Translation

Exchange Rates

יוני 14, 2022


דולר ארה"ב 3.446 0.17%
אירו 3.594 -0.13%
דינר ירדני 4.860 0.17%
ליש"ט 4.172 -0.51%
פרנק שוויצרי 3.466 0.12%
100 ין יפני 2.567 0.40%

Data courtesy of Bank of Israes

إطلالة على "ساحات زتونيا" - رواية المبدع عودة بشارات

מערכת, 9/4/2010

فيصل طه

لم تحظ رواية عربية محلية بسرعة الترجمة إلى اللغة العبرية وبمرافقة إعلامية مثيرة للاهتمام كما حظيت به رواية "ساحات زتونيا"،باكورة المبدع عودة بشارات.يعود هذا الانتشار السريع واللافت للنظر في رحاب الساحة الإسرائيلية إلى كون الرواية تمثل تصويرًا أدبيًا محليًا واقعيًا شفافًا لحال القرية العربية بأهلها وشؤونها وحراكها الاجتماعي، الاقتصادي، العاطفي، السياسي، ويعود أيضًا هذا الانتشار إلى السلاسة السردية المشوّقة التي تحمل في ثناياها رسالة إنسانية نيِّرة راقية بعين ناقدة لواقعنا، نافضة بجرأة ما اعترى دواخل ثقافتنا الموروثة والوارثة من عيوبٍ وعوائق دون جعجعة هشّة في الفضاء أو تقوقعٍ عصبيٍّ في الأوكار المظلمة ممّا يعمّق العزلة والنفور ويعيق التقدم ويحجب النور.ويعود أيضًا هذا الاختراق للمجتمع الإسرائيلي، إلى مثابرة واهتمام الكاتب نفسه على إحداث الانتشار وطرح النسخة العربية أمام دور النشر العبريَّة، وتم تقُّبلها باعتزاز من قبل واحدة من أشهر دور النشر العبريَّة في البلاد "عام عوفيد".هذه الخطوة الجريئة وشبه الفريدة تثير مجموعة من الأسئلة حول أهميَّة انتشار وتأثير واختراق أدبنا المحلي وإبداعاتنا الثقافيَّة والفنيَّة لعوالم خارج ساحاتنا وخاصَّةً باتِّجاه الساحة الإسرائيليَّة.إن اختراق المجتمع اليهودي الإسرائيلي من خلال نتاجنا الثقافي، الفكري، الفنِّي، الإنساني، هو مهمَّة ومصلحة وطنيَّة لا تقل أهميَّة عن النضال السياسي لجمهورنا العربي ضد سياسات حكومات إسرائيل المتعاقبة وفي شتَّى المجالات تجاه الأقليَّة العربيَّة في البلاد.هذا الاختراق الأدبي الإنساني يبدِّد ما تكدَّس عبر عشرات السنين من مفاهيم خاطئة وأفكار مسبقة دونيَّة حول المجتمع العربي، بثَّتها المؤسَّسة الإسرائيليَّة الرسميَّة وسمَّمت وضلَّلت بها الشعب اليهودي نفسه، لذا يساهم هذا الاقتحام والانتشار في تفهُّم وتقبُّل الآخر لنا، ويسهِّل ليس فقط في تحسين وتوضيح الصورة الحقيقيَّة الإنسانيَّة لمجتمعنا بل يسهِّل علينا التأثير على المجتمع الإسرائيلي لتغييره نحو الأفضل في تفهُّم قضايانا والعمل المشترك نحو المساواة والسلام. نطل إلى ساحات قرية "زتونيا"من خلال الانتخابات المحليَّة وما يرافقها من حراك شامل متنوِّع ومتعدِّد الشعاب وما تحدثه هذه الانتخابات من صراعات ونقاشات وتوافقات وقضايا تُشغل بال أهلها يوميًّا. يجول القارئ مشدودًا في رحلة مشوِّقة مترقِّبة ومراقبة لأحداث زتونيا الَّتي يشهدها ويشاهدها وبشكل عابر في قريته أو بلدته.