الى هذا الحِراك الفكريّ من جديد، لتُعيد تنظيم حياتها وبناء مُستقبلها، فاننا- بإعتقادي- أكثر الأُمم والشعوب حاجةً الى مِثل هذا الحِراك، بالعودة الى المسائل الكُبرى والمُؤَسِّسَة، والتي تمسُّ مَسًّا مُباشِرًا حياتنا اليومية الوطنية والقومية والكَوْنية، بعد إضرابٍ مفتوحٍ إراديّ ومُتواصِل عن التفكير والفِعل التاريخي، مُنذ ابن الرشد وابن خلدون، امتد لِمئات السنين وما زال يتمدَّد..!؟ وهنا، لا بد من إشارتين أساسيتين: أوّلهما، أنني لا أَتخذ من العلمانية مُنْطَلَقًا او مُتَّكًَا، وهي ليست "ضالَّتي المَنشودة"، ولا العلمانيون هم نموذجي فيما أصبو إليه.. ثانيهما، انه لا يمكن عبر هذه المقالة، المحدودة والمحدَّدة، الإمْسَاك بكل تلابيب المسألة العلمانية بمختلف جوانبها ومعانيها، وبمصادر نشوئها وتطورها وتعدد أشكالها واشتقاقاتها، اللغوية والتاريخية، إنما بالتعرُّض الى مفاهيمها العامة وخطوطها العريضة، عَبْرَ تبسيط معناها وتجلِّياتها وحاجاتها، دون تسطيحٍ أو ابتذالٍ.. فبعد أن تحطمت معظم الثوابت واليقينيّات، واختفى مفهوم الوجود الثابت، وتراءَت لنا فكرة كيفية الوجود بكونها تُجَسِّد فِعلاً معنى الحياة بمِا تُشكّله من مصدرٍ للقِيَم والأخلاق، وأن الحياة هي نموّ داخل التاريخ وليس مجرد البقاء والاستمرارية، بات مُلِحًّا طرح السؤال الوجودي الأكبر، في حالتنا، مَنْ نحن وماذا نريد وكيف نحقق ما نصبو إليه؟! وهل نحن حالة جَماعية أمْ جَماعات وقبائل أمْ حالة قَطيعية، أو مجموعة أفراد تقاطعَتْ في المصُادَفات التاريخية التي لا تتحرك وِفقًا لإيقاع الصدفة..!؟ وبالمنطق الاستنباطي، وبنظيره الاستدلالي، أدَّعي هنا، ودون تردد أو تلعثم، ان معظم المُثقفين والمفكرين "العلمانيين" العرب، سيّما اليساريين والقوميين منهم، كانوا أكثر من الدينيين إساءَةً للعلمانية وأكثر من ساهم في وَأْدها، بعدما تَبَدَّتْ لنا نُطفةً تحتمل الحياة، في مرحلة ما من مراحلنا المعاصِرة، أو المُفتَرَضَة او المُتخيِّلة... وبعيدًا عن الاستعراض التاريخي والتاريخاني لنشوء ومصدر العلمانية، وأصولها اللغوية وتطوُّر أشكالها ومعانيها، فلا بُدّ أن نتعرض الى اشتقاقاتها الأساسية، والتي تتمحور في اتجاهين اثنين. الاول هي العَلمانية (بفتح العَين) من العَالم، أي استنادًا الى الرؤية العالَمِية الشمولية والكونية للأمور والحياة، كرؤية لإدارة الحياة الدُنيوية – الزمنية على الأرض. والثاني هي العِلمانية (بكسر العين) مِن العِلم، كأساسٍ يعتبر الطبيعة مصدر الحياة، ومنها تُحدَّد سبل التعامل معها ومع طبيعتها. ورغم مَيْلي العقليّ الى الثانية، من حيث المصدر ومن حيث المعنى، إلاَّ انه في الحالتين حُوصِرَت العلمانية عربيًا بمفهوم سياسي ضَيِّق، واقتصرت في الغالب على معنى فصل الدين عن الدولة، أي فصل الإيمان الديني وشعائره وشرائعه عن السياسة ومُؤسساتها ومناهجها.. وليس للعلمانية تنظير خاص محدّد المعالم والتخوم، واستنادًا الى المَضامين التاريخية لها، فليست معانيها أُمورًا ثابتة تطابق معانيها اللغوية وأُسس اشتقاقاتها، بل هي مَضامين مُتحوِّلة ومُتنوِّعة، وليست بالشأن الواحد المُتجانسِ في كلِّ تجلّياتها.. وإذا كانت اوائل تَمَظْهُر العلمانية الحديثة وبروزها في اوروبا، لكن اوروبا ليست نموذجًا تامًا للعلمانية، وليست معيارًا نقيس به ما يجب ان نكون عليه، كما أنها- أي اوروبا- ليست مِثالاً زاهيًا نحتذي به، ولسنا مُرْتَهَنين بتجربتها، ولا نرى سقف التاريخ فيها، بالرغم من كونها مركزًا انبلج منه التاريخ الحديث وانطلق عابرًا لتخومها الجغرافية، بل علينا أن نرى أنفسنا بكوننا جزء من مشروع تاريخيّ كونيّ يتجاوز حدود الغرب والشرق، نتفاعل خلاله ونُؤثِّر كما نتأَثر، عبر حركة لَوْلَبية تصاعُدية دون توقفٍ أو انقطاع، لان لحظة التوقف او الانقطاع تعني، بالمفهوم التاريخاني، الموت او الاندثار، كحالِنا الراهن في مختلف المَيادين...!؟ وحين بدأت العَلمانية (او العِلمانية) تُستحضَر في المجتمعات العربية في بدايات القرن العشرين، لم يكن مُنظِّروها ولا رُوّادها، من القوميين او اليساريين العلمانيين، من مُثقفين ومُفكِّرين وسياسيين، بوجود بعض الاستثناءات المحدودة والمحددة، لم يكونوا من الماديين او اللاأدريين او اللادينيين أو من المُلحدين، ولا طبعًا من العَدَميين الحقيقيين، على المستوى الفكري والسلوكي، فأَجْهَزوا على الفكرة وعلى منهجها، في مجتمعاتنا، لأنهم أغْفَلوا الجانب الفكري والمجتمعي لهذه المسألة، لاعتبارات سياسية وشعبوية واقتصادية، ومُداراتِهم لثقافة الجُموع.. ومُذّاك لم تملك تلك "النُّخَب"، والتي تشدَّقت بالعلمانية والعِلمية، العمق والشجاعة الكافِيَيْن لتُسطّر مَنحًى جديدًا في وجود وتطور الامة العربية.. وتعاملت بعض تلك "الرموز" بميوعة ومُساوَمة وانتهازية، لا حدود لها، في تناول هذه المسألة، ولم تسعَ- حقيقةً- الى حَفْرها وبَثِّها ورعايتها كوعي وكنهج وخَيار حياة لهذه الأمة، خصوصًا إِزاء الصِراعات والتحديات التي واجهتها وما زالت تواجهها.. وكَفَر "العلمانيون" العرب، حين أرْجَأوا الولوج الى جوهر العلمانية، من أجل المرحليِّ والتكتيكيِّ نَحو الاستراتيجيّ الوَهميّ.. وذهب بعض "العلمانيين" الجُدد، أبعد من هذا الحَضيض، حين ردَّدوا في العلمانية حقًا يُراد به باطل في التوقيت والقصد، كاستهداف قوى المقاومة الوطنية والقومية حين لَبِسَت لَبوسَ الدين، وتَبَدَّى تَمَوْضع جديد، يحمل معادلةً خطيرةً وبائسةً، مُؤدَّاها: إمَّا أن تكون َمُؤْمِنًا دينيًا أُصوليًا، أو امريكيًا وإسرائيليًا و"غَربِيّ" الهَوى والاتجاه..!!؟؟ وعليه، كانت سَذَاجة وسطحية وهَشاشَة وانتهازية غالبية العلمانيين العرب، وما زالت، تجعلهم أكثر خطورة على العلمانية، من المؤمنين الدينيين بكل أشكالهم وألوانهم ومَذاهِبِهم، وما زالت مواقفهم "التكتيكية" الباردة يتغذى منها أعداء الحرية والعقل... ولَمّا كانت مجتمعاتنا العربية هي ثيولوجية (دينية- غيبية) بُنيويًا، بجوهرها وشكلها، بتفكيرها وسلوكها، الفردي والجَماعي، لم تنشَأ حالة علمانية حقيقية يُؤَسَّس عليها، فَصُوِّرت العلمانية على أنها ضرب من ضروب الإلحاد، زورًا وتضليلا.. وكان تَلاقي هذا الثُنائيّ، "العلمانيّ" والثيولوجيّ، في حالتنا العربية، مصدر توقف إعمال العقل والإرادة، وخروجنا من الفعل والحضور التاريخيّ... والعلمانية الشمولية، بمعناها الشامل والجذريّ، ليست مجرد عملية فصل الدين، بشرائعه وشعائره، عن الدولة ومُؤسساتها وأدائها، وليست هي قضية مَحصورة بالأبعاد السياسية وأنظمة الحكم.. كما أن العلمانية ليست مذْهبًا أو دينًا، وليست مَنظومة أيديولوجية، ولا تعني الإلحاد أبدًا، إنما هي منزلة بين منزِلتَيْن .. وبكونها كذلك، فأنها منطقة وُسطى للتعايش والتنوّع والإبداع والتنافس الطبيعي، وتشترط وجود لاأدريين أو لا دينيين أو ملحدين..
العلمانية هي مَناخ عام يضمن حرية التفكير والاختلاف، بين الأفراد والجَماعات، وهي بيئة فكرية واجتماعية وسياسية تحفظ وتُنظِّم العلاقة بين المختلِفين على أساس الاحترام المُتبادَل، وهي مساحة الحرية القُصوى لإدارة وتنظيم ليس فقط الاختلافات، إنما التناقضات أيضًا. إنها الاتفاق المبدئي على إمكانية وجَوَاز وشرعية تعدُّد وتنوع الآراء والمواقف والرُؤى والمرجِعيات، بل وحَيوية وضرورة هذا التنوُّع لدى الجماعات أو الشعوب الحيَّة.. وبهذا المعنى، فإن العلمانية تُشكِّل البيئة الحاضِنَة وصَمّام الأمان للحرية والديمقراطية الحقيقة، دون الحاجة الى التوافُق أو الإجماع، وهي الدفيئة التي تحمي الحرية والديمقراطية والتعددية التنوُّعية. فالعلمانية الحقيقية تضمن بالضرورة الديمقراطية الحَقَّة، لكن الديمقراطية لا تَضْمَن بالضرورة عَلمانية المجتمع وعِلمانيته، لان الديمقراطية خارج سياق العلمانية وبمعزل عن الوعي والإرادة، لا تفعل الاَّ إعادة إنتاج التخلُّف.. وبالمعنى الإيحائي، فإن الحرية والتحرُّر اسمى واكثر قيمة وضرورة من الديمقراطية، التي لا يحميها سوى العلمانية، حين تضمن الفصل بين الدين والسياسة والقانون والأخلاق، سِيّما أن مصدر القيم والاخلاق لا ينحصر في العقائد الدينية .. ولا يُمكن أن تتحقق وتنمو وتتطور المواطَنة والحَداثة والديمقراطية في المجتمعات المدَنية، إلاَّ في إطار منظومة علمانية دستورية ومجتمعية بين الدولة والمجتمع والجَماعات والأفراد، تعتمِد رَجاحة العقل الاستدلالي.. العلمانية هي التي تحمي حق الجميع في المُعتقد والفكر والسلوك، والدفاع عن حرية المعتقد لا ينحصِر على المعتقد الديني، كما هو سائد، دون أن نخلِط بين احترام حرية المعتقد واحترام المعتقد في حدِّ ذاته، فكلّ المعتقدات بِما في ذلك عدم الإيمان قابلة للنقد والنقض والتفكيك، والمَسار الحقيقي لتناولها يكمُن في النقاش العلمي والعقليّ النقديّ (لا الإذْعانيّ) مع النصوص المُؤَسِّسَة، والفكر الذي يتوارى خلفها، وليس مع تَمَظْهُر النُصوص أو تأويلاته او رجالاته فحسب، باعتماد الشك كمنهج اساسي للمعرفة والادراك..!! ليس