جولات القارئ في أجواء زتونيا تنبِّههُ للتَّفكُّر والتأَّمُّل في كل ما يجول حوله من أحداث ووقائع ومواقف. تجد في هذا التِّجوال العنفَ "الطُّوشة اتَّسعت ليشارك فيها عدد غير معروف من طلاب العائلات المساهمة في التنافس على رئاسة المجلس البلدي"(ص130). "حالة العنف أفرزت حالة عسكريَّة.. كل عائلة فتَّشت عن "أباضاياتها".. وشهدت البلدة ارتفاعًا في أسهم الزعران، أصبح مكانهم في صدر الديوان"(ص135).ووسائل العنف"فقد استُعْمِلَت في الطوشة كل أنواع الأسلحة الباردة من عصي وسكاكين وهنالك من شاهد بلطة و "كريك وقزمة وشاكوش وشوبَك وكراسي"(ص134).ومشاركة النساء "النساء اللَّواتي شاركن في المعركة كُنَّ أعنف من الرجال"(ص134).وعن"جاهة الصلح" وعن سوء التَصرُّف والفوضى"السيارات بتصف على الرصيف المُعد للمارَّة، ناس بتلعب الشدِّة في زاوية الشارع وبصير الشارع جزء من صالون البيت"(ص130).وعن العامل الذاتي في تحمُّل المسؤوليَّة"صحيح أنو في سياسة فوق لاعنة أبو أبونا، بس إحنا يا عمي مش راحمين حالنا.. شو خص الحكومة انو إحنا منعمِّر بنص الشارع، انو إحنا لازم إنخلِّف عشرة .. دورنا في سوء حالنا"(ص130).ويستمر الراوي في جرأته في تصوير حال الناس في زتونيا، في قرانا، داخل بيوتنا والموقف من الجنس "الجنس لدينا مخيف، مرعب، ملطَّخ بالدم، الجنس هو عار.."(ص40).و "الحب شيء قذر، يجري في السر كما تنمو الطحالب في أنابيب المجاري"(ص38). "الخوف من الخطأ أفسد كل طعم الحب"(ص37).والقاتل "يسير برأسٍ مرفوع في الشارع ويلقى من الناس كل شرعيَّة"(ص38).ويتكلَّم الراوي عن "زواج خطيفة"(ص67).و"الصديقة الأجنبية"(ص149).والطلاق "ورقة الطلاق التي حصلتْ عليها زينب وصفتها بأنها أجمل هديَّة تلقَّتها في حياتها"(ص149).وعن "ملجأ للنساء المضروبات "(ص182).وعن الزواج "جوَّزتوني واحد أزعر وحشَّاش"(ص182).وعن "ليلة الدُّخلة"(ص201).و"بذرة من بنك البذر وبواسطة الزرع بالرحم"(ص197).وعن عمليَّة الإجهاض "الَّتي كانت في عيادة خاصَّة لدى طبيب مُجَرِّب ودفعت مبلغًا باهظًا"(ص185).ويُسَلِّط الكاتب الضوء على ممارسات منكرة "سرقات البيوت والمحلات التجاريَّة"(ص160).وعن "قصور الشرطة"(ص162).وعن ظاهرة الشكَّات بدون رصيد "شيكَّات طاجِّة"(ص67).وعن البخت والفتَّاحات "وقالت الفتَّاحة إن العائلة تنتظر حدثًا هامَّا"(ص152).وعن القتل غدرًا "مات برصاص الغدر"(ص179).ويُبرِز الكاتب النشاط النسائي "الست زهور هي رئيسة جمعيِّة سيِّدات زتونيا.. الَّتي تعنى بشؤون المرأة"(ص79). "موضوع التمثيل النسائي في القوائم"(ص80)."النساء التقدُّميَّات"(ص118).وعن التعليم الجامعي "رفض اختيار موضوع تقليدي للدِّراسة مثل المحاماة أو الهندسة أو الطب أو الصيدلي"(ص126).