مُنطلقي في هذا الاتجاه عَلمانيًا، بقدر ما هو عِلمانيًا.. ومن الإشارات المُؤسِّسَة لهذا الاتجاه، أن العلمانية تُعتبر مُساوَمة "أيديولوجية" عند الماديين، وأن من أبرز شروط تَحَقُّق العلمانية، في كل الظروف، هي وُجوب وجود حالة أو حركة لا أدرية أو لا دينية أو إلحادية أو جميعها، داخل بيئتها وليس خارجها... أما إدّعاء التغريب او غربية المصطلح وأُصوله ومفهومه، فإنه إدعاء بائس وسَطحيّ وغير عقلي، على أقل تقدير.. ألَمْ تكن المدرسة الرُّشدية (نسبة الى ابن الرشد) والخلدونية (نسبة الى ابن خلدون) من أهم روافد النهضة والعلمانية الأوروبية في بدايات القرون الوسطى، وفي مراحل مَخَاضها الاولى..؟؟!! وفي حالتنا نحن بالذات، كشعب وكأمة، فإن في العلمانية يَكمُن الخَلاص والمَخْرَج، من المرُاوَحَة التاريخية داخل أروقة الوَهْنِ والعََجْز وازقَّة التخلُّف والغِياب، حين تكون العلمانية وطنية وغَير مُحايِدَة، وحين تُشكِّل الرافعة الممكِنَة لجميع الحركات الوطنية والقومية الحقيقية، ولجميع القُوى الحيَّة في المجتمع، وتصهرهم مَعًا بانسجام هيرمونيّ، لا قَطيعيّ موروث، في إطار المشروع التحُّرري، للإنسان والوطن والمجتمع والمعنى.. وما نريده من هذا القول ان يكون مِعْوَلا اركيولوجيا يقرأ الراهن عبر الماضي، ويستبطن كُنْه المستقبل الممكِن والمُحتمَل او المنشود، بهدف الخروج من واقع الاستلابية الى مرحلة او احتمال الفِعل او التأثير والبناء.. فيمكن للعلمانية ان تكون وطنية وتكون مُقاوِمَة ومُقاوَمة، عندما تكون حقيقية وأصيلة في الفكر والسلوك والقَناعات، وتنْأى عن التقليد والتَبعِيَّة، وتكون ابنة تُرابها.. وفي سِياقٍ ُمتّصِل، وان بَدى مُنفصلاً، يمكننا القيام بقراءات مُتَعمِّقة لِخِطاب وتجربة حزب الله وحسن نصر الله، والقاء نظرة مُقارنة ومُقارَبة حولهما، تحت عَناوين: النَزَعات المادية- العَلمانية في خطاب نصر الله، وبين الناصرية والنَّصْرالية، وتجلّيات معنى الحداثة في تجربة حزب الله.. إنها وَقفات تَفكُّر تستحق التأمُّل..!! فلا يُمكن مواجَهة المَشاريع الاستعمارية والاستيطانية والكولونيالية، بكل أشكالها وتجلِّياتها، إلا عَبْر مُجتمع علمانيّ وطنيّ حُرّ، يَسْتَمِدُّ حريتَه من حرية أفرادِهِ، حيث تكون حرية المَعابِد أرقى من حرية العِبَادة، لان الاولى تكْفَل الثانية، في حين لا تكْفَل الثانية الاولى..!؟ قد تبدو هذه المادة نوعًا من السباحة غير المُفتعَلَة ضد التيار، أو "عملية انتحارية"، بينما قد تكون "فِدائية" في حَقيقتها، لكنها بالاساس نداء لا يخلو من رسالة، مَفادُها، انه في انعدام الفَضاء العلمانيّ في حياتنا، وفي غياب العقل والإرادة، ومواصلة الإضراب المفتوح عن التفكير والفِعل، فإننا سنراوح في َمتاهَتِنا وفي موتنا السريريّ، إنْ لَمْ يَكُن إنقراضنا البَطيء...!!! فلنرفَع الحجابَ عن عقولِنا، ونَفْقه مُتطلبات الدنيا والحياة، ونُميِّز بين الخَيَارات اليومية والضرورات المَصيرية، الآن وهنا ودائمًا...