وعن النضال في الجامعة "ودفاعه المستميت عن رفاقه الطلاب والطالبات في وجه زعران اليمين وسلطات الجامعة"(ص180)."في الجامعة اكتشفت العالم الواسع.. الحريَّة، حلقات النقاش الصاخبة.. الضحك والصخب"(ص124).وعن "تمويل الجمعيَّات من مصادر مختلفة"(ص83).ويستفيض الكاتب في تصوير النشاط الانتخابي من اجتماعات واتِّفاقيَّات ووُعود "نصف الدورة الأولى للموصلي والنصف الثاني لمُمثِّل التحالف"(ص204). "قد وعد أبو العبد بمنصب القائم بأعمال الرئيس في الدورة القادمة.. وهذا الأمر يعني معاشًا محترمًا"(ص50)."أنت اخلط القائمة الأساس من الحمولة وحلفاء الحمولة من عائلات صغيرة واللِّي بييجي من برَّه.. يا ما احلاه" (ص16). وعن اليسار "ننزل إلى الانتخابات ولا ندعم أحدًا، نرفع شعاراتنا كما هي.. ننزل بقائمة رئاسة وعضويَّة.. حتَّى لو لم يُصَوِّت لنا سوى أعضاء التنظيم"(ص174).ومشاركة الجرائد المحليَّة كوكب البلد، الراية، وصحيفة الحقيقة في الدِّعاية والإعلانات للمعركة الانتخابيَّة إضافة ً إلى إذاعة الأمل المحليّة "إذاعة الأمل هي نموذج الحكي اللِّي مالو تغطية"(ص112).وعن الديمقراطيَّة "إحنا شاطرين بس بالحكي عن الديمقراطيَّة"(ص172). ولا يستثني الكاتب الشائعات "انتشرت إشاعات كثيرة عن الزيارة الَّتي قام بها خالد وهيام إلى الخارج"(ص17).رصَّع الكاتب عودة بشارات روايته "ساحات زتونيا" بأمثال وأقوال عربيَّة دارجة "ماذا تنفع الماشطة في الشعر العكش"(ص117)."تضع الحد على الزعرورة"(ص89).لا في العير ولا في النفير"(ص49)."إلتم المتعوس على خايب الرجا"(ص155).وكلمات عامِّيَّة "المقصوفة"، "شرَّابة خُرج"، "الحزِّة واللَّزِّة"، "خبط لزق"، "شلقة"، "عجقة"، وأدخل الكاتب ما اندمج من تعابير غير عربيَّة في لهجتنا وغير عبريَّة (ريتينج، فير، كامبين، تيم، أوتنتي، برايمريز، كارييرا وغيرها...). هذا الدمج المكثَّف والمتسلسل للمفردات المحليَّة والأجنبيَّة والأمثال والأقوال الشعبيَّة وللعادات والتَّقاليد الثابتة والمتحوِّلة وللتناقضات الحادَّة أحيانًا بين القديم والحديث، ولهواجس وأحلام وقلق ومعضلات وأفعال وحال ناس قرية زتونيا، قريتنا العربيَّة فتيانها، فتياتها، نسائها، رجالها، يشير إلى براعة الكاتب في تصوير واقعنا المحلّي بكل دقائقه وكأنَّك تُعايشه في بيتك، ترى الشخوص المُتعدِّدة، الَّتي تفتقر إلى البطل الأوحد، أبطالا اعتدت رؤية ملامحهم حولك . يشير هذا الدمج والتصوير أيضًا إلى ما يتمتَّع به الأديب عودة من دقَّة ملاحظة وسرعة بديهة ولمسة دعابة وموقفٍ إنسانيٍّ تقدُّميّ وجرأة وقدرةٍ على الإبداع وخبرة ومعرفة عن أحوالنا ونظرة تفاؤليَّة للمستقبل. مبروكٌ عليك وعلينا هذا العمل الإبداعي وإلى الأمام يا عودة.

(الناصرة- صفورية)